يعد رأس المال البشريّ أهم ثروة تمتلكها الدول في مسيرتها الإنسانية نحو الارتقاء والتقدم، وهذا واقع الحال الذي تمضي فيه دولة الإمارات العربية المتحدة التي عقدت العزم وفق رؤى ثاقبة من قيادتها على الاستثمار في الإنسان باعتباره اللبنة الضرورية لبناء المستقبل، ومواصلة تحقيق الإنجازات في جميع المجالات التي تنعكس تنمية ورخاءً وازدهاراً على حياة المواطنين والمقيمين فيها من الجنسيات كافة.
ويمثل برنامج الشارقة للقادة، الذي تنفذه "الشارقة لتطوير القدرات - تطوير"، التابعة لمؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، أحد البرامج الوطنية الرائدة التي تستثمر في شباب الوطن، وتعمل على صقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم، وتوسيع خبراتهم، عبر إلحاقهم بالدورات التدريبية والممارسات العملية والزيارات الميدانية، التي تمنحهم قدرة أوسع في الوقوف على احتياجات سوق العمل وما يرتبط بها من تطورات، كي يكونوا أكثر قدرة على تحقيق التميز ومواصلة الإبداع، بما يعزز مكانة الإمارات على قمة الريادة في مختلف القطاعات.
وتمكن البرنامج حتى اليوم من تخريج 380 شاباً قيادياً من المواطنين الإماراتيين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 – 35 عاماً، مقدماً لهم كل إمكانيات وفرص التطور المهني، لتمكينهم من قيادة مستقبل الأجيال القادمة، مركزاً في جهوده على غرس روح الإصرار والتحدي، وتنمية حب المعرفة والتعلم المستمر، في نفوسهم، ورفدهم ليس فقط بأحدث الأنظمة الإدارية التي تعزز فيهم روح الإبداع، وإنما ربطهم أيضاً بالمؤسسات والشركات التي تمنحهم جانباً من خبراتها، ما يشكل إضافة قيمة إلى ما حصلوا عليه من تعليم ومعرفة في حياتهم الدراسية، وكذلك إلى ما اكتسبوه من قدرات مهنية في مجالات عملهم الحالية والسابقة.
وضمن هذا الإطار، بادرت "تطوير" مؤخراً إلى تنظيم عددٍ من الزيارات الميدانية ذات البُعد العملي، لمنتسبي الدورة العاشرة من "برنامج الشارقة للقادة"، كلّ حسب تخصصه، شملت مجموعة من المؤسسات الحكومية، والشركات المحلية والدولية العاملة في دولة الإمارات، وذلك بهدف تعريف واطلاع الشباب الإماراتي الملتحق بالبرنامج على آليات العمل المختلفة التي تنتهجها هذه المؤسسات والشركات، واكتساب الخبرة الميدانية التي تمنحهم فهماً أوسع للإجراءات المتبعة في مختلف القطاعات التي تتناسب مع تخصصاتهم وخبراتهم ورغباتهم الشخصية.
وشملت الزيارات مؤسسات وجهات اقتصادية، وبيئية، وإعلامية، وسياحية، وثقافية، ومهنية، وطنية وعالمية كبرى، حيث زار المشاركون في البرنامج كلاً من: شركة الشارقة للبيئة "بيئة"، الشريك الاستراتيجي للبرنامج، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وشركة أبوظبي للإعلام، وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، وطيران الاتحاد، وشركة "إس إيه بي" SAP، رابع أكبر شركة برمجيات في العالم، وشركة برايس ووترهاوس كوبرز PWC، الرائدة في مجال الخدمات المهنية، ومؤسسة دبي للمستقبل إضافة إلى شركة فاست لمقاولات البناء.
وبفضل هذه الزيارات التي قام بها منتسبو البرنامج، فقد تمكنوا من التعرف عن قرب على أحدث الخبرات المتبّعة في أهم الإدارات والأقسام الاستراتيجية بهذه المؤسسات والشركات، والتي تتوافق مع تخصصات المشاركين وتوجهاتهم المهنية، بما في ذلك الوحدات الإدارية المتخصصة في إدارة الإستراتيجية والتميز المؤسسي، وإدارة الجودة، والهندسة، والابتكار، والتكنولوجيا، والبحوث والتسويق، والاتصال الحكومي، والتواصل المجتمعي، وغيرها.
جاسم البلوشي: نهدف إلى تمكين المشاركين من اكتساب المهارات المهنية كل حسب تخصصه
وأكد جاسم محمد البلوشي، عضو مجلس أمناء مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، أن "الشارقة لتطوير القدرات - تطوير" تعمل بشكل مستمر على تمكين المشاركين في برنامج الشارقة للقادة من اكتساب المهارات الإدارية والخبرات العملية كل حسب تخصصه لترسيخ الريادة والإبداع في عمل مؤسساتهم، وتعزيز البيئة الابتكارية في إمارة الشارقة، والارتقاء بريادة الأعمال في مختلف القطاعات، خصوصاً أن البرنامج يتطلع إلى وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، من أجل ضمان تميز الخدمات والمنتجات المقدمة لأفراد المجتمع.
وقال البلوشي: "نستلهم جهودنا من رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ودعم سموه الدائم لتمكين الشباب وتدريبهم وتأهيلهم من أجل ضمان مساهمتهم الفاعلة في البناء والتطوير والتنمية، وتحقيق الإنجازات التي تنعكس إيجاباً على كافة مجالات الحياة، مع مواكبة أحدث المستجدات العلمية والتطورات التقنية وتوظيفها لخدمة مجتمع دولة الإمارات، بما يشكل إضافة قيمة إلى المؤسسات والشركات العاملة في الدولة".
