يشهد قطاع الاتصالات التقليدية تحولاً جذرياً اليوم. وفيما تتراجع تدفقات الدخل التقليدي لمزودي خدمات الاتصالات، تهدد القوانين المعتمدة نشاط ونمو السوق.
وفيما يواجه قطاع الاتصالات ضغطاً متزايداً على مصادر الدخل التقليدية من الشركات المنافسة والقوانين المعتمدة والمبدعين الرقميين، يجد مزودو خدمات الاتصالات أنفسهم اليوم في قلب منظومة اتصال ستدخل تدريجياً في صلب جميع المنتجات والخدمات التي نستخدمها. وفي حال أجادوا استغلال ذلك بالشكل المطلوب، فإن هذا سيوفر بلا شك فرصاً أكبر وأكثر تنوعاً لم يسبق لقطاع الاتصالات أن شهدها.
وبهذا الخصوص، قال دان فولكنر، النائب الأول لرئيس شركة "نوانس للاتصالات" الرائدة بمجال تزويد خدمات الاتصالات: "من الصعب للغاية منافسة العروض المجانية، ولكن يمكن المحافظة على مكانة تنافسية بالرغم من وجود هذا التحدي. ولهذا، يبحث مزودو خدمات الاتصالات عن منصات جديدة تمكنهم من استغلال مكانتهم الفريدة لتوفير تدفقات الدخل".
وأضاف فولكنر: "الأسوأ من ذلك هو أن المنصات الرقمية العالمية - بما فيها ’فيسبوك‘ و’جوجل‘ و’آبل‘ و’أمازون‘ - تدخل اليوم سوق الاتصالات الرئيسية بتقنيات ونماذج أعمال مبتكرة، مما يهدد مكانة العديد من مزودي خدمات الاتصالات في ضوء الخيارات الجديدة المطروحة. ويحرص خبراء التكنولوجيا الرقمية اليوم على الاستفادة من بيانات المستهلكين وبيع مساحات إعلانية توفر للمستخدمين خدمات مجانية عموماً".
في صميم إنترنت الأشياء
يحظى مزودو خدمات الاتصالات بمكانة فريدة في طليعة وصميم منظومة الاتصال المتنامية التي نشهدها اليوم، فهم مسؤولون عن تشغيل البيانات التي تتيح لأجهزة الهواتف المتحركة والخدمات وإنترنت الأشياء الاتصال والوصول إلى المحتوى المنشود، كما يوفرون في الغالب وصولاً مباشراً إلى المحتوى والخدمات المناسبة للمنازل الذكية.
وقال فولكنر بهذا الصدد: "يمكن لمزودي خدمات الاتصالات الاستفادة من هذه المكانة من خلال مواصلة تحليل أسعار تحويل العروض، وملفات تعريف المشتركين، واستخدام المحتوى، ونشاط الشبكة؛ وذلك لابتكار وتقديم عروض مخصصة تلائم احتياجات جميع المشتركين. وباستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات السلوكية، يمكن لمزودي خدمات الاتصالات أن يضمنوا تقديم العرض المناسب في الوقت المناسب وباستخدام قناة الاتصال المناسبة لكل مشترك. وهذا يساعد مزودي خدمات الاتصالات على ربط المشتركين بأهم الخدمات ذات الصلة".
فن البيع الإضافي
لا شك أن الهدف الرئيسي للعديد من مزودي خدمات الاتصالات تكمن في تحقيق دخل إضافي، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدهم على إيصال المشتركين إلى خدماتهم المفضلة. وإلى جانب بيع منتجات إضافية، يمكن لتقديم العرض المناسب في الوقت المناسب أيضاً أن يعزز من رضا العملاء باعتبار أن المشتركين يحصلون على ما يريدونه في نهاية المطاف. وعلى سبيل المثال، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لمساعدة المستهلكين على إيجاد محتوى الفيديو الذي ينشدونه سيضاعف من مشتريات الفيديوهات المفضلة، كما سيحد من معدل إلغاء الاشتراك وسيزيد بشكل عام من الوقت المخصص لاستخدام الجهاز، وهو ما يقود بشكل عام إلى تحقيق المزيد من الدخل لمزودي خدمات الاتصالات.
