كشف تقرير جديد من ديلويت الشرق الأوسط عن مواصلة صناديق الثروة السيادية الخليجية هيمنتها على مشهد الاستثمار العالمي، حيث تقود توسعاً على مستوى القطاع دفع الإجمالي العالمي للأصول المُدارة إلى 12 تريليون دولار أمريكي بنهاية 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 18 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030. وسجل مشهد صناديق الثروة السيادية نمواً هائلاً خلال العامين الماضيين، فضلاً عن تأسيس صناديق جديدة حول العالم، وإجراء شركات قائمة عمليات استحواذ عالية المستوى، ووصول قيمة الأصول المُدارة إلى مستويات جديدة.
وتسيطر الصناديق الخليجية على حوالي 40% من أصول صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم، وتمثّل ستة من أكبر عشرة صناديق في العالم من حيث الأصول المُدارة. كما تعيد تشكيل ملامح استراتيجيات الاستثمار وسط تنامي التنافس في المنطقة والتغيرات التي يشهدها السوق. وتضاعف إجمالي عدد صناديق الثروة السيادية حول العالم حوالي ثلاث مرات منذ عام 2000، ليصل تقريباً إلى 160-170 صندوقاً، مع تأسيس 13 صندوقاً جديداً بين عامَي 2020 و2023.
ويكشف تقرير ديلويت، تحت عنوان "نمو الصناديق والأصول يقود مشهد صناديق الثروة السيادية"، أنّ صناديق الثروة السيادية الخليجية حافظت على زخم استثماري قوي، إذ ضخّت 82 مليار دولار أمريكي في عام 2023، فضلاً عن 55 مليار دولار أمريكي خلال أول تسعة أشهر من عام 2024. ويواصل خمسة لاعبين أساسيين تصدّر المشهد في المنطقة، وهم جهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة أبوظبي التنموية القابضة ADQ، وصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وجهاز قطر للاستثمار.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت جولي كسّاب، المسؤولة عن صناديق الثروة السيادية في ديلويت الشرق الأوسط: "تواصل منطقة الخليج كونها مركزاً رئيسياً لأنشطة صناديق الثروة السيادية، حيث يقود لاعبوها الرئيسيون الابتكار في استراتيجيات الاستثمار والتميز التشغيلي. وتوسع هذه الصناديق حضورها الجغرافي، وتعمل على إجراء تحسينات ملحوظة على قدراتها الداخلية، مما يرسي معايير جديدة في القطاع للأداء والحوكمة".
وتكشف ديلويت عن العديد من التوجهات المهمة والتي ترسم ملامح جديدة لمشهد صناديق الثروة السيادية في المنطقة، في ضوء التوجه المتزايد من الصناديق في منطقة مجلس التعاون الخليجي نحو الدول سريعة النمو خارج الأسواق الغربية التقليدية. وبقرار استراتيجي، تتوجه الصناديق الخليجية نحو آسيا، مع تأسيس العديد منها مكاتب جديدة في مختلف أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وزيادة مخصصاتها الموجَّهة نحو الاقتصادات عالية النمو، بما فيها الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا.
وتشهد أنشطة الصناديق السيادية حضوراً خاصاً في الصين، حيث وصلت استثماراتها تقديرياً إلى 9.5 مليار دولار أمريكي خلال السنة المنتهية في سبتمبر 2024. وصُنّف كلُّ من جهاز أبوظبي للاستثمار وهيئة الاستثمار الكويتية بين أبرز 10 مساهمين في الشركات الصينية المُدرجة في أسواق الأسهم من الفئة أ. ويمثل هذا التوجه فرصة استراتيجية، لا سيما مع تقليل المستثمرين الغربيين لحضورهم المالي، مما يتيح للصناديق في الشرق الأوسط الاستفادة من العلاقات السياسية والتجارية الوثيقة مع بكين.
وأشار تقرير ديلويت إلى أفريقيا بصفتها منطقة اهتمام أيضاً، حيث يوفر قطاع التعدين فرصاً جديدة. وأبدت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية رغبتهما في الاستثمار في مشروعات استخراج عالية المخاطر في أفريقيا هذا العام، سواء بطريقة مباشرة أو من خلال استثماراتهما في شركات التعدين متعددة الجنسيات.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ظهور أدوات استثمار جديدة، من أبرزها المكاتب الخاصة المَلكية، التي تدير اليوم أصولاً بقيمة 500 مليار دولار أمريكي تقريباً.
ومع تزايد عدد الجهات والأصول التي يجري استثمارها بنشاط، تواجه الصناديق ضغوطاً متزايدة للحصول على ميزة تنافسية، مع تركيز أكبر على الأداء الداخلي، والإشراف على المخاطر، وإدارة الاستثمارات، بهدف تحقيق عوائد أفضل في النهاية. وبات العديد من صناديق الثروة السيادية الخليجية يعتمد نهجاً أكثر استباقية، إذ أصبحت أكثر انفتاحاً على التنويع، وتطالب بتقارير أفضل من الشركات في محفظتها، وأصبحت أكثر استعداداً لممارسة النفوذ على مستوى مجالس الإدارة.
وأحدث الدافع نحو التميز منافسة حادة على رأس المال البشري، مع طلب عالٍ على المواهب الوطنية. وتستعين الصناديق السيادية الخليجية اليوم بحوالي 9000 متخصص في عملياتها. كما توفر الصناديق الخليجية باقات ميزات متنامية القيمة لكبار المتخصصين، ولا سيما ممن يملكون خبرة في صناديق معروفة مثل تماسيك في سنغافورة ومابل 8 في كندا.
وتلاحظ ديلويت أيضاً تزايداً في التوجه نحو سياسة الحماية على مستوى العالم، وخصوصاً في الاقتصادات النامية، حيث تعيد الحكومات تقييم نهجها تجاه الأصول الاستراتيجية. وأدى هذا التحول إلى إنشاء صناديق تركّز على الأسواق المحلية، وغالباً ما تُصمم للاستثمار المشترك مع شركاء دوليين بدلاً من المنافسة المباشرة مع الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط.
بالنظر إلى المستقبل، ورغم الضبابية الجيوسياسية والتقلبات المحتملة في أسعار السلع، قد تسهم هذه التحديات في تعزيز الكفاءة والابتكار في أساليب إدارة الصناديق.
لتنزيل التقرير الكامل، يرجى الضغط هنا.
-انتهى-