أقر مجلس الوزراء السعودي في 19 ديسمبر ميزانية الدولة للعام المالي 2018 (31 ديسمبر 2017 حتى 30 ديسمبر 2018)، وقد جاءت بنودها تؤكد التزام الحكومة المتواصل بالمحافظة على مستوى مرتفع من الإنفاق (شكل 1). وفيما يلي أبرز ما ورد في مرسوم الميزانية:
· واصلت الحكومة دعمها للاقتصاد بإقرارها ميزانية للعام 2018 تضمنت أعلى مستوى من المصروفات التقديرية على الإطلاق، بلغ حجمها 978 مليار ريال، مقارنة بإنفاق بقيمة 890 مليار ريال في ميزانية عام 2017. وبناءً على إيرادات تبلغ 783 مليار ريال، فقد جاءت الميزانية بعجز أقل بدرجة طفيفة من السنة الماضية بلغت قيمته 195 مليار ريال، مقارنة بتقديراتنا التي تبلغ 220 مليار ريال.
· نتوقع ألا تتجاوز إصدارات الدين 117 مليار ريال في عام 2018،والتي ستؤدي، بافتراض عدم تسديد أي مبالغ، إلى ارتفاع الدين العام في نهاية عام 2018 إلى نحو 555 مليار ريال (19 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي)، مقارنة بـ 438 مليار ريال في نهاية عام 2017.
· رغم أن الصرف في ميزانية عام 2018 شمل جميع القطاعات، إلا أن أولويات الصرف جاءت متسقة مع الأولويات في الأعوام القليلة الماضية، حيث شكلت مخصصات قطاع الخدمات العسكرية والأمنية، وقطاع التعليم، وقطاع الصحة والشؤون الاجتماعية، وقطاع الموارد الاقتصادية نسبة 77 بالمائة من إجمالي المخصصات.
· كذلك، تم الإعلان عن حزمة مبادرات لدعم النمو في القطاع الخاص بمبلغ 72 مليار ريال، وذلك بموجب مرسوم ملكي صدر قبل الميزانية. هذه المبادرات هي جزء من حزمة تحفيز ستمتد على مدى أربع سنوات.
· وجاء في خطاب الميزانية، أنه تم تخصيص مبلغ 205 مليار ريال كإنفاق رأسمالي خلال عام 2018، مقارنة بمبلغ 180 مليار ريال خصصت عام 2017. وتكشف هذه الزيادة عزم الحكومة المتجدد على دعم النمو في القطاع الخاص.
· وبشكل منفصل، سيتم صرف ما مجموعه 133 مليار ريال بواسطة صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني كإنفاق رأسمالي داخل السعودية خلال العام، لكن هذا المبلغ لن يموّل من ميزانية عام 2018. سينفق صندوق الاستثمارات العامة مبلغ 83 مليار ريال، بينما ينفق صندوق التنمية الوطني مبلغ 50 مليار ريال، على مشاريع محددة داخل السعودية، مما يساهم في تعزيز كبير لمستوى الإنفاق الرأسمالي في المملكة. وإجمالاً، سيصل الإنفاق الرأسمالي من الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الصناعي 338 مليار ريال في عام 2018.
· قدّر بيان الميزانية الإيرادات غير النفطية بنحو 291 مليار ريال، بنمو قوي بلغت نسبته 37 بالمائة و14 بالمائة مقارنة بالإيرادات التقديرية والفعلية في ميزانية 2017، على التوالي. وستأتي الزيادة في الإيرادات غير النفطية من عدة مصادر، تشمل زيادات في رسوم المرافقين وتطبيق رسوم على العاملين الأجانب، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والرسوم على الأراضي البيضاء، وكذلك تحسين الدخل الاستثماري بفضل فعالية أسلوب صندوق الاستثمارات العامة في إدارة الثروة السيادية.
· هناك مصدر آخر لتحسين الإيرادات، ذلك هو رفع الأسعار المحلية للطاقة. وكان مجلس الوزراء السعودي قد صادق، قبيل الميزانية، على تعديل في تعرفة الكهرباء، يتوقع أن ترفع إيرادات الحكومة بنحو 14 مليار ريال خلال عام 2018. ورغم عدم الإعلان عن أي زيادة في أسعار منتجات الطاقة الأخرى، إلا أن وزارة الطاقة أشارت مؤخراً إلى أن التعديلات على أسعار الطاقة سيتم تحديدها بالتفصيل خلال الربع الأول عام 2018 .
