بعد خمسة أيام من الفعاليات الثقافية والعروض التراثية التي زينت شوارع العاصمة الروسية موسكو، اختتمت إمارة الشارقة-العاصمة العالمية للكتاب للعام 2019، فعاليات مشاركتها في معرض موسكو الدولي للكتاب الذي حلّت ضيفاً مميزاً على دورته الـ32، كأول مدينة عربية في تاريخ المعرض، حيث عرّفت بمشروعها الثقافي الذي يتجاوز الأربعة عقود، وقدمت ملامح إبداعية عربية وإماراتية، شاركها فيها نخبة من الأدباء والمثقفين والزوّار الروس خلال الفترة من 4وحتى 8سبتمبر المقبل.
ونظّم جناح الشارقة، الذي أشرفت عليه هيئة الشارقة للكتاب، مجموعة متنوعة من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية والفكرية، التي أطلعت المثقفين والناشرين والجمهور الروسي على ما تقوده الإمارة من مبادرات وجهود ثقافية تخدم واقع النشر وتمدّ الناشرين بخبرات ومعارف جديدة، إضافة إلى ما تحتضنه الإمارة سنوياً من فعاليات ثقافية.
وحول هذه المشاركة، أكد الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، رئيس وفد الشارقة المشاركعلى أن هذه المشاركة الفاعلة للشارقة في واحد من أهم تظاهرات العالم الثقافية تعبّر عن رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الداعية إلى أن تكون الثقافة والفنون والإبداع هي اللغة الأساسية التي تتحدث بها الإمارة للعالم بأسره.
وتابع رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة: "جاءت الشارقة، على بلد يمتلك إرثاً ثقافياً كبيراً، بلد ولِدَ الأدب الروسي فيه قبل ما يزيد عن ألفيّ عام، وها نحن اليوم نختتم هذه المشاركة التي قدّمت من خلالها الشارقة تعريفاً جوهرياً للثقافتين الإماراتية والعربية، وأطلعت الجمهور الروسي من أدباء ومثقفين وناشرين وجمهور محبّ للأدب والثقافة على منجزات كبيرة تشارك فيها جميع المؤسسات والهيئات الثقافية في الشارقة، لتسجّل الإمارة بهذه المشاركة إنجازاً جديداً يضاف إلى مسيرة حافلة بالمنجزات، حققت من خلالها حضوراً متميزاً على صعيد مختلف الدول والمدن حول العالم حتى باتت واحداً من المدن الأساسية على خارطة العمل الثقافي والإبداعي الإنساني بتجلياته".
وأضاف الشيخ فاهم القاسمي: "على مدار خمسة أيام، قدّمت الشارقة مشهداً استثنائياً يدلّ على متانة العلاقات التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الروسية، هذه العلاقات التي بنيت منذ تاريخ طويل على صعيد العمل الثقافي والاقتصادي وغيرها، أثمر اليوم عن حضور استثنائيّ للشارقة التي التفّت حول مشاركتها جميع شرائح المجتمع الروسي، وجسّدوا ملمحاً حضارياً جمعه الفنّ والأدب، وتخطى حاجز اللغة، بما يؤكد على أن الثقافة والإبداع الإنساني ثوابت مشتركة تجمع الشعوب".
من جانبه، أوضح سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب أن مشاركة الإمارة كأول مدينة عربية تحلّ ضيفاً على المعرض هو تأكيد على مكانتها وأهميتها على صعيد العمل الثقافي العربي والعالمي، مشيراً إلى أن الإمارة ترسّخ من خلال هذه المشاركة أهمية مشروعها الثقافي الكبير الذي يتخذ من الكتاب والمعرفة والإبداع منطلقاً للتواصل الحضاري مع الآخر.
وتابع رئيس هيئة الشارقة للكتاب:" بعد كلّ مشاركة للإمارة عربياً وعالمياً، نستذكر الدعوة التي وجهها لنا صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تدعيم جسور التواصل والتلاقي الفكري والثقافي مع العالم من خلال الكتاب، والعلم، والمعرفة، والإبداع، دعوة رسّخت لدينا أهمية أن ننفتح على الآخر، ونذهب إليه بتاريخنا، ولغتنا، وإبداعاتنا، ليتعرّف علينا من خلال القصيدة، والمسرح، والتراث الذي صاغه الأجداد وبقي ثروة نفاخر بها الأمم، وها هي الشارقة اليوم تمدّ جسراً تلاقت فيه الإبداعات الروسية والإماراتية".
