١٤ جمادى الأولى ١٤٤٦هـ - ١٥ نوفمبر ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
المال والأعمال | الثلاثاء 16 يناير, 2018 3:00 صباحاً |
مشاركة:

"منتدى الإمارات للسياسات العامة" 2018 يدعو إلى تعميق الشراكة مع القطاع الخاص للوصول إلى حكومة المستقبل

دعت جلسات اليوم الأول من الدورة الثانية من "منتدى الإمارات للسياسات العامة" والذي تنظمه  كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، المؤسسة البحثية والتعليمية المتخصصة في السياسات العامة في العالم العربي، تحت شعار "مستقبل الشراكة مع القطاع الخاص"، إلى تعميق الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، أسوة بتوجهات حكومة المستقبل في دولة الامارات، كما ناقشت الجلسات سبل تفعيل دور هذه الشراكات في تحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي وتمكين القطاعات الرئيسية من القيام بدورها الحيوي في خدمة أفراد المجتمع وتقديم أفضل الخدمات. 

 

وبحث المشاركون في الحلقة النقاشية الأولى والتي حملت عنوان "مقارنة مع المملكة المتحدة في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص" عدة محاور رئيسية كان في مقدمتها التعقيدات المحيطة بالشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، وما يفرضه القطاع العام عالمياً على القطاع الخاص من ضرورة تقديم أفضل  المخرجات عقب إرساء المشاريع المشتركة، وما ينعكس عن ذلك من حاجته للتنظيم والتخطيط الدقيق للوصول إلى النتائج التي يتوقعها القطاع العام منه.

 

وقال اللورد فرنسيس مود، وزير دولة سابق للتجارة والاستثمار في الممكلة المتحدة، أنه في المراحل الأولية لصياغة نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المملكة المتحدة في فترة الثمانينات، ساد نموذج مبادرة التمويل الخاص التي قامت آنذاك على البحث عن بديل أقل تكلفة للتمويل، والقادر على تقديم نتائج أكثر ابتكاراً لإدارة الأعمال. لكن عدداً من التحديات واجهت تطور هذه الشراكات في ذاك الوقت، كان من أبرزها ضعف القدرة على توطيد العلاقات مع الحكومة لتنفيذ المسؤوليات المناطة بالقطاع الخاص اتجاهها بالشكل الأمثل.

 

وأضاف: "نرى في الوقت الراهن وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط إمكانات واضحة نابعة من الشفافية المطلقة في بعض دوله لإرساء نماذج متقدمة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والارتقاء بها سعياً إلى تحقيق أفضل المخرجات".

 

وفي تعليق له على الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع المياه والكهرباء في الشرق الأوسط، أشار شون جونسون المستشار القانوني في المملكة العربية السعودية، إلى أن القطاع الخاص استطاع إرساء نماذج ناجحة للشراكة في هذا القطاع بمنطقة الشرق الأوسط عبر تطوير وتحديث منظومة أعماله. وبالتالي أظهر قدرة على تحقيق النجاح في احدى القطاعات، بات من الضرورة تطبيقه في قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم وغيرها من القطاعات التي لم تختبر هذه الشراكة.

 

ومن جانبه قال رودريك جيليسبي: "إن قطاع التعليم هو الطريق المضمون لازدهار أي مجتمع، لذلك يتوجب وضع أسس مبتكرة للشراكات بين القطاعين العام والخاص في هذا القطاع الحيوي، والحصول على أفضل الخبرات والمهارات لإرساء نماذج تعليمية قادرة على مواكبة المتغيرات السريعة لهذا العصر. كما أن إطلاق المبادرات المعنية في هذا المجال أمر لا بد منه، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات والمخاطر االتي قد تنجم عن هذه العملية، ودراستها بشكل معمق ووضع حلول استباقية لمواجهتها".

 

من جانبها سلطت كيت أورفيس من شركة بينسنت ماسونز الضوء على المخاطر التي قد تواجه الشراكات في القطاع الصحي، والمتمثلة في سعي القطاع الخاص إلى تحقيق الربحية من الشراكات كون الاستثمار هو أداة نماء وازدهار أعمالهم الرئيسية، لذلك أكدت على أهمية التزام القطاع الخاص بجدول زمني دقيق لمراحل التنفيذ والتسليم انسجاماً مع أرقى الممارسات العالمية.

