كشفت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، المؤسسة البحثية والتعليمية المتخصصة في السياسات العامة في العالم العربي، عن نتائج تقرير "القيادة متعددة المصادر لدولة الإمارات العربية المتحدة"، وذلك بمقرها الرئيسي في دبي، يوم الأحد الموافق 10 ديسمبر، وبالتعاون مع مركز القيادة والحوكمة ICLIF.
يشار إلى أن مركز القيادة والحوكمة ICLIF، هو مركز دولي مقره آسيا يُعنى بالتعليم التنفيذي والبحوث والتدريب والخدمات الاستشارية في مجالات تطوير القيادة والفعالية التنظيمية وحوكمة المؤسسات. وقد تم تأسيس مركز القيادة والحوكمة ICLIF، وتمويله من قبل بنك نيغارا ماليزيا (البنك المركزي الماليزي) في العام 2003 كمؤسسة مستقلة غير هادفة للربح بهدف توفير إستشارات تنمية تنفيذية وتنظيمية عملية وعالمية ذات صلة بجميع القطاعات الصناعية والحكومية.
ويعد التقرير ثمرة إتفاقية شراكة أبرمتها كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية مع مركز القيادة والحوكمة ICLIF يوم 11 يوليو 2013، وخطاب الإتفاق اللاحق بتاريخ 5 سبتمبر 2016، في إطار سعي الجانبين إلى توسيع نطاق تغطية "التقرير العالمي للقيادة متعددة المصادر"، ليشمل دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد قام مركز القيادة والحوكمة ICLIF بتصميم نموذج الإستبيان، فيما قامت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية بإجراء الإستبيان باللغتين الإنجليزية والعربية على قاعدة عملائها من القطاعين الحكومي والخاص في الإمارات .
واستند التقرير إلى بيانات رقمية دقيقة وآراء مُتعمقة لـ 16 ألف شخص في 28 دولة (بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة). وهدف التقرير إلى إستكشاف السُبل والوسائل الجديدة لإعادة تعريف مفهوم القيادة، في ضوء التطورات التكنولوجية السريعة التي تُلامس جميع قطاعات الاقتصاد والحياة العامة، بدءا من ركوب سيارات الأجرة، والإقامة في الفنادق وقيادة السيارات، ووصولا إلى الإتصال وعمليات الدفع.
وقال سعادة الدكتور علي بن سباع المري، الرئيس التنفيذي لكلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية: "نعيش اليوم في عالم من التطورات السريعة والمُتلاحقة، عالمُ يتسارع في ظهور التكنولوجيات المتقدمة بشكل يومي، فارضة تغييرا يُلامس جميع جوانب حياتنا، وبالتالي يتعين على المؤسسات والحكومات أن تتعلم كيفية التكيف مع الواقع الجديد، ومُجاراة وتيرة التحول المُتسارعة. كما أن القادة، وبشكل خاص، يتحملون مسؤولية إعادة النظر في مُجمل نهجهم في الإدارة والقيادة، والإبتعاد عن المُمارسات التقليدية التي عفا عنها الزمن".
وأضاف سعادته: "تلك النُهج الإدارية الجديدة لابد لها أن تكون مُستندة على بيانات دقيقة وموضوعية، ولتحقيق هذه الغاية، تعاونت كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية مع مركز القيادة والحوكمة ICLIF وعملياته العالمية، لإجراء دراسة إحصائية مُتعمقة لدولة الإمارات، من أجل دعم صناع القرار في المؤسسات الحكومية والخاصة في جميع أنحاء الدولة، مع تحولنا نحو مرحلة اقتصاد المعرفة".
ووفقا للدراسة، أصبحت المعرفة الآن مُتاحة مجانا للجميع، وتلاشت تقريبا جميع حواجز التواصل، وللمرة الأولى في تاريخ البشرية، مما يغير بشكل دائم واقع الأعمال. وهو بدوره ما مهد الطريق أمام إمكانيات جديدة للتصدي لمبادئ الإدارة والقيادة "الكلاسيكية"، وإعادة ابتكارها لمساعدة القادة على مواجهة التحديات المعقدة التي يواجهونها في عالم اليوم".
وينقسم التقرير إلى قسمين، أولهما ينظر في الدافع للأداء المتفوق، ويسأل عما إذا كان الدافع الرئيسي للأفراد للتفوق في العمل يعتمد على ذاتهم أم على روؤسائهم، وفحص ما إذا كانت تلك الدوافع نابعة من الذات أو من دوافع خارجية، والسعي لتحديد مصادر تلك الدوافع الشخصية.
وأشار ما يقرب من 7 من أصل 10 مشاركين في الإمارات العربية المتحدة (69٪) إلى أنهم يعتمدون على ذاتهم كدافع أساسي للتفوق في العمل - وهى نفس النسبة في العينة العالمية. إلا أن نسبة أعلى من المُستطلعين في الإمارات (19%) أشارت إلى أن دافعها نحو التفوق في العمل يأتي مدفوعا من روؤسائهم، مُقارنة مع النسبة العالمية (14%)، فيما إعتبرت النسبة المتبقية من المُستطلعين أن كلا من الدافع الذاتي ورؤساء العمل، هما على نفس القدر من الأهمية.
ومن بين المشاركين في الإمارات الذين لديهم دوافع ذاتية ويعتمدون إلى حد كبير على دوافع ذاتية للتفوق في العمل، تمثلت المصادر الثلاثة الأكثر شيوعا لهذا الدافع في: "عند عملهم على شيء هم متحمسون له" (48%)، "عند تحديهم لأنفُسهم بشكل مُنتظم" (39%)، و "عندما تُحدث أفعالهم فرقا إيجابيا للآخرين" (34%).
وقد حدد القسم الثاني من التقرير العوامل المطلوبة لتحقيق "القيادة نحو النجاح الباهر"، عبر إستعراض أوجه الشبه التي تجمع القادة العظماء، وتحديد ما يحتاجه قادة الأعمال من أجل تحقيق نجاحات غير مسبوقة في بيئة اليوم المُتسارعة.
وقد اختار المُستطلعون في الإمارات وبنسبة كبيرة، عاملي القيادة من الأعلى إلى الأسفل والسلوكيات الإستبدادية، كسمتين يعتقدون بأن مُعظم القادة المشهورين يتصفون بها، وذلك على عكس السمات الأكثر ديموقراطية. وفيما يخُص هذا السؤال، توافقت أراء المُستطلعين في الإمارات، مع آراء العينة العالمية.
واتفق ما يقرب من ثلاثة أرباع المُستطلعين في الإمارات (73%) بقوة على الحاجة إلى قدر كبير من القيادة من أعلى إلى أسفل، بهدف تحقيق نجاحات غير مسبوقة في عالم إقتصاد اليوم فائق السرعة. وشملت قائمة أهم العوامل التي إختارها المُستطلعون، إيمانهم بأن قادة الأعمال يتوجب عليهم "طرح أفكار جريئة لم تكن موجودة من قبل، وتمتعهم بالحزم في جميع أفعالهم رغم ما قد يواجهونه من ردود فعل ومُقاومة. ومن بين السمات الأُخرى التي يرى المُستطلعون في الإمارات أن معظم القادة المعروفين يتسمون بها إمتلاكهم لطاقة لا تنفذ لمُتابعة خُططهم دون التخلي عنها نتيجة التحديات التي يواجهونها، وكونهم من مُحبي المُخاطرة الذين يسعون لتطبيق أفكار غير تقليدية من أجل فتح آفاق جديدة، وجُرأتهم في الإختلاف وتحدي الرأي العام، وطرح أفكار متجددة لم تكن موجودة من قبل.
وتستند نتائج الدراسة العالمية على كتاب "القيادة متعددة المصادر"، أعلى الكُتب مبيعا وفقا لجريدة "ول ستريت جورنال"، تأليف راجيف بيشاواريا، الرئيس التنفيذي لمركز القيادة والحوكمة ICLIF،. حيث يقول راجيف بيشاواريا :"يجب علينا أن نأخذ بعين الإعتبار بيئة اليوم فائقة الإتصال، فضلا عن العدد المُتنامي من المواهب الشابة المُتطورة التي تتبع نهجا مُختلفا في التفكير والعمل والتخطيط الإستراتيجي وإتخاذ القرارات، مُقارنة بآبائهم، وحيث أصبح شعار "العمل كالمُعتاد" أمرا من الماضي". وأكد راجيف بيشاواريا على أن تقرير "القيادة متعددة المصادر"، يهدف إلى إستكشاف وتوسيع نطاق السمات التي يجب أن يتحلى بها قادة التحول في القرن الواحد والعشرين، وكيفية قيام القادة بإعادة إستكشاف أنفسهم وتحويل شركاتهم لتحقيق الازدهار في بيئة متصلة وشفافة ومُتغيرة
وتعتمد البيانات والاستنتاجات الواردة في تقرير "القيادة متعددة المصادر لدولة الإمارات العربية المتحدة"، على مُقارنة نتائج آراء المُستطلعين في الإمارات، مع نظرائهم في العينة العالمية الشاملة التي ضمت نحو 16 ألف من التنفيذيين من المستوى الإداري العالي والمتوسط في 28 دولة هى: إيطاليا والبرتغال وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا والسويد وألمانيا وبلجيكا وهولندا والدنمارك وكندا والولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا والهند وفيتنام وإندونيسيا وتايلاند وسنغافورة، وماليزيا، واليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، واستراليا، والإمارات العربية المتحدة.