تمتد علاقة البشر مع مادة السكر إلى عقود طويلة، ويُعتبر من أكثر الأطعمة المحبذة لهم وتستهويه حاسة ذوقهم بشكل كبير، إلا أن استهلاكه بشكل مفرط قد يسبب الكثير من المشاكل لجسم الإنسان. حيث تنقسم المواد السكرية بحسب تركيبتها إلى نوعين: السكر الطبيعي، والسكر المضاف.
وتُعرف السكريات الطبيعية أيضاً باسم السكريات البسيطة، وتوجد في الكثير من الأطعمة مثل الحليب والفواكه (اللاكتوز ما يعني هضم السكر، والفركتوز وهو السكر الرئيسي الموجود بشكل طبيعي في العسل والفواكه مثل التمر والزبيب والتين والتفاح وعصائر الفاكهة الطازجة).
أما السكريات المضافة، فهي تصنف على أنها سكريات أو مُحليّات تضاف إلى الطعام أثناء معالجته أو في مرحلة التحضير، مثل إضافة السكر أثناء صنع الحلوى أو تحضير القهوة. ويمكن أن تشمل السكريات المضافة الموجودة منها في العسل والسكر الأبيض وما إلى ذلك، بالإضافة إلى المُحليّات الغذائية الأخرى التي يتم تصنيعها مثل شراب الذرة.
المشكلة تكمن في السكريات المضافة
وفقاً لمجلة نيتشر ، فقد تضاعف استهلاك السكر ثلاث مرات على مستوى العالم منذ الخمسين عاماً الماضية، حيث إن تركيبة جسم الإنسان تساعد على استهلاك متطلباته من السكر من خلال السكريات الطبيعية، في حين إن المضافة منها لا تقدم أي قيمة غذائية وهي ضارة إلى حدٍ كبير.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بأنه يجب على البالغين والأطفال تقليل تناولهم للسكر لأقل من 10٪ من إجمالي حاجتهم اليومية من الطاقة، وهذا ما يقارب 12 ملعقة صغيرة من السكر لكل شخص بالغ يومياً، أي ما يعادل 50 جراماً.
المخاطر الصحية بسبب الاستهلاك المفرط للسكر
يُعتبر الاستهلاك المفرط للسكر سبباً رئيسياً للعديد من المشاكل الصحية، والتي تبدأ بالشعور بالتعب، وصولاً لأمراض القلب والأوعية الدموية. كما أن السكر هو السبب وراء ارتفاع معدلات السمنة ومرض السكري حول العالم. وتحتوي المشروبات وبالأخص المشروبات الغازية أو العصائر المحلاة صناعياً والشاي على الفركتوز، والذي يحوي خصائص تزيد من الشهية وتسبب الجوع الشديد، ما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام للوصول إلى مستويات الشبع، وبالتالي التسبب في السمنة.
كما تؤدي زيادة استهلاك السكر إلى مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم، وبالتالي يؤثر على الأداء الطبيعي للقلب، وارتفاعه المستمر يساهم في حدوث التهاب مزمن، وكل هذه العوامل مجتمعة تزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية.
كيف يتم إخفاء السكريات المضافة
تُعتبر المصادر الأولى للسكريات المضافة هي المشروبات المحلاة والحلوى السكرية والأطعمة المصنعة والمخبوزة. ومع ذلك، فإن ناقلات السكر المضاف لا تشمل الأطعمة الحلوة فقط، وإنما في الأطعمة غير الحلوة أيضاً مثل كاتشب الطماطم، والأطعمة المصنعة مثل الخبز وصلصات المارينارا وتوابل السلطة المعبأة، والتي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات المضافة، وبالتالي يتم إخفاء الكثير من المصادر الظاهرة للسكر المضاف.
بالإضافة إلى ذلك، لا يتم ذكر السكريات المضافة بشكل صريح دائماً، بل أنه في بعض الأحيان يتم تصويرها بأسماء أخرى لا تشير بالضرورة إلى السكر، مثل رحيق الأغاف (التحلية الطبيعية المستخدمة في المواد الغذائية والمشروبات)، والسكروز أو سكر القصب أو سكر المائدة وغيرها الكثير.
وكأمثلة على ذلك، فيمكن إدراج السكر بطرق مختلفة على الملصقات الغذائية كمحلى أو شراب الذرة، والسكر البني، ومركزات عصير الفاكهة، والعسل، ودبس السكر، والسكر الخام، والسكريات التي تنتهي بـ "ose"، والشراب المركز.
