تشغل فئة الأطفال مكانة مهمة ضمن استراتيجية هيئة الشارقة للمتاحف ما يجعل الاحتفال باليوم العالمي للطفل الذي يصادف ال 20 من نوفمبر كل عام، مناسبة مواتية تحتفل فيها وتشارك الأطفال عبر باقة من الفعاليات والأنشطة النوعية المخصصة للأطفال.
وتمنح الهيئة هذه الفئة مساحة واسعة في خططها السنوية، انطلاقاً من فهمها لدور فئة الأطفال المستمد من رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بأن الناشئة والأطفال هم مستقبل الوطن الذي علينا حمايته وتأهيله ليتحمل مسؤوليات حمل راية التطوير والبناء وأن المتاحف وجدت لتكون مدرسة لأبنائنا وللأجيال القادمة.
وتحفل خطط هيئة الشارقة للمتاحف بحزمة متكاملة من الفعاليات والبرامج الترفيهية والتعليمية لفئة الأطفال، بهدف رفع الوعي لديهم بأهمية المتاحف ومكانتها التعليمية، وبما يتيح لهم إطلاق العنان لمخيلتهم، وتعزيز قدراتهم ورصيدهم المعرفي.
وفي إطار سعيها لتحقيق أهدافها في مجال توعية الأطفال نظمت الهيئة العام الماضي4635 برنامجاً شاملا للمدارس والعائلات، بالإضافة الى25 برنامجاً مجتمعياً ومجموعة من الــورش والجولات والمناقشــات الثقافيـة فـي مختلـف المتاحـف المنضوية تحت مظلتها، علاوة على إطلاق شخصيتي "حمدان و علياء" سفيري المتاحف المنضوية تحت مظلة هيئة الشارقة للمتاحف وذلك بهدف ربط الأطفال والجيل الجديد بالمتاحف ومقتنياتها، من خلال أسلوب تعليمي ممتع، وتزويد الأسر و طلاب المدارس بجرعة من البرامج والأنشطة التي تسهم في تعزيز دور المتاحف في حياة النشئ بإسلوب عصري جاذب، وقريب من عالمهم واهتماماتهم المختلفة.
وتم اختيار الأطفال من 7 إلى 12 سنة للتوجه اليهم بإصدار خاص يساعدهم على فهم وحب الآثار والمقتنيات وتاريخها، فقامت الهيئة بكتابة قصة تتحدث عن المتحف وعن آثار الشارقة، حيث اختيرت شخصيتي حمدان وعلياء اللذان يقومان مع عائلتيهما بزيارة للمتحف، ويتعرفان على تاريخ الشارقة العريق من خلال مقتنيات المتاحف العديدة .
وتم إصدار سلسلة القصص باللغتين العربية والإنجليزية في 8 متاحف منها متحف الشارقة العلمي، ومتحف المحطة، ومتحف الشارقة للتراث, وهي تعنى بتعريف الأطفال بالمتاحف والمقتنيات التي فيها بأسلوب جذاب ومثير على شكل زيارة عائلية لدعم وتشجيع زيارات العائلات للمتاحف برفقة أبناءهم.
إلى جانب ذلك أطلقت الهيئة برنامجها الفريد " سفراء متاحف الشارقة" الذي يستهدف الأطفال واليافعين، ويسعى إلى رفع وعي الطلبة بأهمية الإرشاد، وتعزيز هذه الثقافة، وتعريفهم بأهمية ومكانة المتاحف في المجتمعات، من خلال صقل مهاراتهم في التواصل والإرشاد والحوار مع زوار المتاحف، وتمكينهم من شرح المقتنيات والتعليم بالقطع لمختلف فئات المجتمع.
ولا تتوقف جهود الهيئة عند هذا الحد إذ تطلق وبالتزامن مع العطل المدرسية فعاليتها السنوية "مخيم إجازة سعيدة"، الذي يستهدف الأطفال من عمر 6 حتى 12 عاماً، ويوفر باقة من البرامج التعليمية المتنوعة، بغرض تعزيز مخزون الطلاب الثقافي وصقل مواهبهم الإبداعية ومساعدتهم على الانفتاح على عوالم أخرى بشكل متوازن عبر سلسلة من الأنشطة المتنوعة التي تقدم باللغتين العربية والإنجليزية.
أول قاعة نموذجية لعلم الآثار التفاعلي
وتتويجاً لخططها الاستراتيجية في تنمية المعرفة لدى الأطفال فقد دشنت هيئة الشارقة للمتاحف خلال العام الحالي أول قاعة نموذجية لعلم الآثار التفاعلي في متحف الشارقة للآثار، والتي تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة، بهدف إتاحة الفرصة للأطفال من سن الـ 4 وحتى الـ 12 عاماً للتعرف على آثار الشارقة وفهم ما توصل له علماء الآثار بطريقة تفاعلية وعبر مجموعة من النماذج والتقنيات والأنشطة.
وتهدف الهيئة من خلال التقنيات والنماذج التي توفرها القاعة إلى تنمية حواس الطفل وتحفيز خياله لاختبار قدراته وتوظيفها في فهم ما توصل له علماء الآثار في الشارقة، وتركز أنشطة القاعة على علاقة سكان الشارقة قديما بالحيوان المستأنس والبري وطرق استفادتهم من الموارد الطبيعية كالمعادن في صناعة أدواته كالأسلحة وأدوات الصيد وصولاً إلى النقود، كما تسلط الضوء على بدايات الفن لديهم والمتمثلة في الرسم على الصخور باعتبارها أولى المحاولات لتعلم الإنسان الكتابة.
وفي استطلاع لآراء الطلبة لزوار القاعة النموذجية، قال الطفل ريان محمد من جمهورية مصر العربية ،11 عاما، الطالب في مدرسة مجمع زايد للتعليم في الشارقة والذي كان منبهراً من محتويات القاعة:”رأيت نموذجا لسفينة الصحراء ومجسما يتوسط المكان للبيت الإماراتي القديم فتخيلت شكل الحياة في الماضي“.
وأفاد حمدان خليفة الطالب في الصف الخامس أن ما دفعه إلى زيارة القاعة النموذجية هو شغفه بالتراث وبكافة التفاصيل التي تتعلق بشكل الحياة اليومية والبيوت بين الماضي والحاضر، وما تصنعه يد الحرفيين، مشيرا الى أنه استمتع برؤية العملات وتفاجئ بمعلومة أنها اكتشفت لأول مرة في امارة الشارقة، مضيفا بأنه من خلال هذه القاعة تعرف عن كثب على تاريخ الإمارة، لافتاً الى أنه لم يسبق له أو لأحد أفراد أسرته زيارتها وأنه بعد ما شاهده سيقوم بتشجيعهم على الحضور.
وتحدث أحمد حسن عن تجربته قائلا: ”أحببت المكان وتصميمه والمجهود العالي الذي تبذله هيئة الشارقة للمتاحف لتنوير الأطفال وتزويدهم بمعلومات هامة عن وطنهم وتاريخهم. ويزيد:” تعلمت كيف كانت تصنع بعض الأدوات قديما كالأواني الزجاجية وصك النقود، وهو أمر لم يكن لدي فكرة عنه وشعرت كم كانت الحياة شاقة“.
وختم بالقول:” ما شاهدته وتعلمته من هذه الزيارة شجعني على تكرارها لكافة المتاحف المنتشرة في الإمارة وسأخبر والدي أيضا كي ننفذ زيارات عائلية لتحقيق المتعة والفائدة فدولتنا تضم كنوزاً نفيسة“.
وكانت دهشة جاد زريقات وابنة عمته ميرال البنا اللذان حضرا برفقة ذويهم لزيارة القاعة ممتزجة بالمتعة وحب المعرفة وهما يتابعان تاريخ النقود والخناجر المعروضة في القاعة والاطلالة على جهود الأجداد في توفير لقمة العيش عبر مهنة الصيد والوسائل المستخدمة.
جدير بالذكر أن هيئة الشارقة للمتاحف تسعى جاهدة لتنظيم فعاليات وبرامج ترفيهية وتعليمية، تسهم في إثراء ذاكرتهم بمخزون معرفي حول الآثار وعلماء الاثار وحول تاريخ وتراث إمارة الشارقة، ورفدهم بالعديد من المهارات والمكتسبات المعرفية والعلمية.