 

وأكدت هيلين سيلدن، من المؤسسة القومية للتعليم والبحث في المملكة المتحدة أن عمليات التقييم المستمرة والمحدثة أمر محوري لضمان التنفيذ الأمثل للشراكة بين القطاعين العام والخاص في التعليم، ولا بد من إجراء الأبحاث والتقييمات الدورية لرفد المواطنين بأفضل المخرجات وأرقاها، وضمان عملية تعليمية مراقبة تمهد الطريق نحو مستقبل واعد.

 

وحملت الجلسة النقاشية الثانية عنوان "الشراكة بين القطاعين العام والخاص: عامل محفز لإعادة الهيكلة وخصخصة الخدمات العامة"، وأوضح فيها منير فيروزي رئيس IFC في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مستشار مالي في الشراكة بين القطاعين العام والخاص والخصخصة بأن التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص قائم في غالب المجالات والقطاعات، وتعتمد هذه الشراكة على حجم الميزانية الحكومية، كما تتحقق الشراكة بصورتها المثلى عندما تكون هناك شفافية عالية خاصة في عمليات المشتريات وتقديم الخدمات والسلع. 

 

وأتبع فيروزي أن دور القطاع الحكومي في الشراكة يتمثل في الارشاد والنصح وضمان تحقيق الشفافية المطلقة، حيث تعتمد الشراكة على تنفيذ المشاريع في وقت مناسب يحدده طبيعة المشروع، وعدم التسرع والتأني في دراسة المشاريع والشركاء على حد سواء. وتابع بأنه ولتحقيق الهدف المرجو واستدامة الشراكة يجب على الحكومة تقديم حوافز لشركائها المتميزيين، خاصة أولئك الذين يتبنون سياسة تُعنى بالبيئة والصحة العامة.

 

وبين إياد الكردي: مدير عام شركة ماستر كارد بدولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان أن كلمة "شراكة" هي الشيء الأهم، بحيث يتوجب على كل طرف إفادة الطرف المقابل من خبراته، فالقطاع الخاص يتميز  بقدرته العالية على الابتكار وتحقيق المكاسب، بينما القطاع الحكومي فدافعه الرئيسي هو تقديم الخدمات للمواطنين.

 

بينما وضح الدكتور علوي الشيخ علي، عميد كلية الطب جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بأن القطاع الخاص الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة يتولى إدارة ثلثي المنشآت الصحية في الدولة، بينما تتولى الحكومة إدارة الثلث المتبقي، وتتولى الحكومة الإشراف على كفاءة الخدمات الصحية المتوفرة . وقد انتهجت الحكومة أسلوباً مختلفاً في بعض المنشآت، بحيث تكون المنشأة تابعة للحكومة بينما تديرها شركات خاصة، ذلك بالإضافة إلى المنشآت التي تديرها وتملكها الحكومة.

 

وأضاف الدكتور علوي، بالنسبة لقطاعات الصحة والتعليم، فقد تحمل الشراكة بعض المخاطر، ولتجنب ذلك يجب وضع إطار عام يحدد مهام الطرفين معاً، حيث تختلف أهداف القطاع الخاص الذي يهتم بالربح عن أهداف الحكومة التي تُعنى بتقديم الخدمات للمواطنين وتخفيف الضغط على الموازنات، وبناءً على ذلك يجب على الحكومة فرض الرقابة والتأكد من توفر عناصر المشروع كافة.

 

كما نوهت د. كلارا مورجان: استاذة العلوم السياسية في جامعة الإمارات بأنه كما في القطاع الصحي، فإن حجم مساهمة القطاع الخاص في قطاع التعليم عالية جداً، وبالتالي فإن على الحكومة إتاحة المزيد من الفرص للقطاع الخاص من أجل رفع كفاءة الخدمات المقدمة، مع فرض الرقابة على مقدمي الخدمات التعليمية.