مشكلة متزايدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
وذكرت دراسة أجرتها شركة Protectivity للتأمين في المملكة المتحدة نُشرت في مايو 2018، أن المواطن في الإمارات العربية المتحدة يستهلك ما يقرب من 103 لترات من المشروبات الغازية في السنة. حيث استندت هذه الإحصائيات إلى البيانات المستمدة من نسبة الاستهلاك البشري لعام للتأمين في 2017-2018 والصادرة من وزارة الزراعة الأمريكية.
وكشفت الدراسة التي نشرتها “Protectivity” بأن الإمارات العربية المتحدة هي أكبر مستهلك للسكر في العالم، حيث يستخدم المستهلك العادي حوالي 214 كيلو غرام من السكر كل عام، الأمر الذي دفع الإمارات العربية المتحدة المتحدة إلى فرض ضريبة انتقائية بنسبة 50٪ على أي منتجات تمت إضافة السكر أو المُحليّات إليها، سواء كانت مشروباً أو مسحوقاً أو مركزاً أو مستخلصاً أو غير ذلك. (قرار مجلس الوزراء رقم 52 لسنة 2019).
وتعليقاً على مخاطر الاستهلاك المفرط للسكر، قال كبير مسؤولي التطوير في شركة إيفكو، السيد رايموند شيفلر: "لقد حان الوقت لأن يتنبه الناس إلى المخاوف الصحية الخطيرة التي تنتج من عادة الاستهلاك المفرط للسكربشكل عام والسكر المضاف بشكل خاص والذي يؤدي إلى ظهور أمراض تؤثر على نمط الحياة وتؤثر بصمت على صحة الفرد، لهذا يجب علينا أن نعمل بانتظام على تقليل الكمية التي نستهلكها من السكر".
نصائح لتقليل تناول السكر
وعلى الرغم من صعوبة استبعاد السكر من وجباتنا الغذائية بشكل كامل، إلا أنه يُنصح بالتقليل منه والابتعاد عن السكريات المضافة. وفيما يلي بعض النصائح التي يمكنك اتباعها للانتباه من استهلاك السكريات المضافة:
• توقف عن تناول المشروبات الغازية والمحلاة والسكرية واختر بدلاً منها المياه ذات النكهات العضوية.
• قم باختيار الزبادي العادي بدلاً من المنكه، لأن الزبادي المنكه يحتوي على كمية ضارة من السكريات المضافة.
• اختر الفاكهة بدلاً من العصائر، لأن العصائر تقضي على محتوى الألياف في الفاكهة، والألياف ضرورية لنظامنا الغذائي لأنها تساعد على الشعور بالشبع لفترة أطول، وبالتالي تقليل خطر الإفراط في تناول الطعام.
• راقب الوجبات الخفيفة بعناية، حيث أن غالبية الوجبات الخفيفة الجاهزة مليئة بالسكريات المصنعة، لهذا استبدل وجباتك الخفيفة المعبأة مسبقاً بوجبات صحية كالمكسرات والفواكه المجففة ومزيج من البذور الغذائية.
• تجنب تتبيلات السلطة الحلوة.
• قم بشراء الصلصات والكاتشب من خلال قراءة ملصق المكونات بعناية واختر منها الخالية من السكر.
• اشترٍ المنتجات الطازجة والوجبات المطبوخة في المنزل بدلاً من الأطعمة المصنعة والمعلبة.
بريقٌ من الأمل
تبحث الشركات والعلماء منذ فترة عن بدائل للسكر، بسبب زيادة المطالب إلى الحد من استخدام السكر وتجنب المكونات الاصطناعية. وكانت شركات كبرى مثل Coca Cola قد عرضت جائزة نقدية لأي شخص يتوصل إلى بديل موثوق للسكر، والذي يحاكي إلى جانب المذاق، الخصائص الهيكلية التي تُعتبر بالغة الأهمية أثناء الطهي والخبز.
وتعليقاً على السعي لإيجاد بديل للسكر، قال كبير مسؤولي التطوير في شركة إيفكو، السيد رايموند شيفلر: "بدأ الناس بالتنبه للآثار السلبية للاستهلاك المستمر للسكر، وهم حريصون على تغيير نظامهم الغذائي. لذلك تسعى الشركات الكبرى والعلماء إلى تكريس جهودهم لإيجاد بديل مناسب للسكر، بهدف الحفاظ على الحلاوة مع تقليل الآثار الجانبية للاستهلاك المفرط للسكر. وقد نشهد في المستقبل القريب بدائل ثورية للسكر، وبالتالي نحافظ على صحتنا وبيئتنا. فالرحلة بدأت للتو".