في ظل الإمكانات الكبيرة التي يملكها الاقتصاد السعودي، تواصل الدولة –رعاها الله - تنفيذ الإصلاحات المتنوعة في كافة القطاعات سعياً لتعزيز النمو الاقتصادي وتنويع موارد الدولة بعيداً عن النفط، وذلك من خلال برنامج التحول الوطني 2020 الذي يعد الخطوة الأولى لتحقيق رؤية المملكة 2030. وفي هذا الإطار، يعتقد الرؤساء التنفيذيون في المملكة أن نمو الاقتصاد السعودي بمختلف قطاعاته يسير بشكل إيجابي، ووفق المسار الصحيح.
وعلى الرغم من هبوط أسعار النفط العالمية وتذبذبها، يواجهه اقتصاد المملكة من تحديات، ما يزالَ الرؤساء التنفيذيون يبدون تفاؤلًا، خصوصاً بعد إطلاق الحكومة العديد من البرامج والمبادرات. ومن المتوقع أن تسهم التكنولوجيات الناشئة في تحفيز الابتكار، والذي من شأنه أن يحدث تغييرات جذرية في نماذج الأعمال ويرفع وتيرة الجهود الرامية لتحقيق رؤية 2030 الطموحة.
جاء ذلك ضمن دراسة أصدرتها "كي بي إم جي" في السعودية مؤخراً تحت عنوان "التغيّر والنمو" استطلعت فيها آراء الرؤساء التنفيذيين في المملكة العربية السعودية، كيفية استجابتهم للتحديات واستفادتهم من الفرص المتاحة من خلال تهيئة مؤسساتهم لمواجهة هذه التحديات، وتطوير أنفسهم لمواكبة إيقاع التغير في قطاع الأعمال.
ومن هذا المنطلق، يسعى 88% من الرؤساء - حسب الاستطلاع - لزيادة مستويات الاستثمار في التكنولوجيات الناشئة كما أن كتل البيانات المتسلسلة، وإنترنت الأشياء، وأدوات تحليلات البيانات هي المجالات الثلاثة التي يركز عليها الرؤساء التنفيذيون. فمن شأن كتل البيانات المسلسلة أن تحدث تغييراً في قطاع الخدمات المالية ذي النمو السريع في المملكة ودول مجلس التعاون. أما سوق إنترنت الأشياء والاتصالات "بين آلة وأخرى"، فهو جزءٌ أساسيٌ من البنية التحتية لشبكات الإنترنت والتخزين السحابي في المرحلة القادمة. كما يتوقع لإنترنت الأشياء أن يحسن شمولية خدمات الرعاية الصحية ويساهم في تطوير خدمات عصرية؛ مثل: خدمات الرعاية الصحية عن بعد.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور سامر عبد الله، رئيس استشارات التحول الرقمي لدى "كي بي إم جي" في السعودية، أن اعتماد التكنولوجيات الناشئة لم يعد يمثل أحد الخيارات، بل أصبح اليوم مطلباً أساسياً؛ حيث تعدى التفكير العام مسألة "هل نتبناها؟"، ليصبح "أين وكيف ومتى". وأوضح الدكتور سامر "رصدنا تزايد تقدير الرؤساء التنفيذيين للأثر الذي ستحدثه تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي والروبوتات وغيرها من التكنولوجيات الناشئة على نماذج أعمالهم. ولذلك، فقد بات الرؤساء التنفيذيون يتبنون هذه التكنولوجيات كاستراتيجية للتحول في عملياتهم الأمامية والوسطى والخلفية في مسعىً لاستباق احتياجات عملائهم، والاستجابة لها بسرعة وفعالية من خلال منتجاتٍ وخدماتٍ مبتكرة".
ويضيف الدكتور سامر: " في الوقت الذي يعتقد أن التكنولوجيات الناشئة تحل محل القوى البشرية، فإن نجاح تبنيها وتطبيقها يعتمد اعتماداً كبيراً على توفر الكوادر المتخصصة وذات المهارة العالية، وهي كوادر نادرة ومطلوبة بشدة. فقد أضحى مطلوباً من الخبراء القيام بالتدريب والإشراف على التصميم وتخزين المحتوى تحليلات البيانات وتطوير التكنولوجيات وتحسينها. وعليه فإن الكوادر الموهوبة تصبح هي العلامة الفارقة مع تزايد أتمتة عمليات روتينية كثيرة لا تتطلب مهارات عالية وبتكاليف قليلة، كما يصبح الابتكار وسرعة الاستجابة من الركائز الأساسية للتنافسية بين الشركات."
وفي ظل الإقبال المتزايد على الاستثمار في هذه المجالات، تشير الدراسة إلى أن المخاطر كامنة بطبيعة الحال في كل جانب من جوانب بيئات الأعمال النشطة؛ حيث يتوقع 85% من الرؤساء التنفيذيين في المملكة مستوى عالياً من الاستثمارات في مجال الحوكمة وإدارة المخاطر خلال الأعوام الثلاثة المقبلة. وعليه، فهم يعتبرون الإدارة الفعالة للمخاطر على قدرٍ عالٍ من الأهمية بالنسبة للرؤساء التنفيذيين الذين يهتمون بالتقليل من آثار تلك المخاطر والاستفادة القصوى من الإمكانات المتاحة.
كذلك، تشير الدراسة إلى أن التكنولوجيا الناشئة تعتبر الأكبر من بين المخاطر التي يواجهها الرؤساء التنفيذيون، حيث يقر 95% منهم بأهمية التحوط من مخاطر الإنترنت باعتباره جزءاً هاماً من دورهم المنتظر كقادةٍ لشركاتهم .