 

وقالت بأن السياسة المتبعة من قبل الحكومة في عقد الشراكات وتنفيذها تمثل الأداة الرئيسية لتنفيذ رؤى الحكومة وتطلعاتها. ومهما كان الطرف الذي ستعقد الحكومة شراكتها معه، يجب أن يتبنى هذا الطرف نهج الحكومة وسياساتها، ففي عام 2009 سمحت الهند للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاع التعليم، لكنها فرضت على المؤسسات التعليمية الخاصة منح 25% من مقاعدها للطلبة الفقراء غير القادرين على دفع التكاليف. كما يمكن للحكومة الاستفادة من القطاع الخاص في مجالات التعليم المهني والتقني.

 

وقال ستيفن نايت، أخصائي قانوني في مجال الشراكة بين القطاعين العام والخاص في شركة ألين وأوفري العالمية للمحاماة بأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى تقديم الخدمات المختلفة من إدارة المشاريع والعمليات وتشغيل الآليات، والشراكة بين القطاع العام والخاص ليس لها محددات بل تعتمد على البيئة العامة وطبيعة المشروع ومكانه والقيمة الفعلية التي تضيفها الشراكة.  

 

كما شهد اليوم الأول جلسات علمية متوازية، بواقع أربع جلسات وهي: جلسة "الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، من مرحلة التعليم المبكر وحتى المتقدم"، وجلسة "الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مرحلة التطبيق، دبي والمملكة العربية السعودية كنماذج"، وجلسة "تنفيذ ومتابعة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص"، بالإضافة إلى محاضرة حول الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص.

 

حيث ناقشت الجلسة الأولى والتي حملت عنوان "الشراكة بين القطاعين العام والخاص ... من مرحلة الطفولة إلى مرحلة التعليم المتقدم" أهمية إعداد الأطفال وتسليحهم بالمعارف والمهارات اللازمة للحياة المهنية منذ نعومة أظفارهم، مروراً بمراحلهم العمرية المختلفة حتى وصولهم سن العمل الأمثل، عبر شراكات فعالة بين القطاعين العام والخاص. 

 

كما حث المشاركون في الجلسة القطاع الخاص في دولة الإمارات على توفير فرص العمل بدوام جزئي للطلاب الإماراتيين، وهو بطبيعة الحال نوع من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، سعياً إلى رفد الطلاب بالمهارات والمعارف اللازمة لتسليحهم بمتطلبات سوق العمل المعاصرة. 

 

وتم خلال الجلسة استعراض تقرير حول أهمية صقل خبرات الطلاب عبر الوظائف التدريبية ذات الدوام الجزئي، وقدمت مجموعة من التوصيات التي تتلخص في ضمان حصول الطلاب الإماراتيين على التعليم الأمثل وإعدادهم للمشاركة في صناعة مستقبل الدولة ومواكبة مهن المستقبل، وأثنت على الخطوات المبتكرة التي اتخذتها دولة الإمارات في هذا الصدد.

 

واستعرضت الجلسة العلمية الثانية "الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص في مرحلة التطبيق: دبي والمملكة العربية السعودية" تطبيقات الشراكة بين مؤسسات القطاعين العام والخاص في مجالي التعليم والصحة بالمملكة العربية السعودية و بدبي، إلى جانب استعراض أهم التحديات التي تواجه  نجاح و تقدم مؤسسات القطاعين، كما سلطت الجلسة الضوء على أهم الفرص التي يمكن الاستفادة منها في تحقيق منظومة عمل متكاملة تشكل مؤسسات القطاعين و تحقق استدامة الاقتصاد

 

وشرحت الدكتورة منيرة جمجوم تجربة شركة إمكان التعليمية بالمملكة العربية السعودية في قطاع التعليم والجهود الرامية إلى الارتقاء بجودة التعليم وتحسين مخرجاته لاسيما في ظل تخصيص الحكومة لدعم مالي ضخم بما يسهل تطبيق مشاريع متميزة ترتقي بسوية منظومة التعليم بالمملكة ، وخلصت الدكتورة جمجوم بجملة من التوصيات أهمها الاشارة لأهمية تعزيز و تفعيل دور القطاع الخاص في تقديم نماذج جديدة ومبتكرة تدعم تحقيق الاهداف الاستراتيجية للقطاع إلى جانب اعادة النظر في السياسات المعمول بها حاليا بحيث تواكب أفضل الممارسات المطبقة عالميا بما يتناسب مع رؤية المملكة 2030.

