في فعالية متميّزة استضافها فندق ’بارك روتانا أبوظبي‘ البارحة وحضرها نخبة من الخبراء الإقليميين، تم إطلاق تحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة قصور القلب، أول مجموعة إقليمية متخصصة بعلاج قصور القلب. واستقطبت ورشة العمل ’تخطي تحديات علاج مرض قصور القلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا‘ مجموعة من الروّاد في مجال الرعاية الصحية وصنّاع السياسة وخبراء قصور القلب من شتى أنحاء المنطقة لمناقشة نتائج تقرير خارطة طريق قصور القلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - وهي دراسة معمّقة أجرتها شراكة السياسة الصحية. وقيّم التقرير الاحتياجات التي لم تتم تلبيتها والعراقيل والفرص الكامنة لتغيير السياسات بما يكفل تخفيض معدلات الاعتلال والوفيات بين مرضى قصور القلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وسيركز تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لقصور القلب على مكافحة قصور القلب ووضع خارطة طريق واضحة المعالم للإجراءات ذات الأولوية، وتطوير جملة التدخلات والسياسات المعتمدة محلياً والتي تنسجم مع مجالات التركيز الأساسية التي حددتها نتائج تقرير خارطة الطريق.
وأتاحت الفعالية الإقليمية، التي رعتها شركة ’نوفارتس‘ العالمية المتخصصة في مجال الأدوية، للاتحاد إمكانية تحديد الأولويات الرئيسية لعلاج قصور القلب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمملكة العربية السعودية، والتي تضمنت: توعية العموم والمرضى والمتخصصين وتعزيز معارفهم؛ ووضع استراتيجيات وطنية شاملة وفريدة من نوعها؛ وإنشاء قياسات وبيانات أفضل؛ والعمل وفق مسارات رعاية صحية ومبادئ توجيهية مستمرة. ويتكون الاتحاد من نخبة من الخبراء ومنهم الدكتور الأستاذ فراس بدر، اختصاصي طب القلب والأوعية الدموية من مستشفى ’كليفلاند كلينك‘ (الإمارات)؛ والدكتور باسم صبحي، المتخصص الاستشاري في أمراض القلب و رئيس عيادات قصور القلب بالمعهد القومي للقلب، القاهرة (مصر)؛ والدكتور وليد الحبيب، سكرتير عام الجمعية السعودية للقلب و رئيس مجموعة قصور القلب السعودية (المملكة العربية السعودية)؛ والدكتور كمال الغلاييني، استشاري أمراض القلب و رئيس القسم الطبي و مدير برنامج قصور القلب و معمل أمراض القلب الغير تداخلية بجامعة الملك عبد العزيز (المملكة العربية السعودية)؛ والسيدة هند سليمان، أحد مرضى قصور القلب وهي عضوة بالجمعية المصرية لرعاية مرضى قصور القلب (مصر)؛ والسيدة أنجيلا مسّوح، المتخصصة في تمريض قصور القلب لدى المركز الصحّي التابع للجامعة الأميركية في بيروت (لبنان).
وفي كلمة ألقاها بالفعالية، قال عضو التحالف الدكتور وليد الحبيب، رئيس مجموعة قصور القلب السعودية (المملكة العربية السعودية) "تحتوي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على شريحة واسعة تعاني من قصور القلب هي الأكبر حول العالم، بحيث يصاب سكان هذه المنطقة بقصور القلب في سن أصغر 10 سنوات بالمقارنة مع نظرائهم في الدول الغربية[1]. وعلى الرغم من التحسن الكبير في عمليات تشخيص وشفاء المرضى الذين يعانون من أمراض الشريان التاجي، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب الخلقية، ما زال انتشار الإصابة بقصور القلب في ازدياد مستمر[2]. ويوجد في السعودية، على سبيل المثال، قرابة 400 ألف مصاب بحالات قصور القلب[3]".
وأشارت إحدى الدراسات التي أجرتها ’تي.إن.إس‘ المملكة المتحدة في عام 2014 إلى أن الناس عموماً أكثر خشية من الإصابة بالسكتة الدماغية (41%)، وحالات السرطان المتقدمة (43%) أو النوبات القلبية (12%) بالمقارنة مع قصور القلب (4%)، على الرغم من أنه أكثر تسبباً بالوفيات[4]
وأضاف الدكتور وليد: "نلمس انخفاضاً واضحاً لمستوى الوعي بقصور القلب بين العامة ومتخصصي الرعاية الصحية وصنّاع السياسة، مما يؤثر على مختلف جوانب العناية بمرضى قصور القلب، فضلاً عن محدودية المواد التعليمية والدعم المناسب لمساعدة المرضى ومقدمي الرعاية الصحية على إدراك الحالة. وقد يؤدي هذا إلى تشخيص متأخر للحالة المرضية، وتوفير عناية ذاتية غير كافية، أو الحد من قدرة المرضى على اتخاذ قرارات الرعاية أو العلاج. وتتجلى إحدى جوانب التركيز الرئيسية لتحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقصور القلب في العمل مع شريحة واسعة من الأطباء المتخصصين ومقدمي الرعاية الصحية لزيادة التوعية بهذا المرض وضمان قدرة المرضى ومتخصصي الرعاية الصحية على اتخاذ قرارات واعية".
