كشف معهد إدارة المشاريع (PMI) عن قائمة المشاريع الأكثر تأثيراً لعام 2024، وضمت عشرين مشروعاً عبر قطاعات ومناطق مختلفة حققت خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية إنجازات مهمة تتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. علاوة على ذلك، كشف المعهد أيضاً عن المشاريع الأكثر تأثيراً على المستوى الإقليمي، بما فيها مبادرة "استكشفوا المناطق الزراعية" في مدينة الشارقة المستدامة والتي كان لها أثر لافت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وجاء الإعلان عن هذه القائمة خلال فعاليات قمة كونكورديا السنوية في مدينة نيويورك، حيث نوه المعهد إلى نجاح المشاريع المذكورة في تحقيق نتائج لافتة لا تقتصر فقط على الميزانية ونطاق العمل والجدول الزمني، وإنما تتعداها لأكثر من ذلك.
ومن بين المشاريع العشرين الأكثر تأثيراً، تبرز جمعية نساء سنا جاردان التعاونية التي ساهمت في خلق فرص عمل ومنتجات مستدامة ضمن قطاع معروف بكثرة نفاياته. وقامت شركة العطور الفاخرة، المعروفة بكونها "أول دار عطور فاخرة تلتزم بالمسؤولية الاجتماعية في العالم"، بتأسيس هذه الجمعية دعماً للنساء المغربيات الريفيات اللواتي يحصدن الزهور لصالح الشركة، مما أدى إلى زيادة بنسبة 128% في الدخل السنوي لأعضاء سلسلة التوريد في عام 2023 فقط. ومن خلال تبني نموذج مستدام لإعادة استخدام النفايات الطبيعية والعضوية في صناعة منتجات تجميلية، تقدم الجمعية دعماً إضافياً للنساء عبر منحهن كامل أرباح هذه المنتجات.
وفي هذا السياق، قال بيير لو مان، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد إدارة المشاريع: "تشكل المشاريع الأكثر تأثيراً لهذا العام مثالاً واضحاً على ضرورة العمل لمواجهة التحديات العالمية الملحة؛ من ارتفاع درجات حرارة المحيط وانعدام الأمن الغذائي، إلى عدم المساواة بين الجنسين وعدم كفاية التعليم. ولذلك أردنا الاحتفاء بهذه المشاريع وقادتها الشغوفين تكريماً لجهودهم المتميزة في إرساء وجود إنساني أفضل للجميع؛ حيث تجسد تلك المشاريع قوة الإدارة الفعالة، وقدرتها على قيادة التحول، وحفز التغيير الهادف، والارتقاء بعالمنا نحو الأفضل".
يؤكد الحضور القوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن قائمة أبرز المشاريع الإقليمية على الدور الفعال للحكومات المحلية في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية عبر إطلاق واتباع منهجيات مبتكرة. وفي دولة الإمارات تحديداً، تجلت تلك المساعي في تنفيذ وتشجيع نموذج مستدام للجميع من خلال مبادرة "استكشفوا المناطق الزراعية" في مدينة الشارقة المستدامة والتي تم تصنيفها ضمن قائمة المشاريع الثلاثة الأكثر تأثيراً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تعد هذه المبادرة، التي أطلقها المجتمع المستدام الذي تم تطويره بالتعاون بين هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) وشركة دايموند ديفلوبرز، فعالية عائلية ساهمت في تقليل الانبعاثات الكربونية للمدينة، والتوعية بالعلاقة المترابطة بين الغذاء والطاقة والمياه، وإدارة النفايات، وتعزيز الصحة والرفاهية. وتؤكد المبادرة على أهمية مشاركة المجتمع للمضي قدماً نحو تحقيق عالم أكثر خضرة واستدامة للجميع.
