أظهرت دراسة أعدتها شركة أكسنتشر أن النساء المتمكنات من التقنيات الرقمية يساعدن في جسر الهوة التي تفصلهنّ عن زملائهن الرجال في أماكن العمل، على الصعيد العالمي. وأوضحت الدراسة البحثية التي أعدتها عملاقة الاستشارات الإدارية والتقنية في العالم وكشفت عنها اليوم، أن ما أسمتها "الطلاقة الرقمية"، وهي مستوى إتقان التقنيات الرقمية واستخدامها لدى المرء في اكتساب المعرفة وتحقيق التواصل وتعزيز الكفاءة، تلعب دوراً مهماً في مساعدة المرأة على الوصول إلى المساواة بين الجنسين في أماكن العمل.
وتقدم دراسة أكسنتشر، التي تنشرها تحت عنوان "تحقيق المساواة: كيف تساهم الرقمنة في جسر الهوة بين الجنسين في أماكن العمل"، دليلاً تجريبياً على أن المرأة تستخدم المهارات الرقمية لاكتساب ميزة تنافسية في مراحل التحضير والبحث عن العمل، وتحقيق التقدّم المهني في المسار الوظيفي. ويمكن للمرأة من خلال تحسين مهاراتها الرقمية أن تغيّر الصورة السائدة اليوم في جميع دول العالم، إلا قلّة قليلة، والمتمثلة في تفوّق الرجال في مسألة الطلاقة الرقمية.
وإذا كان بوسع الحكومات والشركات مضاعفة السرعة التي تكتسب بها المرأة الطلاقة الرقمية، فإنه يمكن تحقيق المساواة بين الجنسين في غضون 25 عاماً في الدول المتقدمة، مقابل 50 عاماً وفق وتيرة التحوّل الحالية. ويمكن من جهة ثانية تحقيق المساواة بين الجنسين في أماكن العمل في غضون 45 عاماً في الدول النامية، مقابل 85 عاماً وفق الوتيرة الحالية.
وأشار عمر بولس، المدير التنفيذي لشركة أكسنتشر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى أن الطلاقة الرقمية تمكّن المرء من أدوات التعلّم، وتجعل قوى العمل تتحلى بالمرونة، كما توسع آفاق الحصول على الوظائف أمام الباحثين عن عمل، وقال: "تشكل المرأة مصدراً غنياً بالمهارات غير المستغلة، نظراً لنقص التمثيل النسوي في قوى العمل في معظم البلدان، ما يجعل صاحبات هذه المواهب أكثر قدرة على الاستفادة من الطلاقة الرقمية. وفي ضوء اهتمام الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي بتطوير رأس المال البشري، من خلال التعليم والتدريب، لتحقيق أهدافها الاقتصادية المنشودة، يُصبح تعزيز المهارات الرقمية أمراً حاسماً في خلق قوى عمل قابلة للتكيف ومتسمة بالمرونة ومطّلعة على التحديات الناشئة في اقتصادات المستقبل".
وبالرغم من أن الطلاقة الرقمية تُعين المرأة على إحراز التقدّم في مسيرتها المهنية، فلم يفلح أثرها في تقليص الهوّة أو تحقيق المساواة بين الجنسين على مستوى التنفيذيين. وما زال الرجال، حتى الآن، أصحاب الهيمنة في تحقيق الدخل الأسري ضمن الأجيال الثلاثة التي شملتها الدراسة. ومن المنتظر أن يتغيّر هذا الوضع عندما تصل مزيد من النساء من بنات جيل الألفية الرقميات إلى مناصب في الإدارة.
كما أظهرت الدراسة أن تكرار لجوء النساء في المملكة العربية السعودية إلى استخدام الوسائل الرقمية في مرحلتي التحضير للعمل والبحث عن عمل يفوق نظيره لدى الرجال (90 بالمئة مقابل 72 بالمئة). ومع ذلك، فإن الدراسة وجدت أنه عند تساوي النساء والرجال في الكفاءة الرقمية تظل النساء هنّ الأفضل في الاستفادة من ذلك في البحث عن عمل. واتفق 66 بالمئة من جميع المستطلعة آراؤهم في الدراسة بالمملكة، رجالاً ونساء مجتمعين، على أن الرقمنة تمكّنهم من العمل من المنزل، بينما قال 64 بالمئة إنها تتيح توازناً أفضل بين حياتهم الشخصية والمهنية، فيما ذكر 70 بالمئة أن الرقمنة تزيد احتمالات اقتناص فرص العمل.
وبالرغم من ذلك، فقد كان للطلاقة الرقمية أيضاً تأثير أكثر إيجابية على تعليم النساء في البلدان النامية مثل المملكة العربية السعودية. إذ قال أكثر من ثلثي النساء المشاركات في الدراسة (68 بالمئة) مقابل 44 بالمئة من النساء في البلدان المتقدمة أن الإنترنت كانت مهمة لتعليمهم. وتُظهر البيانات الواردة في الدراسة كذلك أن النساء في البلدان النامية أكثر إيجابية حيال القدرة التي بوسع الرقمنة فرضها في مسألة تحقيق المساواة بين الجنسين في أماكن العمل، وذلك بنسبة 80 بالمئة مقابل 62 بالمئة في البلدان المتقدمة.
# # #
منهجية إعداد الدراسة
تم وضع نموذج أكسنتشر للطلاقة الرقمية من أجل تحديد دور الطلاقة الرقمية في المساواة بين الجنسين في أوساط قوى العمل، وفهمه فهماً أفضل. وفي هذا السياق أجريت دراسة في ديسمبر 2015 ويناير 2016 شارك فيها أكثر من 4,900 شخص من النساء والرجال في 31 دولة لتقييم المدى الذي يستخدم فيه الناس التقنيات الرقمية في الحياة الشخصية والتعليمية والمهنية. وشملت العينة تمثيلاً متساوياً لموظفين من الرجال والنساء يمثلون ثلاثة أجيال (جيل الألفية (المولود بين بداية ثمانينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الجديدة) والجيل إكس وجيل طفرة المواليد (المولود بين منتصف الأربعينيات ومنتصف الستينيات)، ويعملون في جميع مستويات قوى العمل في شركات ومؤسسات من مختلف الأحجام. وتراوح هامش الخطأ في العينة الإجمالية بين 1.4 بالمئة بالموجب وبالسالب. وتشمل التقنيات الرقمية التي تناولتها الدراسة المشاريع الدراسية الافتراضية، وأدوات التنسيق الرقمية (كاميرات الويب وتطبيقات التراسل الفوري)، ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي، واستخدام الأجهزة الرقمية، مثل الهواتف الذكية.
وتم الجمع بين الردود الواردة في الاستطلاع وتقارير منشورة ومعلومات متاحة للجمهور عن التعليم والتوظيف والقيادة، على جانب بحوث صادرة عن كل من البنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية والمنتدى الاقتصادي العالمي والاتحاد الدولي للاتصالات. أما البلدان المدرجة في نموذج أكسنتشر فتشمل الأرجنتين وإسبانيا وأستراليا وألمانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وإيرلندا وإيطاليا والبرازيل وجنوب إفريقيا والمملكة العربية السعودية وسنغافورة وسويسرا ودول شمال أوروبا (الدنمارك والسويد وفنلندا والنرويج) والصين الكبرى (تشمل تايوان وهونغ كونغ) وفرنسا والفلبين وكندا وكوريا الجنوبية والمكسيك والمملكة المتحدة والنمسا والهند وهولندا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان.