عقدت وزارة التغير المناخي والبيئة اليوم المجلس الرابع ضمن مبادرة "مجلس صناع التغيير لــ COP28" تحت شعار "المجتمعات الخضراء والمستدامة"، وذلك في بيت الحكمة بإمارة الشارقة.
وتتألف المبادرة من ثمانية مجالس تنعقد قبيل انطلاق مؤتمر الأطراف COP28 نهاية الشهر الجاري في الإمارات، وذلك بمشاركة عدد من القادة والخبراء في مجال المناخ من الحكومة والقطاع الخاص ومختلف القطاعات الأخرى. وركز المجلس اليوم على الابتكارات والتحديات المرتبطة بتصميم وبناء ودعم وتعزيز المجتمعات الخضراء المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وترأست المجلس معالي مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة، وأدارت الجلسة المهندسة عائشة العبدولي، مدير إدارة التنمية الخضراء في وزارة التغير المناخي والبيئة، بحضور كل من سعادة أحمد عبيد القصير المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق"، وسعادة محمد جمعة المشرخ، المدير التنفيذي لمكتب الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر "استثمر في الشارقة"، وممثلين من كبرى شركات القطاع الخاص والقطاع البحثي والأكاديمي، ورواد الأعمال والشباب.
وشهد المجلس حضور عدد من قيادات وزارة التغير المناخي والبيئة، وهم سعادة محمد سعيد النعيمي وكيل الوزارة بالوكالة، وسعادة المهندس محمد الأميري، وكيل الوزارة المساعد لقطاع التنوع الغذائي، وسعادة المهندسة عذيبة القايدي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع المجتمعات المستدامة بالوكالة، وسعادة شيخة أحمد آل علي وكيل الوزارة المساعد لقطاع المناطق بالوكالة.
وركز المجلس على أهمية بناء مجتمعات خضراء ومستدامة وأكثر مرونة وتكيفاً مع التغير المناخي. وناقش الحضور كيفية تعاون الحكومات المحلية والقطاع الخاص لدعم المجتمعات في جميع أنحاء دولة الإمارات، وكيفية توظيف التكنولوجيا لإحداث التغيير المنشود.
وخلال المجلس، أكدت معالي مريم المهيري، إن مجلس صناع التغيير لـ COP28 يعكس إرث دولة الإمارات في جمع كافة أطياف المجتمع والشركاء لبحث أهم القضايا التي تلمس مستقبل المجتمع، مشيرة إلى أن قضية تغير المناخ وتعزيز المجتمعات المستدامة موضوع يلمس حياة كل أفراد المجتمع، ويصمم مستقبل الأجيال القادمة.
وقالت معاليها: "تمثل حماية الطبيعة في العالم مركزاً لكل جهودنا لأنها لم تتلق الرعاية الكافية على مدار عقود طويلة، ومن خلال تعافي الطبيعة سنستطيع خلق مجتمعات مستدامة وتنمية مستدامة. تمتلك الإمارات رحلة طويلة نحو الاستدامة بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه" الذي أولى الطبيعة جل اهتمامه. واليوم نرى الإمارات تذخر بالعديد من محطات توليد الطاقة النظيفة والمتجددة والعديد من الممارسات الاقتصادية والاجتماعية المستدامة".
وأشارت معاليها إلى أن الإمارات من أولى دول العالم في التوقيع على اتفاق باريس للمناخ وتقديم مساهماتها المحددة وطنياً، وتتعهد الآن بخفض انبعاثاتها بنسبة 40% مقارنة بسيناريو الوضع الاعتيادي للأعمال بحلول عام 2030 وفق النسخة الثالثة من التقرير الثاني لمساهماتها المحددة وطنياً. مؤكدة أن الإمارات ماضية في تعزيز مكانتها في العمل المناخي العالمي من خلال استضافة مؤتمر الأطراف COP28 ليكون أكثر مؤتمرات الأطراف شمولاً على الإطلاق والتركيز على مختلف نواحي الممارسات المستدامة بجانب الطاقة، مثل نظم الزراعة والغذاء المستدامة، وإدارة النفايات، والبناء والنقل والصناعة وغيرها من القطاعات التي ركزت عليها "استراتيجية الإمارات للحياد المناخي" التي أطلقتها حكومية الإمارات مؤخراً، وتهدف إلى الوصول إلى صافي صفر انبعاثات بحلول عام 2050.
وأضافت معاليها: "ستستمر الإمارات في رحلتها لتحقيق الحياد المناخي بعد مؤتمر الأطراف المقبل بثقة وإصرار أكبر بالتعاون مع كافة الجهات الاتحادية والمحلية والقطاع الخاص وكل أطياف المجتمع. وواحداً من أهم الأهداف في هذه الرحلة هو بناء مجتمعات مستدامة وخلق مجتمع وأفراد يؤمنون بالاستدامة". مؤكدة أن على المجتمع أن يتخذ قرارات مستنيرة لتحقيق الاستدامة في كل نوحي الحياة، بداية من الغذاء والملابس والتنقل والتسوق والتخلص من النفايات وغيرها، وهو ما سيكون الأساس لبناء مجتمعات مستدامة تدوم لأجيال وأجيال.
وأكدت معاليها في الوقت نفسه أن الوزارة ستعمل مع كل الجهات المعنية على تطوير التشريعات والقوانين البيئية التي تساعد المجتمع على تبني السلوكيات المستدامة، وتسهل للقطاع الخاص تقديم منتجات وخدمات تواكب هذا التوجه، مشيرة إلى أن الوزارة على تواصل دائم مع كافة الشركاء من خلال قنوات تواصل تفاعلية مثل هذا المجلس وغيره من المبادرات مثل "الحوار الوطني للطموح المناخي".
ومن جهته، قال سعادة أحمد عبيد القصير: "تمتلك إمارة الشارقة رحلة طويلة في تنمية المجتمعات المستدامة ضمن خططها التطويرية". مشيراً إلى "مدينة الشارقة المستدامة"، التي تمتلك تجربة فريدة في بناء مساكن من مواد مستدامة وتتبنى نمط حياة مستدام، وتزود تلك المساكن بمصادر طاقة متجددة مع إعادة تدوير كافة المخلفات التي تنتجها المدينة، وكذلك تشجع السكان على الزراعة وتبني العديد من السلوكيات المستدامة".
وأكد القصير على أهمية توعية المجتمع أولاً من خلال عقد ورش العمل على غرار التي تنظمها "شروق" لمساعدة الناس على إدراك أهمية الاستدامة في حياتهم ومستقبلهم وانعكاسها على تحسين جودة حياتهم، وتعليمهم كيف يمكن أن يقوموا بتطبيق السلوكيات المستدامة في حياتهم. وأشار في الوقت نفسه أنه ينبغي العمل على إيجاد حلول لتمويل المشاريع المستدامة وإيجاد المعرفة والشركات المتخصصة في تنفيذ مثل تلك المشاريع بكفاءة وتكلفة تنافسية.
كما أكد محمد جمعة المشرخ على ضرورة أن تعمل الدولة في تطوير المزيد من القوانين والتشريعات للمساعدة على دعم الاستثمارات والاعمال المستدامة باستمرار وأن تواكب تغيرات السوق والاقتصاد والأولويات حول العالم، بالإضافة إلى دفع المجتمع نحو تبني ممارسات مستدامة على غرار قانون حظر استخدام وتداول الأكياس والمواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد بحلول العام المقبل.
وخلال المجلس تم مناقشة أهم التحديات والحلول لتعزيز المجتمعات المستدامة في الإمارات، وعلى رأسها ضرورة بناء قاعدة معرفية للمجتمع تبدأ من المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، وتعليمهم أسس الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري، وغيرها من سلوكيات ترشيد الاستهلاك وتقليل البصمة الكربونية للأفراد مثل تقليل اقتناء الأجهزة الإلكترونية والتوجه نحو السيارات الكهربائية، وتناول الغذاء الصحي وغيرها.
وتطرق المجلس إلى ضرورة تعزيز التواصل الفعال بين الحكومة ومتخذي القرار والقطاع الخاص والمجتمع البحثي والأكاديمي، وخلق شبكة تواصل تفاعلية بين كل تلك الأطراف لإحداث تكامل فعال بين كافة القطاعات، وتبادل الخدمات وتسهيل الوصول إلى الشركاء المحتملين لإنجاز المشاريع المستدامة.
كما ناقش المجلس ضرورة إيجاد حلول أكبر لتعزيز التنافسية بين الشركات والأعمال المستدامة خاصة في قطاعات مثل إعادة التدوير، وهو ما سوف ينعكس على التكلفة والجودة في تقديم الخدمات، مع زيادة اعتماد الحكومة على الشركات المحلية في تنفيذ المشاريع ذات الصلة بالاستدامة.