وغالباً ما تحدث الإصابة بقصور القلب إثر معاناة عضلة القلب من ضعف مفاجئ جرّاء أزمة قلبية أو أحد الأمراض الأخرى التي تؤثر على القلب، أو نتيجة لتلف متنام تدريجياً جرّاء الإصابة بالسكري، أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي[5],[6]. وتشمل عوامل الخطر الشائعة للإصابة بقصور القلب كلاً من ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، وفرط شحوم الدم التي تؤدي للإصابة بمرض الشريان التاجي، وتدخين التبغ ومضغ القات والبدانة، والتي يرتبط العديد منها بأنماط حياة تحاكي الثقافة الغربية وتنتشر بشكل كبير حالياً بين سكان منطقة الشرق الأوسط.
ومن جانبه، قال الدكتور كمال الغلاييني، استشاري أمراض القلب في جامعة الملك عبد العزيز (المملكة العربية السعودية)، وأحد أعضاء تحالف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقصور القلب: "على الرغم من وجود استراتيجيات شاملة للرعاية الصحية فيما يخص أمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض غير المعدية في المنطقة، فإننا بحاجة للعمل مع حكوماتنا لضمان إدراج قصور القلب في أطر العمل هذه؛ وتبدي دولة الإمارات العربية المتحدة استعدادها لتحمّل أعبائها المتوقعة في المستقبل".
كما أشار تقرير خارطة طريق قصور القلب إلى التحديات الفريدة التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من حيث قصور القلب، مما يتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية مماثلة. وتشير الدراسات إلى أن معدلات إعادة الاستشفاء (دخول المستشفى للعلاج مرة أخرى) أعلى بكثير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمقارنة مع الدول الأخرى. ويمكن أن تستند هذه النتائج جزئياً إلى عدم كفاية الوعي بقصور القلب وفهمه على كافة مستويات النظام الصحي والمتابعة غير الكافية للمريض. وينجم عن معدلات إعادة القبول المرتفعة هذه تكاليف مرتفعة يمكن تجنّبها في كثير من الأحيان.
وأضاف الدكتور الغلاييني: "يعتزم اتحاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقصور القلب إيلاء مزيد من الاهتمام على جمع البيانات الشاملة والدقيقة حول أعباء قصور القلب في هذه المنطقة باعتبارها السبب الرئيسي لقلة الاهتمام بتشخيص المرض وعلاجه والوقاية منه. ويعتبر قصور القلب المسبّب الأول لدخول المشفى حول العالم بين الأشخاص الذين تخطّت أعمارهم 65 عاماً[7]، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية على المرضى وعائلاتهم. ويتوقع ارتفاع الضغوط الناجمة عن قصور القلب في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نظراً لارتفاع معدل انتشار عوامل الخطر المسببة للأمراض غير المعدية في المنطقة، والتي غالباً ما تركت دون معالجة".
وختم الدكتور الغلاييني حديثه بالقول: "يسهم إدراك الجوانب الاجتماعية والثقافية التي تؤثر على المرض في المساعدة على تطوير تدخلات وسياسات يمكن تطبيقها محلياً. وينبغي أن تسارع الحكومات لاتخاذ إجراءات محددة تنسجم مع احتياجات وظروف المنطقة وكل دولة على حدة".
ومن النقاط الرئيسية الأخرى التي تمت مناقشتها كيفية بناء مسارات رعاية صحية ومبادئ توجيهية مستمرة لمرضى قصور القلب، بما في ذلك: إدراك أهمية الوقاية؛ وإجراء تشخيص دقيق وفي الوقت المناسب؛ والحرص على منح المرضى رعاية صحية مبنية على التوجيهات الصحيحة أثناء التواجد في المشفى؛ وإدراك أهمية مراقبة وعلاج قصور القلب خارج المشفى؛ ومنح المرضى الأدوات اللازمة والدعم المناسب لإجراء مراقبة ذاتية وتحقيق العلاج الذاتي.
وسيباشر تحالف منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لقصور القلب منذ الآن في إنشاء برامج شاملة لعلاج قصور القلب في مختلف أرجاء المنطقة، بهدف مساعدة المرضى في الحصول على رعاية صحية مناسبة وأكثر إنصافاً، وتعزيز الالتزام والتوافق بين الأطباء وصنّاع السياسات.