· نعتقد أن سعر 58 دولاراً للبرميل لسلة صادر الخام السعودي (نحو 60 دولاراً للبرميل لخام برنت) ومتوسط إنتاج في حدود 10,1 مليون برميل في اليوم للعام 2018 يتسق مع تقديرات الإيرادات النفطية الواردة في الميزانية. ونعتقد أن الحكومة قدرت الميزانية وفقاً لاستمرار التزامها باتفاق الخفض المبرم مع أوبك، والذي تم تمديده حتى نهاية عام 2018 في اجتماع عقدته المنظمة في نوفمبر.
· توقعاتنا للعام 2017 كانت أكثر تحفظاً بدرجة طفيفة من الأداء الفعلي للميزانية. في نهاية عام 2017، بلغ العجز 230 مليار ريال، أو 8,9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتوقعاتنا والتي كانت عند 197 مليار ريال، أو 7,5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك، جاء العجز الفعلي أعلى بدرجة طفيفة عن العجز المقدر في الميزانية، لكنه لا يزال يساوي تقريباً نصف قيمة العجز القياسي الذي شهده عام 2016، والذي بلغ 416 مليار ريال. ويعود ارتفاع العجز الفعلي عن العجز المقدّر في الميزانية إلى أن الإنفاق الفعلي، والذي بلغ 926 مليار ريال، فاق الإنفاق المقرر في الميزانية، عند 890 مليار ريال.
· من ناحية أخرى، ارتفع النمو السنوي في الإيرادات غير النفطية بنسبة 38 بالمائة، على أساس سنوي، عام 2017، ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى الزيادة السنوية الكبيرة في الضرائب على السلع والخدمات، وبيع بعض الأصول الحكومية، وكذلك زيادة الدخل الاستثماري. لكن، وكما توقعنا في تقريرنا بعنوان: أداء الميزانية في الربع الثالث، جاءت الإيرادات النفطية الحكومية الفعلية، والتي بلغت 440 مليار ريال، أقل من الإيرادات المقدرة في الميزانية والتي كانت عند 480 مليار ريال. ويبدو أن هذا الأمر ناتج عن تغيير في معدل الضريبة، بموجب مرسوم ملكي صدر في مارس 2017.
اتساقاً مع توقعاتنا، أظهرت البيانات الاقتصادية الأولية لعام 2017 استمرار تباطؤ الاقتصاد السعودي عام 2017، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الفعلي نمواً بنسبة -0,5 بالمائة، مقارنة بتوقعاتنا التي كانت عند -0,9 المائة. وبما أن الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي قد نما بنسبة 1,5 بالمائة، على أساس سنوي، مقارنة بتوقعاتنا التي كانت عند 0,7 بالمائة، فذلك يعني انكماش الناتج الإجمالي لقطاع النفط بنسبة -1,3 بالمائة، مقارنة بتوقعاتنا التي كانت عند -2,8 بالمائة. وتوقع بيان الميزانية أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الكلي إلى 2,7 بالمائة في عام 2018، كما توقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي إلى 3,7 بالمائة، مما يقتضي ضمناً نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطاع النفط بنسبة 1,4 · بالمائة.
· كذلك كشفت الميزانية عن تقديراتها للإيرادات والمصروفات حتى عام 2023، حيث يتوقع أن تنخفض الإيرادات النفطية كنسبة من إجمالي الإيرادات، من 58 بالمائة عام 2017 إلى 42 بالمائة عام 2023. وفي جانب المصروفات، يتوقع أن تشهد المملكة ميزانيات توسعية حتى عام 2023، بحيث تبلغ 1,34 تريليون ريال عام 2023. لكن، ووفقاً لبيان الميزانية، لن يسمح لمعدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بأن يزيد بأكثر من 25 بالمائة فوق مرحلة التوازن، مما يعني، وفقاً لتقديراتنا، استطاعة المملكة بأن تراكم ما يقارب 800 مليار ريال من الديون بحلول عام 2023.
جاءت ميزانية 2018 بأعلى إنفاق تقديري على الإطلاق بلغ حجمه 978 مليار ريال، ومرتفعاً بنحو 88 مليار ريال، على أساس المقارنة السنوية (شكل 2). لقد واصلت ميزانية هذا العام دعم الأهداف الكلية لرؤية المملكة 2030، مع تركيز قوي على دعم تنويع الاقتصاد، وحماية الأسر ذات الدخل الضعيف من الزيادة الضرورية في أسعار الطاقة، والإنفاق على البنيات التحتية الأساسية المادية والاجتماعية.