صوت البريطانيون، بحسب تقديرات الشبكات الإعلامية الكبرى في بريطانيا الجمعة، لمصلحة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في استفتاء تاريخي بدأت آثاره الأولى تظهر في الأسواق المالية الآسيوية. وبلغت نسبة مؤيدي الخروج من الاتحاد 51 بالمئة، كما تفيد تقديرات شبكتي "بي بي سي" و"سكاي نيوز" بعد فرز الأصوات في 302 من أصل 382 مركزا للاقتراع. وكانت المشاركة كبيرة، إذ بلغت نسبتها 72,2 بالمئة، حسب أرقام رسمية.
ومع تقدم مؤيدي الخروج من الاتحاد، أعلنت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستارجن الجمعة أن اسكتلندا "ترى مستقبلها داخل الاتحاد الأوروبي". وقالت "بانتظار النتيجة النهائية، يدل التصويت هنا (في اسكتلندا) على ان الاسكتلنديين يرون مستقبلهم داخل الاتحاد الأوروبي". ودعا حزب "شين فين"، الواجهة السياسية للجيش الجمهوري الايرلندي، صباح الجمعة إلى استفتاء حول ايرلندا موحدة. وصوتت كل من اسكتلندا وايرلندا مع البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وسجلت أسهم الشركات الكبرى في بورصة طوكيو تراجعا تجاوز نسبته الثمانية بالمئة الجمعة مع تقدم فريق مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وانخفض مؤشر سوق المبادلات في طوكيو نيكاي 8,30 بالمئة أو 1347,79 نقطة إلى 14890,56 نقطة. أما مؤشر توبيكس الأوسع فقد هبط 8,16 بالمئة بخسارته 105,91 نقطة إلى 1192,80 نقطة.
ودعا وزير المالية الياباني تارو اسو إلى مؤتمر صحافي عاجل مع ارتفاع سعر الين أيضا. وبلغ سعر الدولار منتصف النهار (بالتوقيت المحلي) 99,04 ينا وهو رقم لم يسجل منذنوفمبر 2013. وكان زعيم حزب الاستقلال البريطاني (يوكيب) المناهض للاتحاد الأوروبي والمهاجرين نايجل فاراج، اعلن قبيل إعلان تقديرات "سكاي نيوز" و"بي بي سي"، انه بدأ "يحلم بمملكة متحدة مستقلة".
وقال فاراج لناشطين مؤيدين للخروج من الاتحاد في احد مباني لندن "أجرؤ الآن أن أحلم بأن الفجر مقبل على مملكة متحدة مستقلة". وأضاف "إذا تحققت التوقعات فسيكون ذلك انتصار للأشخاص الصادقين، الأشخاص العاديين". وتابع فاراج، مؤسس حزب الاستقلال الذي يدعو منذ بداياته إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، "فعلنا ذلك من اجل أوروبا بأكملها. آمل أن يسقط هذا الانتصار ذاك المشروع الفاشل وان يدفعنا باتجاه أوروبا مكونة من دول سيادية".
وأكد وسط حشد متحمس "لنتخلص من العلم (الأوروبي) ومن بروكسل (المفوضية الأوروبية) ومن كل ما فشل. لنجعل من الثالث والعشرين من يونيو يوم استقلالنا". وكان مراهنون يشيرون عند إغلاق مراكز التصويت في الساعة 21,00 بتوقيت غرينتش الخميس إلى أن فرص فوز معسكر البقاء في الاتحاد الأوروبي تتجاوز التسعين بالمئة.
ويفترض أن تعلن صباح الجمعة النتيجة الرسمية لهذا الاستفتاء الذي ستكون له تداعيات هائلة على بريطانيا وأوروبا بأكملها. وفي المدن الكبرى بما فيها العاصمة لندن، تنتظر تجمعات شعبية النتائج النهائية. وقد صوت حي الأعمال بأغلبية ساحقة مع البقاء في الاتحاد، لكن عدد الأصوات ليس كبيرا ليؤثر على النتيجة.
وفي مقر حملة "صوتوا على الخروج" (فوت ليف) في مبنى لندني، سادت أجواء احتفالية وفتحت زجاجات الشمبانيا مع إعلان تقدم مؤيدي الخروج في اول مدينة، وهي ساندرلاند. واستقبل الحشد بهتافات فرح إعلان التلفزيون عن كل نتيجة مؤيدة للخروج من الاتحاد. وأشار استطلاع أخير نشر ليلا إلى تقدم معسكر البقاء في الاتحاد. وأفاد استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوغوف أن 52 في المئة صوتوا لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، في مقابل 48 في المئة ايدوا الخروج منه.
وتحدثت "يوغوف" مع 4772 شخصا كانت تحدثت معهم الأربعاء، لمعرفة كيف صوتوا فعليا. وتدخل كل القادة الأوروبيين لمحاولة إبقاء البريطانيين داخل الاتحاد، نتيجة الإدراك أن خروج بريطانيا سيشكل تهديدا لنادي الدول الأعضاء.
وحذرت كل المؤسسات الدولية، من صندوق النقد الدولي إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من أن خروج بريطانيا سيؤدي إلى عواقب سلبية على الأمد البعيد ناهيك عن التبعات الاقتصادية الفورية. واقترع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي خاض حملة من اجل البقاء في لندن برفقة زوجته سامانثا، دون الإدلاء بتعليق. لكنه دعا لاحقا على موقع تويتر مواطنيه إلى اختيار البقاء لضمان "مستقبل أفضل" حسب قوله.
كما صوت رئيس حزب العمال المعارض جيريمي كوربن المؤيد للبقاء في احد مراكز التصويت في لندن. وردا على سؤال حول فرص فوز معسكره، قال ممازحا "يمكنكم أن تسألوا وكلاء المراهنة" الذين رجحوا كفة "البقاء". وكان نايجل فاراج كتب في تغريدة على تويتر لتعبئة مناصريه مساء "إذا كنتم تريدون استعادة حدودكم وديموقراطيتكم وبلدكم، صوتوا لصالح الخروج". وقال رئيس بلدية لندن السابق المؤيد للبقاء بوريس جونسون إن النتائج "ستكون متقاربة جدا".
وكان على المقترعين ان يجيبوا على سؤال "هل يجب ان تبقى المملكة المتحدة عضوا في الاتحاد الأوروبي أو أن تغادر الاتحاد الأوروبي؟". وفي لندن والجنوب الشرقي، توقفت وسائل النقل عن العمل بسبب سوء الأحوال الجوية، كما أغلقت مراكز اقتراع عدة أبوابها مؤقتا خلال النهار بعدما غمرتها المياه.
وقد يثير اضطرابات سياسية مع احتمال رحيل محتمل لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون الذي يجازف بمكانته في التاريخ عبر هذا الاستفتاء. وفي هذا الإطار، وقع نحو 84 نائبا محافظا من المشككين في الاتحاد الأوروبي والمؤيدين لخروج بريطانيا منه، رسالة الخميس أكدوا فيها دعمهم لبقاء كاميرون رئيسا للوزراء، مهما كانت نتيجة الاستفتاء. ومن بين الموقعين بوريس جونسون.