تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله – افتتح معالي وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، أعمال منتدى فرص الأعمال السعودي الأمريكي الرابع، الذي تنظمه الوزارة في العاصمة الرياض بمشاركة حشدٍ من صناع القرار وكبار المسؤولين الحكوميين، ونخبة من رجال وسيدات الأعمال والتجارة من كلا البلدين الصديقين، وذلك في مسعى للارتقاء بالشراكة الاستراتيجية الجديدة بين البلدين لترقى إلى تحديات ومتطلبات القرن الحادي والعشرين في مختلف المجالات.
وخلال كلمته التي ألقاها في مستهل فعاليات المنتدى، أعرب معالي وزير التجارة والصناعة، الدكتور توفيق الربيعة، عن اعتزازه برعاية المقام السامي لمنتدى فرص الأعمال السعودي الأمريكي الرابع، والذي يعقد هذا العام في المملكة العربية السعودية بعد أن عقد دوراته الثلاث في الولايات المتحدة الأمريكية. مشيراً معاليه إلى أن ذلك يدل على اهتمامه –يحفظه الله- بعمق العلاقات التي تربط المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية وحرصه -رعاه الله- على الدفع بتلك العلاقات في جميع المجالات إلى آفاق أرحب وتعاون مثمر تنفيذا للإعلان الصادر في ختام زيارته الميمونة -رعاه الله- لواشنطن وإعلان البلدين إطلاق تعاون استراتيجي نحو القرن الحادي والعشرين.
وأشار معالي الوزير إلى أنه منذ تأسيس المملكة العربية السعودية وحتى الآن، مرت العلاقات السعودية الأمريكية بمراحل حملت كلٌ منها تاريخاً مميزاً للعلاقات الخارجية على كافة الأصعدة مع الولايات المتحدة، حيث بدأت العلاقات الاقتصادية السعودية - الأمريكية عام 1931م حينما منح المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز حق التنقيب عن النفط في المملكة العربية السعودية إلى شركة أمريكية. وبين معاليه أن الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 2015 الأثر الكبير في علاقات البلدين، مع الإعلان عن انطلاق علاقات استراتيجية نحو القرن الحادي والعشرين، متمنياً معاليه أن تكلل أعمال هذا المنتدى بالنجاح والتوفيق خدمة للمصالح المشتركة والتوجيهات العليا من قيادتي البلدين لتطوير العلاقات الثنائية في جميع المجالات.
معالي الوزير الربيعة أوضح أن المملكة العربية السعودية شهدت في السنوات الأخيرة إنجازات اقتصادية غير مسبوقة، امتدت من تحسين أداء الاقتصاد الكلي للدولة، لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، لتشكل في مجملها إنجازات تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته مما يضعها في رقم جديد منافسٍ على خارطة دول العالم الأول.
وتطرق معالي الوزير لبيانات صندوق النقد الدولي الصادرة في نهاية فبراير 2016، والتي بينت احتلال المملكة سابع أكبر اقتصاد عالمي عضو في الصندوق، بإجمالي مخصصات في الصندوق بلغ نحو 7 مليارات، ووحدة حقوق سحب خاصة بلغت 35 مليار ريال، في حين أن حصة المملكة تمثل وفقاً لتقارير الصندوق نحو 73.3% من إجمالي حصص دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ونحو 47.2% من إجمالي حصص الدول العربية، ونحو 3.4% من إجمالي حصص الدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي.
وبين معالي الوزير الربيعة أن الصادرات غير النفطية إلى الولايات المتحدة سجلت بدورها زيادة بنسبة 25٪ سنوياً خلال الفترة من 2010 إلى 2014 م، وشدد معاليه على أن التعاون الفني يعتبر أحد مجالات التعاون الهامة مع الولايات المتحدة، وذلك لكون الولايات المتحدة أحد أهم مصادر تدفق المعرفة والتقنية للمملكة، وقد تم في إطار اتفاقية التعاون الفني الموقعة عام 1975م الاتفاق على 38 برنامجاً تتضمن توفير الخبراء الفنيين وتدريب الكوادر السعودية، وتتولى حكومة البلاد تمويل كافة البرامج المتفق عليها.
وأكد معالي الوزير أنه ما يزال للأفق نظره في ظل القيادة الحكيمة لمقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد الأمين وزير الداخلية وسمو ولي ولي العهد وزير الدفاع حفظهم الله جميعاً. وذكر معاليه أن من ذلك إطلاق مبادرة التحول الاقتصادي للمملكة وتشكيل فرق العمل لبلورة التوجه والذي سوف يخدم الاقتصاد السعودي ويقلل الاعتماد على النفط ليتم تنويع مصادره والنهوض بالصناعات الوطنية نحو أفاق الصناعات المعرفية والإبداعية بإذن الله تعالى.
