عالم اليوم أضحى بكل أساليبه، وأنماطه وتفاصيله مرتبطًا ارتباطا وثيقا بالشبكات العالمية المتجددة، وبأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية؛ بل أصبح قرية كونية صغيرة يتفاعل الجميع فيها ويتواصلون ويتشاركون في المعلومات والأفكار، وارتبطت فيه أغلب الأنشطة الحياتية الأساسية بانسيابية المعلومات وأمانها وتكامل أنظمتها. ويتهيأ العالم مع هذا التقدم لاستقبال ثورة صناعية رابعة تقوم على تقنيات تتسم بالنمو المتسارع في قدرات المعالجة الحاسوبية وقدرات التخزين الهائلة للبيانات وتبادلها، والاستعداد للتعامل مع منتجات ومعطيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأجهزة ذاتية التحكم، وكل ذلك يتطلب المواكبة الذكية، وتنمية القدرات النوعية المختلفة، والتكييف وفق متطلبات الأمن السيبراني. وانطلاقًا من إدراك المملكة العربية السعودية لهذه المتغيرات وتفاعلها مع مستجدات العصر وتطوراته، وترجمةً لنهج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد حفظهم الله في قيادة بلادنا لتكون نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، ولرؤية المملكة 2030 التي جعلت التحول نحو العالم الرقمي وتنمية البنية التحتية الرقمية ضمن مستهدفاتها، واستشعارا لأهمية البيانات والأنظمة التقنية والبنى التحتية الحساسة وارتباطها بالمصالح الوطنية، وأهمية حمايتها من أي تهديدات أو مخاطر يشهدها الفضاء السيبراني يأتي تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وارتباطها بالملك -حفظه الله- وذلك وفق الأمر الملكي الكريم بالموافقة على تنظيمها بتاريخ 1439/2/11 هـ لتكون الهيئة هي الجهة المختصة في المملكة بالأمن السيبراني، والمرجع الوطني في شؤونه، وتهدف إلى تعزيزه؛ حمايةً للمصالح الحيوية للدولة وأمنها الوطني والبنى التحتية الحساسة والقطاعات ذات الأولوية والخدمات والأنشطة الحكومية. ولا يخلي ذلك أي جهة عامة أو خاصة أو غيرها من مسؤوليتها تجاه أمنها السيبراني بما لا يتعارض مع اختصاصات ومهمات الهيئة الواردة في تنظيمها. ولقد عرف تنظيم الهيئة الأمن السيبراني على أنه: "حماية الشبكات وأنظمة تقنية المعلومات وأنظمة التقنيات التشغيلية ومكوناتها من أجهزة وبرمجيات، وما تقدمه من خدمات، وما تحويه من بيانات، من أي اختراق أو تعطيل أو تعديل أو دخول أو استخدام أو استغلال غير مشروع. كما يشمل هذا المفهوم أمن المعلومات والأمن الإلكتروني والأمن الرقمي ونحوها".