وأضاف فولكنر: "إن إقناع العملاء بشراء منتجاتٍ إضافية هو فن بحد ذاته، فتقديم عرضٍ غير مناسب في التوقيت الخاطئ ما هو إلا بريد غير مرغوب به. ومن العروض المجزية على سبيل المثال، تقديم فرصة شراء كمية صغيرة من البيانات وبسعرٍ جيد لأحد عملاء الدفع المسبق بما يتضمن كمية ثابتة من البيانات عالية السرعة لكنها نفذت قبل أيام قليلة من نهاية الشهر (بحيث تكون كمية البيانات كافية لما تبقى من الأيام بناءً على ملف الاستخدام الشخصي للعميل). إنما بعد أسبوعٍ من ذلك، يغدو العرض بدون فائدة ومجرد بريدٍ مزعج لا أكثر".
مصادر دخل جديدة
بالنسبة لمزودي خدمات الاتصالات الراغبين بالاستفادة من تحليل بيانات المشتركين لتحقيق تدفقات دخل جديدة، فهناك 3 نماذج يجب أخذها بعين الاعتبار وتجسد مختلف أنماط العملاء.
فبالنسبة للمشتركين الذي يملكون حساباً لاحق الدفع، يتعين على مزودي خدمات الاتصالات تزويدهم بالمحتوى والخدمات التي تشجعهم على استخدام خدمات البيانات عالية السرعة الخاصة بهؤلاء المزودين. وبهذه الطريقة، يمكن لمستخدم لا يحتاج سوى لمستوى منخفض من سرعة البيانات العالية المتوافرة لديه أن يقوم بتصميم حزمة بيانات تناسب احتياجاته، أو قد يمكنه تحويل اشتراكه بدلاً من ذلك.
وقال فولكنر بهذا الخصوص: "بالنسبة لمشتركي خدمات الدفع المسبق الذين لا يحتاجون سوى لمستوى منخفض من خدمات تسليف الرصيد، يمكن لمزودي خدمات الاتصالات تزويدهم بعروض مغرية لإعادة الشحن في تلك اللحظة. وعلى سبيل المثال، عندما يكون بحوزة العميل رصيد قليل ولكنه يحاول تصفح الإنترنت، يمكن لمزود خدمات الاتصالات المعني أن يقدم له عروضاً من أجل إعادة الشحن، إذ يمكن أن يرسل إليه عبارة "رصيدك على وشك النفاذ، في حال شحنت الآن بقيمة 2 جنيه، ستحصل على بيانات مجانية لبقية اليوم".
وأضاف فولكنر: "يتوجب على مزودي خدمات الاتصالات أن يسعوا لتزويد المشتركين بالمحتوى المستهدف لإقناعهم بشراء منتجات إضافية. فعلى سبيل المثال؛ بالنسبة للأشخاص الذين يهتمون غالباً بتحميل تطبيقات الصحة واللياقة البدنية، يمكن لمزودي خدمات الاتصالات أن يعرضوا عليهم الاشتراك بمقالات الصحة واللياقة البدنية مثل ’تبلغ تكلفة الاشتراك الأسبوعي 99 بنساً؛ أما في حال اشتركت الآن، فيعتبر الأسبوع الأول مجانياً‘".
وأردف فولكنر: "بغض النظر عن التوجه المتبع، يتيح تحليل بيانات المشتركين وتقنيات التعليم الآلي الفرصة أمام مزودي خدمات الاتصالات لتوفير مصادر دخل جديدة وسط سوق تتزايد تنافسيتها يوماً تلو الآخر. وعلى غرار الطريقة التي يتعامل فيها المستخدمون مع تغيرات المحتوى والبيانات، يتعين على مزودي خدمات الاتصالات أن يواكبوا ويستفيدوا من تغير بيانات عملائهم مع الوقت لضمان استفادتهم بالشكل الأمثل من الخدمات المطروحة.