وفي مصر، حظيت المدينة الطبية "كابيتال ميد" بإشادة كبيرة بين المشاريع الأهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تهدف إلى توفير خدمات صحية متكاملة ومخصصة على المستويين الإقليمي والعالمي. وتعتبر "كابيتال ميد" أكبر كيان طبي دولي، وتأسست من خلال تحالف استثماري يضم شركة المصريين لخدمات الرعاية الصحية بهدف جذب المتخصصين في المجال الطبي والمرضى من جميع أنحاء العالم.
بدوره قال هاني الشاذلي، المدير التنفيذي لمعهد إدارة المشاريع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "سجلت مشاريع منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حضوراً بارزاً في قائمة المشاريع الأكثر تأثيراً لعام 2024 من معهد إدارة المشاريع، بما يشكل دليلاً دامغاً على الدور الفاعل للمنطقة في تحقيق أهداف الاستدامة العالمية. ويلعب معهد إدارة المشاريع دوراً محورياً في المساعي العالمية المستمرة للتخفيف من الضرر البيئي وعدم المساواة في جميع أنحاء العالم، حيث تُظهر هذه المشاريع الرئيسية - التي تشمل مجالات العمل المناخي، والرعاية الصحية، والاستدامة - القوة التحويلية لإدارة المشاريع في تغيير عالمنا نحو الأفضل".
وحلّ برنامج "الواحة" التابع لهيئة الأمم المتحدة للمرأة - والذي يستفيد منه النساء والأطفال في الأردن منذ تأسيسه في عام 2012 - في المرتبة الثالثة ضمن قائمة المشاريع الثلاثة الأبرز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويشكل هذا البرنامج دليلاً ملموساً على فعالية العمل الإنساني الشامل والقائم على النوع الاجتماعي. ويكشف نموذج "الواحة" عن ارتباطات واضحة بين تمكين المرأة، والتنمية المستدامة، وأمن واستقرار الأردن، ويوضح سبل الاستفادة من الأنشطة التشغيلية للمساهمة في تنفيذ المهام المعيارية والتنسيقية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة. تم تطوير هذا النموذج الفريد من نوعه من قبل هيئة الأمم المتحدة للمرأة استجابةً للاحتياجات الملحة للفتيات والنساء السوريات اللاجئات في مخيمات اللاجئين في الزعتري والأزرق وكذلك عبر المناطق الفقيرة في الأردن.
ومنذ إطلاق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في عام 2015 لمعالجة التحديات البيئية والسياسية والاقتصادية الملحة في العالم، اجتمع ملايين الأشخاص، والمنظمات غير الربحية، والمجموعات، والشركات لابتكار أفكار لامعة وخلاقة حول أفضل السبل لتحسين الحياة الإنسانية. ومع ذلك، كان التقدم المحرز بطيئاً، ذلك أن 17% فقط من أهداف التنمية المستدامة تمضي على المسار الصحيح مع إحراز تقدم ضئيل أو متوسط في نصفها تقريباً وفقاً لتقرير أهداف التنمية المستدامة 2024. وكشف بحث لمعهد إدارة المشاريع أنه من المرجح أن يتم تصنيف المشاريع التي تحقق درجة معينة من الفوائد الاجتماعية على أنها ناجحة.
وتتبنى المشاريع العشرون الأكثر تأثيراً لهذا العام مبادئ التعاطف والعمل الجماعي والابتكار إلى جانب الإدارة المتميزة للمشاريع، وتشكل هذه المشاريع مبادرات تحويلية تعزز أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة مع تبنيها حلولاً ومنهجيات شاملة تعيد التفكير في العالم بطريقة واقعية بدلاً من إيجاد حلول مؤقتة لمشاكله. وتقوم هذه المشاريع بتقييم أدائها بصورة نقدية لتطوير أفضل الممارسات الكفيلة بإحداث تغيير إيجابي ملموس.
وتسلط القائمة الضوء على التقدم الذي أحرزته فرق المشاريع المبتكرة في مجالات التعليم، والعمل المناخي، والهندسة المعمارية، والتكنولوجيا، والرعاية الصحية، وغيرها.
قائمة المشاريع العشرين الأكثر تأثيراً لعام 2024*