 

وقدم الدكتور إيمانويل مونيسار من كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية استطلاع رأي أجرته هيئة الصحة بدبي حول واقع خدمات قطاع الصحة والرعاية الطبية بدبي والتي شملت شريحة واسعة من المجتمع وصلت إلى 5855 مشترك آخذة بعين الاعتبار اختلاف الديموغرافيا مثل الجنس و الجنسية و العمر و المستوى الاجتماعي وتضمن الاستطلاع جميع الخدمات الطبية التي يتلقاها الفرد منذ ولادته وخلال حياته، وخلصت الدراسة إلى تحديد 4 عوامل رئيسية مؤثر في تحقيق رضا المتعاملين مع مؤسسات القطاعي الصحي و جاء في مقدمتها الجودة، سهولة الوصول إلى الخدمات، سرعة الاستجابة، و القيمة المادية لقاء الخدمات.

 

وبحث المشاركون في الجلسة العلمية الثالثة، والتي حملت عنوان "تنفيذ ومتابعة الشراكة بين القطاعين العام والخاص" تجربة الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص في مجال التعليم في استراليا، حيث أكد المشاركون بأن الشراكة الناجحة في قطاع التعليم تعتمد على وجود هدف استراتيجي محدد، وإدراك الفوائد التي سيحصل عليها كلا الطرفين "قيمة الشراكة"، ومعرفة مقومات الشراكة والتنظيم المحكم ومعرفة إلى أي مدى يمكننا الاعتماد على هذه الشراكة.

 

وبين المشاركون ما يمكن أن تضيفه الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص من تسهيلات وفوائد إلى قطاع النقل، فقطاع النقل على قدر عال من الأهمية لضمان كفاءة الاقتصاد في اي بلد، حيث يواجه قطاع النقل على مستوى العالم العديد من التحديات بداية بكفاءة البنى التحتية وإمكانية مواكبة التطور التكنولوجي وختاماً بتحديات خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة، وهذا ما دفع دولة الإمارات إلى وضع خطة لخفض الإنبعاثات بنسبة 20% حتى عام 2030 و بنسبة 50% عام 2050، وذلك عبر استخدام السيارات الكهربائية.

 

كما أكد المشاركون على ضرورة العمل على مواكبة التطورات وأن تكون الحكومات أكثر مرونة في سياستها بهذا الخصوص.، مبينين بأن الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص قد ساهمت في بناء الطرق والبنى التحتية وتطبيق أنظمة متطورة كما في نظام "سالك" في دبي، مبينين بأن نظام الشراكة ساعد الحكومة على التقليل من المصاريف وبالتالي استغلال مواردها الاقتصادية في قطاعات أخرى، وكذلك زيادة عنصر الابتكار واتاحة حيز أمام التكنولوجيات الجديدة.

 

وفي ذات السياق، استعرضت الجلسة العلمية الرابعة بعنوان "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" نظرة شاملة حول جذور الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص عبر التاريخ، وتناولت تعريف هذه الشراكة وأهدافها من وجهة نظر القطاعين، حيث تطرق المشاركون في الجلسة إلى حاجة القطاع العام لهذا النوع من الشراكة بسبب الموارد المحدودة، والحاجة الدائمة إلى تطوير البنى التحتية، وتوظيف الابتكار في تطويرها، والمشاركة مع القطاع الخاص في خفض التكاليف وتقليل المدة المطلوبة لإنجاز المشاريع.

 

كما عرفت الجلسة مفهوم الشراكة من منظور علمي، بأنها شراكة تعاقدية مبنية على عقد لفترة محددة وبشروط معينة، يكون القطاع العام فيها مسؤولاً عن نطاق المشروع وبرنامجه الوظيفي، أما مسؤولية تأمين كل أو جزء من التمويل اللازم للمشروع تقع على القطاع الخاص، بما في ذلك الإنشاء والتشغيل والصيانة.

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة