مع تحول منطقة الشرق الأوسط وافريقيا إلى مساحة تشهد انتقالا سريع الوتيرة إلى عالم باتت تحتل فيه الأجهزة المحمولة والسحابة أولوية، أصبح الطلب على خبراء التقنية في هذا المجال أعلى من أي وقت سبق، وذلك في ظل تزايد إقبال المؤسسات والمستهلكين والمدن على الخدمات السحابية، ومع تحول هذه الأخيرة إلى جزء من الحياة اليومية، بات واضحا ازدياد الطلب على مهندسي الخدمات السحابية والتي تنمو بشكل متسارع أكثر من أي وقت سبق.
وتشير أحدث الإحصائيات والدراسات إلى استثمار أكثر من ثلث المنشآت السعودية في الخدمات السحابية، ويتوقع نمو سوق الحوسبة السحابية في المملكة بمعدل 44,5% في العام 2016 مقارنة بالعام الذي يسبقه، ليصل إلى 63 مليون دولار، وذلك في ظل تزايد عدد المنشآت التي تنقل الأعمال غير الأساسية، مثل الإنتاجية والمشاركة بين الفرق والمبيعات والتسويق وإدارة الموارد البشرية إلى السحابة، وفقا لدراسة FutureScape Predictions من IDC.
كما أظهر استطلاع للرأي أجرته "مونستر دوت كوم" التي تعتبر إحدى أبرز مقدمي خدمات التوظيف عبر الإنترنت، أن 68% من الشركات التي شملها الإستطلاع في منطقة الشرق الأوسط والهند تجد صعوبة كبيرة، أو على الأقل تجد صعوبة معينة، في توظيف المهارات المتخصصة في مجال التقنية، في حين تجد 17% فقط أنه من غير الصعب أو أنه من السهل العثور على مثل هذه الكفاءات. وأكد الإستطلاع أن نحو 55% من الشركات تحتاج من 5 إلى 10 ساعات عمل لتوظيف موظف تقني واحد. ولإبراز صعوبة الأمر على وجه التحديد، أفادت 72% من الجهات المشاركة في الإستطلاع أن عملية التوظيف تتكلل بالنجاح مع اثنين فقط من بين كل عشرة أشخاص يتم التواصل معهم. وعلى الصعيد المحلي، سجل مؤشر الشركة نموا لتوظيف الخبرات في مجال برامج وأجهزة الكومبيوتر والإتصالات بنسبة 43% بين مارس (آذار) 2014 والشهر نفسه من العام 2015.
ويمكن تعريف الحوسبة السحابية على أنها معالجة البيانات الخاصة بالمستخدمين عبر أجهزة خادمة بعيدة عنهم، وذلك بالإتصال بها عبر الإنترنت، بحيث يمكن مشاركة موارد مراكز البيانات الضخمة مع المستخدمين وفقا للحاجة، ومن أي مكان يتصل به المستخدم. وتتجه منظومة تقنية المعلومات بسرعة نحو الخدمات السحابية، وقبلت معظم المؤسسات بهذه الرؤية. وسبق أن بدأ المستخدمون الأفراد اعتماد الخدمات السحابية كليا من دون أن يدركوا ذلك؛ فمعظم الخدمات الشخصية تهيمن عليها كليا الحوسبة السحابية وخدمات الإنترنت على الأجهزة المحمولة. ويتوقع في المستقبل القريب أن يكون لكل شخص على الأرض صورة لنفسهم كهوية افتراضية مخزنة على السحابة، إلى جانب معلوماتهم الشخصية والعملية. وينتقل عدد أكبر من المستخدمين في أنحاء الشرق الأوسط وافريقيا إلى السحابة للإستفادة من المزايا التي تحسن الإنتاجية والأمن.
ومن أبرز خدمات الحوسبة السحابية منصة "مايكروسوفت آجر" Microsoft Azure التي تشمل مجموعة متنامية من الخدمات السحابية التابعة للشركة، وأكثر من 93 ألف اشتراك جديد كل شهر. وتطور هذه المنصة إنتاجية البيانات الكبرى إلى حد بعيد وتبسط معالجة البيانات الضخمة وتحليلها، وتقربها أكثر من متناول المطورين وعلماء البيانات والمحللين لتخزين البيانات مهما كان حجمها وشكلها وسرعتها، على مختلف المنصات وبمختلف لغات البرمجة. وتطال مقاربة الشركة حيال السحابة مجالات ثلاثة، هي البنى التحتية على نطاق ضخم لمساعدة المؤسسات على الوصول إلى عملائها، والسحابة الهجينة التي تسمح للمؤسسات بأن تجمع بين الخدمات السحابية والخوادم داخل المؤسسة، والخدمات على مستوى المؤسسات لضمان الأمن والإمتثال فضلا على المرونة والاختيار. وتهدف هذه المقاربة الهجينة إلى مساعدة المترددين في الإنتقال إلى الخدمات السحابية، وتوجيههم لإعتماد السحابة من دون إرغامهم على ذلك، بالإضافة إلى تطوير الإجراءات الأمنية وتحديثها آليا وبشكل فوري.
ويشهد هذا القطاع طلبا أيضا على الأخصائيين في مجال أمن السحابة، حيث يشكل أمن البيانات ونقص الوعي حول قوانين حماية البيانات والخصوصية بعضا من العوائق التي تحول دون تبني عملاء جدد لخدمات الحوسبة السحابة. ويتوقع نمو معدل الإنفاق على برمجيات أمن المعلومات في المملكة بنسبة 12% في العام 2015 مقارنة بالعام 2015، ليصل إلى 96 مليون دولار أميركي، ويتوقع أن تشهد الحوسبة السحابية نموا هائلا عندما تضع بلدان منطقة الشرق الأوسط وافريقيا معاييرتصنف درجة حساسية البيانات الممكن رفعها على السحابة. وقد تستفيد كذلك فيما لو وضعت هذه المسألة ضمن أولى أولوياتها، إذ أن السحابة تمنح المؤسسات الطريقة الأقل كلفة والأكثر قابلية للتوسع والأسرع للوصول إلى المستخدم النهائي وتحسن تنافسيتها. وسيحرص الترميز (التشفير) القوي على استحالة الوصول إلى البيانات من دون معرفة المستخدم وموافقته.
ومن الواضح أن هذا القطاع حافل بالتشويق وتكثر فيه مجالات التخصص وتنشأ فيه وظائف جديدة أكثر في كل عام، الأمر الذي يزيد من زيادة الطلب على خبرات المهندسين في هذا القطاع وبالتالي خلق فرصة توظيفية جديدة ونوعية.