دعت قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، جميع الحكومات وقطاع الأعمال والمجتمع المدني في المنطقة والعالم، إلى اتخاذ خطوات عملية من أجل تمكين المرأة اقتصادياً، وتعزيز دورها في عملية التنمية المستدامة، وفقاً للبند الخامس من أجندة التنمية المستدامة 2030، التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015. مؤكدة سموها أن توظيف قدرات المرأة في قطاعات الأعمال المختلفة من شأنه إحداث طفرة اقتصادية هائلة تمتد آثارها لتشمل جميع الشركات ضمن مختلف القطاعات.
وأكدت سموها، بمناسبة استعداد دولة الامارات لاستضافة فعاليات الدورة الأولى من "القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة" يومي 4 و5 ديسمبر 2017 في مركز إكسبو الشارقة، التي تنظم بالتعاون بين مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، أن العالم يخسر يومياً مليارات الدولارات والفرص الحقيقية لتعزيز الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة جرّاء عدم تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في العديد من الدول العالم، مما يضعف من مشاركة المرأة في مسيرة التنمية الاقتصادية.
وقالت سموها: "حان الوقت لاستثمار هذا المورد البشري الثمين، وتمكين المرأة من تحقيق نقلة نوعية على المستوى الاقتصادي ،المرأة شريك أساسي في البنية الاقتصادية للمجتمعات، ولا يمكن أن تبلغ أي دولة ذروة عطاءها وإنتاجها الفكري والمعرفي والاقتصادي من دون توفير بنية تشريعية وتحتية تؤسس لمنظومة اقتصادية على مبدأ التكامل والتكافؤ بين الرجل والمرأة."
وأضافت رئيسة "نماء" أن "تنفيذ الخطة الأممية الهادفة إلى تمكين المرأة اقتصادياً وإشراكها في مسيرة التنمية إلى جانب الرجل، هي الحل الأمثل لمجتمعات أكثر ازدهاراً واستقراراً في عالمنا الذي يشهد تغيرات اقتصادية وسياسية متسارعة، وصراعات على مصادر المياه والغذاء والطاقة، ونحن على قناعة تامة أن تمكين المرأة سوف يجلب المزيد من السلام والرخاء إلى هذا العالم المسكون بالطمع والخوف والفقر".
وأوضحت سموها: "إننا جميعاً مطالبون بتحمل مسؤولياتنا الإنسانية والأخلاقية والسياسية تجاه الملايين من الفتيات والنساء والأطفال اللذين يعيشون تحت خط الفقر منذ عقود طويلة، في انتظار فرصة لم تأت يوماً بسبب تقاعس المجتمع الدولي تجاه قضايا تمكين المرأة. إننا جميعاً، دولاً وحكومات وشركات وأفراداً، نتحمل هذه المسؤولية الجسيمة في حرمان ملايين النساء حول العالم من حق العمل والإنتاج والإبداع والابتكار، وبالتالي عجزهن عن تحقيق الاكتفاء الذاتي لأنفسهن ولأجيال المستقبل".
وتابعت سمو الشيخة جواهر القاسمي: "يجب أن يتحمل المجتمع الدولي بكل أطيافه مسؤولياته بجدية في تمكين المرأة اقتصادياً، بدلاً من رفعه شعارات لتحقيق أهداف سياسية أو دعائية، ليصبح تمكينها هدفاً ملحّاً لإعادة التوازن إلى دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مجتمعات تتراجع فيها القدرات الإنتاجية والطاقات الإبداعية، بسبب غياب التكافؤ بين الجنسين، وتهميش دور المرأة في مجتمعاتها، تحت مبررات متباينة وغير مقنعة".
ووجهت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، الدعوة إلى قطاعات الأعمال في المنطقة والعالم إلى تبني استراتيجيات وبرامج عملية، لتنفيذ مبدأ المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في سوق العمل، قائلة: "ندرك جميعاً أن القطاع الخاص محور أساسي في تعزيز جهود التنمية في المجتمعات، ولكن على الرغم من أهميته، فإن هذا القطاع الحيوي لا يزال يعمل بنصف طاقته الحقيقية في بعض الدول، ولم يحسن الاستثمار السليم للطاقة الإنتاجية الكامنة في نصفه الآخر (المرأة)، ونحن اليوم ندعوه لأن يعيد تفعيل هذه الطاقات الكبيرة حتى يتمكن من إعادة النشاط إلى الدورة الاقتصادية العالمية، وكل ما عليه هو الاستفادة من المرأة القادرة على إضافة تريليونات الدولارات إلى الناتج الإجمالي العالمي خلال الأعوام القليلة المقبلة، وفقاً لتقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس)".