تناول المجلس أيضاً ضرورة أن يكون للإعلام الحكومي دور بارز في هذا الإطار من خلال الترويج لمشاريع المجتمعات المستدامة وتعليم وتثقيف المجتمع، والأهم ضرورة تصميم رسائل مناسبة لكل الفئات والجنسيات التي تعيش وتعمل في الدولة وفق لغتهم وخلفياتهم وثقافتهم، وباستخدام كافة قنوات التواصل من إعلام تقليدي وقنوات تواصل اجتماعي وعقد نقاشات وورش عمل وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن حكومة الإمارات تعمل بالشراكة مع قطاع الأعمال الخاص لتعزيز المجتمعات الخضراء المستدامة من خلال مبادرات عدة تشمل تطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر، والتقاط الكربون وتخزينه بشكل دائم، وزيادة المصادر المحلية للمنتجات، واستخدام التقنيات الذكية لرصد وإدارة استخدام الطاقة، وتنفيذ تدابير لإطالة العمر الافتراضي للمباني، وزراعة الأغذية باستخدام تكنولوجيا الزراعة العمودية المتقدمة، وإعادة تدوير مخلفات البناء والهدم وتحويلها إلى مواد بناء، وتحويل نفايات الزيوت إلى وقود الديزل الحيوي، وتطوير مصنع لإعادة تدوير المواد البلاستيكية المستخدمة في تعبئة المواد الغذائية، وتطوير سوق عالمية افتراضية للبلاستيك المعاد تدويره، وإنشاء مركز الابتكار لإنشاء اقتصاديات الكربون الدائرية، واستعادة الشعاب المرجانية وأشجار القرم والأعشاب البحرية لتعزيز النظم البيئية البحرية.
وقد شهد ذلك إنشاء "ريباوند لتداول البلاستيك المعاد تدويره"، أول منصة عالمية لتداول المواد البلاستيكية القابلة لإعادة التدوير والمعاد تدويرها، بالإضافة إلى اتفاقيات مثل تلك المبرمة بين "كارفور" التابعة لشركة "ماجد الفطيم" ودائرة الزراعة والثروة الحيوانية بالشارقة لإقامة شراكة تدعم المنتجات الزراعية والحيوانية المحلية. وسيسهم الحصول على الغذاء الذي يتم زراعته بشكل متجدد ومحلي، حيثما كان ذلك مناسباً، في لعب دور مهم في الحد من الانبعاثات الكربونية وفقدان التنوع البيولوجي وفي الانتقال إلى الاقتصاد الدائري للأغذية.
وعلى هامش المجلس، قامت معالي مريم المهيري – ترافقها مروة العقروبي، المديرة التنفيذية لمكتبة بيت الحكمة في الشارقة، بجولة داخل المنشأة وأقسامها ومكتبتها الضخمة التي تذخر بحوالي 100 ألف كتاب بالإضافة إلى قاعات للحوار والنقاش، وأماكن مخصصة للقراءة. كما اطلعت معاليها على مشاريع وأنشطة الاستدامة التي ينفذها بيت الحكمة، كما استمعت إلى شرح حول تاريخ الاستدامة عند العرب.
وأعربت معاليها عن إعجابها الشديد بدار الحكمة الذي يعكس إرث وتاريخ دولة الإمارات واهتمامها بالثقافة من أجل دفع مسيرة الحضارة والازدهار.
حول سلسلة " مجلس صناع التغيير لــ COP28" في دولة الإمارات العربية المتحدة
تعدُّ مبادرة "مجلس صناع التغيير لــ COP28"- التي يتم تنظيمها بدعم من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان - سلسلة من مجالس نقاشية رفيعة المستوى وذات توجه عملي، سيتم عقدها في الإمارات السبع، وتركز على تحقيق طموحات دولة الإمارات العربية المتحدة في تطوير الحلول المناخية المبتكرة.
وسيستكمل المجلس انعقاده في كل إمارة خلال الأيام المقبلة، في إطار جهود فريق رئاسة COP28 لضمان مشاركة الجميع في المناقشات الحاسمة للمؤتمر، والتي ستنطلق في غضون 16 يوماً فقط.
وستوفر هذه الجلسات التي تستضيف مجموعة من الخبراء الدوليين والمحليين من شتى المجالات، فرصة لمناقشة التحديات المتعلقة بتغير المناخ، والمشاركة في تقديم حلول واضحة وقابلة للتنفيذ.
ويهدف "مجلس صناع التغيير لــ COP28" إلى الجمع بين القيادات الحكومية وخبراء المناخ والمبتكرين المحليين وفئة الشباب، بطريقة تخلق مسارات جديدة لهم لمناقشة قضايا المناخ والاستدامة والفرص والتحديات والشراكات المتعلقة بتحقيق الحياد المناخي، مع تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه كل منهم في دعم أهداف المناخ المحلية قبل وأثناء وبعد مؤتمر الأطراف COP28.
-انتهى-