بعد أن حققت أنشطة الاكتتابات العامة الأولية المحلية نمواً ملفتاً فاق حدود التوقعات من حيث القيمة والحجم على مدى العامين المنصرمين، شهدت صفقات الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود في عام 2015 تراجعاً ملحوظا في أدائها إلى مستويات أدنى من العام 2013، وذلك بحسب نتائج مؤشر الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود*، وحدها فقط أسواق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا أظهرت ارتفاعاً في الصفقات المحلية، وانعكست الاتجاهات العالمية في بلدان مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر.
ويبين المؤشر بأن أنشطة الاكتتابات العامة في الأسواق المحلية والخارجية على الصعيد العالمي قد تراجعت لهذا العام، مع توقعات بأن يواجه المصدرون المحتملون تحديات صعبة مثل هبوط السوق وعدم الاستقرار الجيوسياسي وانخفاض أسعار السلع وارتفاع أسعار الفائدة. وأظهرت مبيعات التجارة العالمية تقييمات أكثر استقرارا وأعلى مستوى من انشطة الاكتتابات العامة وذلك على حساب أسواق رأس المال.
وبوجه عام، تمكنت أنشطة الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود من حصد 37.8 مليار دولار أمريكي على النطاق العالمي خلال الفترة من 1 يناير 2015 إلى 10 ديسمبر عام 2015، بانخفاض بنسبة 53% عن العام السابق. ولمزيد من الإيضاح، ارتفعت قيم صفقات الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود بنسبة 98% في عام 2014 وبنسبة 73% في عام 2013، بينما تراجع حجم أنشطة الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود بنسبة 32% لتصل إلى 128 صفقة بعد تحقيق أرباح أعلى بنسبة 26% في عام 2014 وزيادة بنسبة 58% في عام 2013.
وبعد عام من الغياب، كان هناك عملية إدراج جديدة واحدة عابرة للحدود قامت بها شركة اماراتية وهي صفقة الاكتتاب العام على شركة أوراسكوم للإنشاء المحدودة، التي أدرجت في اكتتاب أولي في سوق مصر للأوراق المالية وتمكنت من جمع 185.01 مليون دولار أمريكي. وبقيت أنشطة الاكتتابات العامة الأولية في المملكة العربية السعودية في حال من الركود لهذا العام.
وشهد عام 2015 طرح أول صفقتي اكتتاب عام عابر للحدود من قبل شركات مصرية في السنوات الخمس الماضية. وأثمرت عمليتا الإدراج الجديدتين عن جمع 558.14 مليون دولار أمريكي، وكانتا من ضمن صفقات الاكتتاب العام خارج السوق المحلية الاكثر تميزاً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وبعد جمع تمويلات بمبلغ 334 مليون دولار أمريكي في الاكتتاب العام على شركة التشخيص المتكاملة القابضة ومبلغ 264 مليون دولار أمريكي في الاكتتاب العام على شركة إيديتا للصناعات الغذائية ش.م.م، تم إدراج الشركتين في ادراج ثانوي في كل من البورصة المصرية وسوق لندن للأوراق المالية.
الجدير بالذكر أن هناك ثلاث بورصات فقط استأثرت بنسبة 93% من مجموع الاكتتابات العامة الأولية العابرة للحدود في عام 2015، وهي بورصة هونج كونج وناسداك وبورصة لندن – ويعود ذلك إلى اتجاه الشركات التي تسعى إلى جمع رأس المال في أسواق أقوى مركزاً وأفضل رسملة.
ومن ضمن أكبر 10 صفقات للاكتتاب العام التي طرحت خارج سوقها المحلي، كانت هناك 9 شركات صينية أدرجت في بورصة هونج كونج. وعالمياً، شهد العام 2015 ارتفاعاً في صفقات الاكتتاب العام خالعابرة للحدود في قطاعات الاتصالات والرعاية الصحية والخدمات المالية والقطاع الصناعي.
كما انخفضت الإصدارات المحلية بنسبة 25% على الصعيد العالمي في عام 2015، إلا أنها أقل جزئياً بنسبة 2% من النتائج المسجلة في عام 2014. وتراجع حجم صفقات الإصدارات المحلية أيضاً بنسبة 17%. ومع ذلك، حققت صفقات الإصدارات المحلية نمواً بنسبة 7% في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، وهي المناطق الوحيدة التي أظهرت نمواً في الصفقات المحلية.
لم تشهد دولة الإمارات إدراج أي شركات جديدة للتداول في بورصاتها لهذا العام، وذلك مقارنة بالعام السابق الذي شهد إدراج خمس شركات جديدة توّجت بجمع رأس مال بلغ 2.91 مليار دولار أمريكي. وبالمثل، انخفضت أنشطة الاكتتاب العام المحلية في المملكة العربية السعودية لهذا العام أيضاً وانعكس ذلك من خلال تراجع مبلغ رأس المال المجمع بنسبة 84% (أي من مبلغ 6.4 مليار دولار أمريكي في العام 2014 إلى 1 مليار أمريكي في عام 2015)، في حين انخفض حجم صفقات الاكتتاب من خمس عمليات إدراج جديدة إلى ثلاث فقط لهذا العام.
من جهة أخرى، ارتفع أداء الاكتتاب العام الأولي في السوق المحلية المصرية إلى ثلاثة أضعاف، وبلغ إجمالي رأس المال الذي تم جمعه من تلك الصفقات 360.3 مليون دولار أمريكي نتيجة إدراج ثلاث شركات جديدة للتداول في عام 2015، مقارنة بعملية إدراج واحدة بلغت قيمة رأس المال المجمع من خلالها 108.7 مليون دولار في عام 2014.
وعلق السيد كريم نصار، رئيس قسم أسواق رأس المال في الشركة الزميلة لشركة "بيكر أند ماكينزي" في الرياض: "لقد كان عاما صعباً نظراً لارتفاع معدل التذبذب وحالات عدم الاستقرار وانخفاض أسعار السلع وحالات عدم اليقين الجزئي الذي من المرجح أن يستمر تأثيره على الأسواق في العام 2016 قبل أن نشهد انتعاش أنشطة الاكتتاب العام مجدداً."
وقال السيد مازن البستاني، رئيس الخدمات المصرفية والتمويل في "بيكر أند ماكينزي. حبيب الملا" في دبي: "لن يكون سيناريو الربع السنوي المقبل مختلفاً عن نظيره في عام 2015، إذ من المرتقب أن يستمر تراجع أنشطة الاكتتاب العام على مدار السنة، وستواجه البنوك والمصارف في منطقة الشرق الأوسط مزيداً من التحديات في العام 2016." وأضاف السيد البستاني: "مع تسارع وتيرة التنوع الاقتصادي في سائر أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي في محاولة للتخفيف من تداعيات تقلبات أسعار النفط، ومع صدور المزيد من الأنظمة التجارية والمالية الجديدة التي يجري اصدارها و تنفيذها في المنطقة، هناك أمل لمزيد من تدفقات رؤوس الأموال الخارجية في المستقبل."