عى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الأحد المؤتمر الدولي «الرحمة في الإسلام» الذي نظمه قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة الملك سعود، بحضور سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وذلك في قاعة حمد الجاسر بالجامعة. وكان في استقبال سموه لدى وصوله مقر الحفل صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد رئيس لجنة المؤتمر، وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، ومعالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر، ووكلاء الجامعة.
وبدئ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى صاحب السمو الأمير سعود بن سلمان بن محمد رئيس لجنة المؤتمر كلمة نوّه فيها بحرص قسم الدراسات الإسلامية في بناء وتشييد أواصر الرحمة، وتقديم صورة ناصعة ومعاصرة لمعالم الدين الحنيف، وبيان حقيقته في الشرائع، والأخلاق، والرؤية الحضارية. وأوضح سموه أن المؤتمر يعد أحد الأعمال الدؤوبه للمملكة، الذي يؤكد مكانتها ودورها في خدمة البشرية بالإسلام الناصع الصافي البعيد عن التشرذم والتحزبات, مشيداً بالدور الفاعل والكبير للقيادة الحكيمة بحزم وعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - وأعرب الأمير سعود بن سلمان عن شكره لسمو أمير منطقة الرياض على رعايته للمؤتمر، ولكل من أسهم ودعم في وصول صوت المؤتمر وتحقيق ثمرته. بعدها أكَّد رئيس قسم الدراسات الإسلامية نائب رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدكتور عبدالعزيز الضويحي في كلمة أنَّ القرآن الكريم والسنة النبوية استفاض بنصوصهما الداعية إلى الرحمة، إما نصاً وإما مفهوماً. وبيَّن أنَّ المؤتمر تقدم له ما يقرب من 600 ملخص بحثي في جميع محاوره، وبعد تحكيمها، قُبِل منها 38 بحثاً من مناطق مختلفة من العالم، وتم طباعتها لإعدادها كموسوعة علمية لأبحاث الرحمة في الإسلام.
كما ألقى عميد كلية التربية الدكتور يوسف الشميمري كلمة استعرض فيها معاني كلمة «الرحمة» في معناها اللغوي والاصطلاحي، مبيناً أنَّ المؤتمر يأتي أنموذجاً على تنمية القيم الإسلامية.
ثم ألقيت كلمة الضيوف ألقاها نيابة عنهم رئيس لجنة الإفتاء والأحوال الشخصية بوزارة الأوقاف بدولة الكويت الدكتور محمد الطبطبائي قالوا فيها «إن هذا المؤتمر ينعقد في وقت استثنائي، فلا يخفى على الجميع ما يشهده الإسلام من هجمات ومحاولات تشويه لحقيقته ودعوته من أعداء الدين والأمة، ولكن الله تعالى حفظ هذا الدين العظيم».
وأكَّد أهمية هذا المؤتمر بمشاركة 45 دولة من باحثين، وعلماء، ومفكرين؛ لتقديم الإسهامات والأبحاث «معربين عن شكرهم للمملكة على مواقفها المباركة في خدمة هذا الدين وإيصال رسالته.
بعد ذلك ألقى معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران العمر، كلمة بيَّن فيها أهمية هذا المؤتمر بتوقيته، الذي يعاني فيه الإسلام والمسلمون من حملة تشويه وإساءة من أشخاص، ومنظمات، ودول تهدف إلى وصم هذالدين العظيم وأتباعه بالقتل، وسفك الدماء، مجتهدةً في تكريس هذا التشويه عبر كل وسائل الإعلام المتاحة لها.
وقال «ورد مفهوم الرحمة في القرآن الكريم والسنة النبوية بجميع اشتقاقاته، وكان من أكثر المبادئ الكبرى في ديننا الإسلامي، فقُدمت الرحمة والعفو، على الاقتصاص والتجاوز». وأضاف «إن هذه المرحلة تتطلب من أقسام الدراسات الإسلامية إبراز الجوانب الإسلامية لمواجهة حملة التشويه، وهذا المؤتمر الدولي خطوة مباركة على الطريق الصحيح وفي التوقيت الأنسب».
إثر ذلك ألقى سماحة مفتي عام المملكة، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، كلمة قال فيها «تُشكر جامعة الملك سعود على عقد هذا المؤتمر، والرحمة في الإسلام شأنها عظيم وإذا تأمل المسلم كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وجد شأنها العظيم، فالله جل وعلا وسعت رحمته كل شيء، والنبي صلى الله عليه وسلم نبي رحمة، كما قال الله تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، والرحمة خلق عظيم، ومن رحمة الله بالخلق أن شرح لهم العبادات من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وغيرها من العبادات، ومن فضائل رحمة الإسلام ما شرع به للزوجين من محبة ومودة، وإقامة الحدود على المعتدين.
وأضاف سماحته «يتساءل المسلم أين الرحمة في هذا الزمن؟، وأين الرحمة في قوم تسلط عليهم عدوهم ودمر بلادهم؟، وأخرج العوائل والأسر من ديارهم خائفين على أنفسهم. أين الرحمة في هذا الدمار الذي تسلط به العدو على الإسلام، فقتل مئات الآف ظلماً وعدوانا؟. أين الرحمة والمبادئ والكرامة؟.
أين حقوق الإنسان التي ضُيِّعت ظُلماً وعدوانا؟، هُدمت مساجد ومدارس، لأجل مصلحة من، إنه عداء الإسلام الظاهر والشر المستطير، فالإسلام دين رحمة حتى مع الخصوم، قال الله تعالى «وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنئانُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ، والمتأمل لحال المسلم اليوم يرى القسوة الشديدة من أعدائه، والشريعة الإسلامية تنهى عن الظلم، والعدوان، وترحم المجرم والعاصي، فجاءت رحمةً للعالمين أمن الناس بها على أموالهم وأعراضهم، من آمن بها دخل الجنة وصار من المتقين، ومن عصا يُحفظ له ماله وعرضه كل هذا من دين الرحمة».
ودعا سماحته في ختام كلمته الله عز وجل أن يثبت الجميع على دينه الحنيف، وأن يدحر من يعاديه، وأن ينصر هذا الدين بنصره إنه القوي العزيز، وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي العهد لكل ما يحبه ويرضاه. وفي ختام الحفل شاهد الأمير فيصل بن بندر والحضور فيلماً تعريفياً عن المؤتمر الدولي، بعدها كرَّم سموه الداعمين للمؤتمر، كما استلم درعاً تذكارياً بهذه المناسبة، وهدية عبارة عن مجموعة بحوث عن الرحمة في الإسلام. وعدّ سمو أمير منطقة الرياض في تصريح صحفي عقب الحفل، المؤتمر فكرة رائعة تخدم الإلام والمسلمين والكل في حاجة لهذا، مؤكداً أهمية استمرار الأبحاث والتواصل المستمر في هذا الصدد حتى يؤتي المؤتمر أُكله إن شاء الله؛ لأنه عمل ينهج من منهج الإسلام السليم والواضح، مقدماً شكره لجامعة الملك سعود على دعمها وتهيئتها لهذا المؤتمر.
وقال سموه «الدعم الذي تلقاه الجامعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - سيؤتي بإذن الله ثماره في إظهار الكثير من المؤتمرات التي نحن في حاجة إليها في هذه البلاد ليستفيد جميع العالم في أقطاره كافة».
وعما تعرف به المملكة من نشر لرحمة الإسلام أوضح سموه أن منهج المملكة واضح في هذا الأمر, مدللاً على ذلك بوجود مركز الملك سلمان للإغاثة الذي يؤدي دوراً كبيراً في المساعدات الإنسانية على مستوى العالم.
وشكر الأمير فيصل بن بندر في ختام تصريحه القائمين والداعمين للمؤتمر الدولي الذي يشارك فيه حوالي 45 دولة, مؤكداً أن هذه المشاركات إنجاز للجامعة, متمنياً لهم التوفيق والنجاح في أعمالهم وتوصياتهم.
حضر الحفل صاحب السمو الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية للشؤون المتعددة الأطراف، وصاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان رئيس الهيئة الملكية للجبيل وينبع رئيس مجلس إدارة شركة سابك، وصاحب السمو الأمير الدكتور محمد بن سلمان بن محمد، وصاحب السمو الأمير بندر بن سعود بن محمد رئيس الهيئة السعودية لحماية الحياة الفطرية، وأصحاب الفضيلة المعالي، وأعضاء هيئة كبار العلماء، وعدد من كبار المسؤولين.