وحول الأهمية التي يتميز بها منتدى الأعمال السعودي الأمريكي، شدد معالي الوزير على أن إقامة مثل هذه الأحداث لها دور هام في إيجاد آلية مؤسساتية يتم من خلالها التواصل وتأسيس تعاون تجاري واستثماري بين البلدين، والتعريف بالمنتجات وفرص الاستثمار المتاحة في مختلف المجالات، والتأكيد على المملكة صديقاً وشريكاً تجارياً هاماً للولايات المتحدة الأمريكية، وتعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والتجارية والمعرفية بين البلدين.
ونوه معالي الوزير إلى ضرورة إدراك أبعاد وتحديات الاقتصاد العالمي، داعياً إلى تطوير أسلوبٍ ومنهجٍ لمواجهة تلك التحديات بسرعة وكفاءة، واستغلال الفرص المتاحة، والبحث عن المزيد منها، مبيناً معاليه أن المنتدى يعد من أهم الآليات الداعمة للعلاقات التجارية والاستثمارية وقطاع الأعمال في البلدين، ولا شك له الأثر الإيجابي في تحقيق التقدم التجاري والاستثماري بينهما، حيث أن حكومتا البلدين تعولان على دعم وتطوير التبادل التجاري والاستثماري بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، وصرح معاليه أن تلك الجهود المشتركة أفضت في تحقيق تقدمٍ ملحوظٍ في زيادة حجم التبادل التجاري بين المملكة والولايات المتحدة الامريكية حتى بلغ في العام 2014م (248) مليار ريال، تمثل قيمة الصادرات السعودية إلى أمريكا (163) مليار ريال، وتمثل الواردات من أمريكا 85 مليار ريال. في حين تحتل أمريكا المرتبة الأولى بين أكبر عشر دول مستوردة من المملكة، والمرتبة الثانية بين أكبر عشر دولٍ مصدرةٍ إلى المملكة.
وخلال الجلسة الرئيسية للمنتدى السعودي الأميركي الرابع، صرح معالي الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية، أن نمو الاقتصاد العالمي لا يزال أقل من التطلعات، حيث تراجعت آفاق النمو العالمي منذ أكتوبر 2015 في كافة المناطق. كما أشار معاليه إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاع حدة تقلبات أسواق المال العالمية، ما أدى إلى تقييد التمويل في أسواق المال العالمية خاصة بالنسبة للأسواق الناشئة.
وبين معالي الوزير إلى أن التطورات الأخيرة تعكس في أسواق المال العالمية إعادة تقييم المتعاملين في الأسواق للمخاطر والمخاوف من تراجع آفاق نمو الاقتصاد العالمي، في حين لعب انخفاض مستويات السيولة دوراً في زيادة حدة التقلبات بالأسواق، وتباطأت حركة التجارة الخارجية على المستوى العالمي، الأمر الذي يمكن أن يكون له أثر سلبي على أداء الاقتصاد العالمي خلال الفترة القادمة.
ونوه معالي الوزير إلى أن الأثر الإيجابي لتراجع أسعار السلع الأولية على الدول المستوردة بصفة عامة أقل مما كان متوقعاً حتى الآن، ويعود ذلك إلى عدد من العوامل التي أدّت إلى تقليل أثر انخفاض أسعار السلع الأولية من أهمها والإجراءات الإدارية في عدد من الدول والتي تحد من انتقال الانخفاض في الأسعار العالمية إلى الأسعار المحلية.
وفي ضوء التحديات والمخاطر التي تحيط بآفاق الاقتصاد العالمي ، أشار معالي الوزير العساف إلى أهمية تعزيز الجهود على المستويات المحلية والدولية لاتباع سياسات متوازنة لتحفيز النشاط الاقتصادي وحركة التجارة العالمية والمحافظة على استقرار النظام المالي العالمي. هذا بالإضافة إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تحفيز الاستثمار الخاص ورفع معدلات الإنتاجية، وعلى الجانب الآخر يعمل الكثير من الدول المصدرة للسلع الأولية ــ ومنها المملكة ــ على مواجهة هذه التحديات بتبني الإصلاحات المناسبة لكل منها.
وتعد العلاقات السعودية الأميركية من أقوى التحالفات السياسية والتجارية وأطولها أمداً على مستوى العالم، حيث تعود جذورها إلى عصر اكتشاف الشركة الأمريكيةStandard Oil Company of California للنفط في المملكة عام 1933م، وأرسى دعائمها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود – رحمه الله- من خلال اللقاء التاريخي الذي جمعه - رحمه الله- بالرئيس الأمريكي الراحل فرانكلن دي روزفلت عام 1945م.