فعاليات متميزة
ونظّمت الإمارة خلال مشاركتها في المعرض سلسلة من الفعاليات الأدبية والفنية والتراثية إلى جانب العروض الفلكلورية الشعبية التي جابت شوارع العاصمة موسكو، لتعرّف الجمهور الروسي على الثقافتين العربية والإماراتية، حيث عقدت هيئة الشارقة للكتاب ما يزيد عن 15جلسة حوارية وشعرية شارك فيها أكثر من 15مثقفاً وكاتباً، إلى جانب المشاركات الفاعلة التي قدمتها 10دور نشر ومؤسسات ثقافية محلية.
وفي إطار تعريف القراء الروس على ملامح مضيئة ومحورية من التاريخ والأدب العربي قدّمت هيئة الشارقة للكتاب، لجمهور المعرض 13كتاباً من مؤلفات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مترجمة إلى اللغة الروسية.
وتعزيزاً لآفاق التواصل بين الثقافات، تبنّت الهيئة ترجمة 59 كتاباً إماراتياً وعربياً دفعة واحدة للغة الروسية، في مبادرة هي الأكبر من نوعها، حيث وقّع عدد من الأدباء والكتّاب الإماراتيين إصداراتهم الإبداعية المترجمة أمام الجمهور الروسي الذي احتشد أمام منصة التواقيع، إذ استضاف ركن التواقيع 13أديبة وأديباً إماراتياً.
وضمن مشاركتها الفاعلة وقّعت هيئة الشارقة للكتاب مذكرة تفاهم مع الإدارة العامة للمعارض والمهرجانات الدولية في موسكو، هدفت من خلالها إلى تعزيز سبل التعاون في مختلف مجالات العمل الثقافي المشترك، تضمنت الاتفاق على عقد سلسلة اجتماعات دورية لتطوير خطط مشتركة، والعمل على تنسيق الجهود الثنائية وتعزيز الحضور المتبادل للثقافتين الإماراتية العربية والروسية، إلى جانبتنظيم زيارات للمؤسسات الإعلامية، وتسهيل مشاركة الناشرين الإماراتيين والروسيين في كلا البلدين.
كما نصت المذكرة على توفير مقترحات متبادلة للمشاركة في المعارض والمهرجانات التي تنظم في الشارقة وموسكو، والتعاون المتواصل بين كلا الجانبين حول توفير منصات للناشرين الروس في معرض الشارقة الدولي للكتاب ومهرجان الشارقة القرائي للطفل، ومنصات للناشرين الإماراتيين في معارض الكتاب بموسكو.
"النمرود" ملحمة عربية في موسكو
وحشدت مسرحية النمرود لمؤلفها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جمهور المسرح في العاصمة الروسية موسكو، في قاعة مسرح "غوركي" أعرق المسارح الدولية في روسيا، ليقدّم شهادة تاريخية على حكاية "طاغية الأرض" الملك الذي تجبر وكانت نهايته قاسية.
تراث عريق
لم تكتفِ إمارة الشارقة خلال فعاليات الاحتفاء بها ضيفاً مميزاً على معرض موسكو الدولي للكتاب، بتقديم تجربة الأدب الإماراتي، وترجمة إصدارات عدد من الكتاب الإماراتيين والعرب إلى اللغة الروسية، وحسب، وإنما جمعت في جناحها المشارك جمهور المعرض وعرّفتهم على طقوس زينة المرأة الإماراتية وتقاليد لباس الرجل الإماراتي، فتزينت أيادي النساء الروسيات بزخارف الحناء وارتدين البرقع والأثواب الملونة، فيما ارتدى الزوار الكندورة والغترة والعقال الإماراتي.
وزيّنت الرقصات الشعبية، والعروض التراثية الإماراتية الساحة الحمراء، حيث تفاعل الجمهور والزوّار والمارةّ مع إيقاعات طبول ودفوف فرقة الشارقة الوطنية وأهازيجها التي قدمت لوحات تراثية متميزة جابت قلب معرض موسكو الدولي للكتاب حتى مسرح غوركي العريق وصولاً إلى أبرز المعالم السياحية.
واحتفى جناح الشارقة بجهود عدد من المؤسسات والهيئات الثقافية والمعرفية في الإمارة والدولة، منها: اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، ومكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب 2019، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وجمعية الناشرين الإماراتيين، ومدينة الشارقة للنشر، ودائرة الثقافة في الشارقة، ومعهد الشارقة للتراث، ومجلس إرثي للحرف المعاصرة، ومنشورات القاسمي، ومجموعة كلمات، وثقافة بلا حدود، ومبادرة 1001 عنوان.