وقالت رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة: "تشير الدراسات الصادرة عن مؤسسة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن تحقيق تكافؤ الفرص والمساواة بين الرجل والمرأة في أسواق العمل وريادة الأعمال عالمياً، سيسهم بنحو 28 تريليون دولار في منظومة الاقتصاد العالمية بحلول العام 2025، أي أن تحقيق هذا الهدف ببساطة سيضيف 26% إلى الناتج الإجمالي العالمي السنوي بعد 7 سنوات من الآن، وبلغة أخرى فإن حجمه سيفوق الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصين والولايات المتحدة الأميركية معاً".
وأضافت سموها: "هناك حالياً فرق شاسع بين مشاركتي الجنسين في قطاعات اقتصادية حيوية، لكنني أرى أن التغيير قادم لا محالة، انطلاقاً من قناعات راسخة ومتزايدة بأن المرأة التي تهب هذا العالم الذرية والحياة والسكينة والأمان، تملك القدرة بالتعاون مع شقيقها الرجل على الإبداع في شتى الميادين، وتحقيق الإنجازات التي قد يعجز الرجل نفسه عن تحقيقها".
قمة الشراكات
وأكدت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، أن "القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة في دورتها الأولى ستشكل منصة دولية، تنطلق منها الشراكات بين مختلف القطاعات ذات الصلة في المنطقة وبقية أقاليم العالم، من أجل تحقيق تكافؤ الفرص، والتوازن بين الجنسين، عبر تحفيز القطاع الخاص المحلي والدولي على تقديم التزامات فردية أو جماعية ملموسة للعمل على مدى العامين المقبلين لتمكين المرأة بشكل حقيقي في دورة العمل والإنتاج، بعيداً عن المناصب الفخرية والتعينات الشكلية".
رائدات الأعمال
وقالت سموها إن "التزام القطاعين الحكومي والخاص، لا يجب أن يتوقف عند تعيين النساء في وظائف تمكنهن من الإبداع والتميز الوظيفي، بل يجب أن يتعداه إلى دعم رائدات الأعمال اللواتي اتخذن خطوات جريئة تجسدت بتأسيسهن مشاريعهن الخاصة، وأن يكون الدعم مباشراً عبر منحهن العطاءات وترسية العقود على شركاتهن، ومن خلال المشتريات وغيرها من الخطوات، التي ستضمن لمشاريعهن القدرة على الاستمرار والتطور".
الإمارات تجربة عالمية
ولفتت سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، إلى أن دولة الإمارات استطاعت بفضل حكمة وحنكة قيادتها الرشيدة، أن تنفذ استراتيجية طموحة للتكافؤ بين الرجل والمرأة منذ تأسيسها، مانحة المرأة كامل حقوقها في التعليم والعمل، وشغل الوظائف، حتى أصبحت اليوم مديرة ومدرّسة ورائدة أعمال ووزيرة وسفيرة وكابتن طيار وطبيبة، لتحتل المرتبة الأولى خليجياً والثانية عربياً في التقرير العالمي للفجوة بين الجنسين، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي مؤخراً".
وأوضحت أن "سباق تمكين المرأة في دولة الإمارات لم يكتف بالنتائج التي حققتها، وإنما ما زالت القيادة تعمل لتمكين المجتمع من خلال المرأة، إذ حلت الدولة في المرتبة الثانية عالمياً على مؤشر المساواة في الأجور بين الجنسين في العمل الواحد، وفي المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر إغلاق فجوة الأمية بين الجنسين بتسجيل 1000 نقطة، ضمن محور التحصيل التعليمي، وكذلك في المرتبة الأولى في مؤشر معدل الولادة بحسب النوع ضمن محور الصحة والحياة، في وقت تواصل الإمارات تنفيذ استراتيجياتها الرامية إلى التمكين الكامل للمرأة في كل الصعد والقطاعات".
وأشادت سموها بإعلان دولة الامارات تخصيص خمسة ملايين دولار سنوياً اعتباراً من العام 2018 لصالح هيئة الأمم المتحدة للمرأة، ولمدة ثلاثة أعوام، بإجمالي 15 مليون دولار، ما يوضح التزام الدولة الراسخ بدعم جهود تمكين المرأة، ليس في المنطقة العربية فحسب، وإنما في مختلف دول العالم.