وأشار جاسم البلوشي إلى أن هذه الزيارات الميدانية إلى مجموعة مختارة من المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة، جاءت بهدف اطلاع المشاركين في الدورة العاشرة من برنامج الشارقة للقادة على أسرار النجاح في جهات العمل المختلفة، وفي نفس الوقت تقريبهم أكثر من الإدارات والأقسام التي تتناسب مع قدراتهم ومواهبهم لاستثمار هذه المعرفة في خدمة الجهات التي يعملون بها حالياً بحيث تنعكس إيجاباً على القدرات التنافسية لاقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة.
ماجد النعيمي: الزيارات منحتنا رؤية شمولية لنهج الأعمال المتّبع في الدولة
قال ماجد عيسى النعيمي، محلل بحوث مكتب المدير العام وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وأحد المشاركين بالبرنامج: "أتاحت لنا هذه الزيارة التعرف على جوانب عملية متطورة تنتهجها الجهات الحكومية والخاصة العاملة في دولة الإمارات، سواء بما يتعلّق بمجال الاستشارات أو البرمجيات أو الاستدامة، وقواعد العمل المبنية على الذكاء الاصطناعي وآليات توظيف الأدوات الحديثة في مكان العمل، ما مكنا من الاستفادة من هذه الأفكار المعرفية والتوجهات الإدارية في تطوير الإجراءات واختصار الوقت والجهد لخدمة فئات أوسع من المتعاملين".
نورا الهاجري: البرنامج يواكب رؤية الإمارات 2021
من جانبها قالت نورا إبراهيم الهاجري، رئيس قسم التخطيط الاستراتيجي والتميّز المؤسسي في هيئة الشارقة للوثائق والأرشيف: "تحقق مثل هذه الزيارات أهداف برنامج الشارقة للقادة من خلال تمكين المنتسبين إليه من الاطلاع على طرق مبتكرة منسجمة مع روح العصر، ومواكبة لرؤية الإمارات 2021، فيما يتعلق باتخاذ القرارات الاستراتيجية في المؤسسات والشركات الكبرى، والتواصل مع قادتها ومسؤوليها لإثراء خبرات كل مشارك في البرنامج بالمعلومات والمعارف المرتبطة بمجال عمله أو تخصصه".
أحمد الشيخ: هناك تكامل يربط بين الإعلام والترويج للقطاع السياحي
من جانبه قال أحمد راشد الشيخ، تنفيذي أول في قسم الترويج المحلي، في هيئة الإنماء التجاري والسياحي في الشارقة: "منحتنا زيارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وشركة أبوظبي للإعلام، نظرة شمولية على واقع الترويج للسياحة في دولة الإمارات، وكيفية توظيف الإعلام بشكل أمثل لخدمة تطلعات الحكومة الرشيدة من القطاع السياحي، كما استفدت شخصياً من العديد من الأمثلة الحية حول ضرورة ملاءمة الرسائل الإعلامية لكل فئة مستهدفة من فئات السياح، خصوصاً في ظل تعدد الجنسيات التي تزور الدولة، واختلاف توجهاتها السياحية، فمنهم من يقصدها للتسوق، أو لزيارة المعالم التراثية أو الترفيهية، أو للمشاركة في المؤتمرات والمعارض، أو لحضور الفعاليات الفنية والرياضية، أو للعلاج، وما إلى ذلك من أسباب".
علياء آل علي: الزيارة عرّفتنا على مجالات عملية أكثر تطوراً
أكدت علياء آل علي، رئيس قسم تطوير البرامج والمشاريع في هيئة الشارقة للوثائق والأرشيف، أنها تمكنت من الاطلاع على تقنيات حديثة تستخدمها المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة في دولة الإمارات، ومن بينها شركة "بيئة" التي تتعامل يومياً بشكل مباشر مع مئات الآلاف من الأفراد، وهو ما أكسبها خبرة في التعامل مع ضغوطات العمل، وأهمية ابتكار البرامج التي يمكنها تسريع وتسهيل الإجراءات دون الإخلال بجودة أو كفاءة الخدمة النهائية المقدمة للجمهور.
أحمد الحساني: التخطيط الناجح يحقق الأهداف
بدوره قال أحمد الحساني، مدير فرع الاستراتيجية والتميّز في القيادة العامة لشرطة الشارقة: "أتشوق دائماً للتعرف على تجربة إماراتية جديدة في مجال التميّز، بحيث يمكن الاستفادة منها في تعزيز هذا المجال بشرطة الشارقة، وقد سررت بزيارة مدينة مصدر، التي تحقق رؤية الإمارات في الاستدامة واستثمار الموارد الطبيعية لتحسين جودة الحياة، وبالتأكيد فإن التخطيط الناجح والاستراتيجية الدقيقة تضمنان تحقيق الأهداف التي تدعم بيئة الازدهار في دولة الإمارات العربية المتحدة".
يُذكر أن "الشارقة لتطوير القدرات - تطوير" تأسست في العام 2005، تحت مظلة مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، التي ترأسها قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، حيث تضم أكثر من 800 عضو من الشباب الذين يسهمون بتحقيق أهدافها من خلال أفكارهم، ورؤاهم، ومقترحاتهم، فضلاً عن أنشطتهم، ومبادراتهم، وعملهم التطوعي.