ضمن برنامج رعايتها للكتابة الإبداعية الحديثة، أعلنت هيئة الشارقة للكتاب عن إطلاقها برنامج لرعاية المواهب الإبداعية في الرواية والشعر والقصة القصيرة والمسرح، الذي يتيح فرصة التسجيل للراغبين من الكتّاب الإماراتيين الذين يسعون إلى تنمية مهاراتهم الكتابية وفق برنامج تدريبي طويل المدى مبني على رؤية منهجية حديثة لتنمية المهارات وتطويرها.
جاء ذلك في ختام الدورة الأولى من معرض الكتاب الإماراتي، الحدث الأول من نوعه في الدولة والمنطقة، الذي نظمته الهيئة بالتعاون مع اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، تماشياً مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في تخصيص يوم السادس والعشرين من مايو من كل عام، يوماً للكاتب الإماراتي، وضمن احتفالات الشارقة العاصمة العالمية للكتاب 2019.
ويتميز برنامج الورشة بامتداده على مدى أكثر من عام من التدريب والمتابعة والنشر. حيث سيتكون من عدة مراحل تساهم في تأسيس الكاتب وإعداده واكتشاف قدراته وصقلها ورعايته في مشواره الأدبي.
وستنطلق المرحلة الأولى من البرنامج تحت عنوان "القراءة الإبداعية"، وهي مرحلة تأسيسية تقوم على إعداد الكاتب فكريا ومعرفياً في مشواره الإبداعي الكتابي عبر تنمية مهاراته القرائية في مجال اختصاصه لربطه بعوالم القراءة في الحقل الذي يود أن يبدع فيه، إيماناً من الهيئة بأن القراءة التأسيسية أو المتخصصة جزء لا يتجزأ من منظومة العملية الإبداعية في عالم الكتابة.
وتعتبر ورشة القراءة الإبداعية تمهيداً لانتقال الكاتب إلى المرحلة الثانية من برنامج تنمية المهارات الإبداعية في حقل الكتابة، وتحتوي هذا المرحلة على جلسات يشرف عليها مختصون في مهارات القراءة.
وحول إطلاق هذا البرنامج وختام الدورة الأولى من المعرض أشار سعادة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب إلى أن الهيئة تحرص على ترجمة رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، في توفير مختلف السبل والامكانيات من أجل دعم الحركة الإبداعية وتطويرها، ورفدها بكل ما يسهم في الارتقاء بواقع الابداع المحلي والعربي.
وتابع رئيس هيئة الشارقة للكتاب:" تعمل الهيئة وبشكل دوري على تفعيل الجهود الرامية إلى الارتقاء بالواقع الثقافي والنهوض بالطاقات الإبداعية لدى الكتّاب الموهوبين، تنمية لقدراتهم وخبراتهم في مجالات الكتابة والإبداع المسرحي والشعري والقصصي وغيرها من الأجناس الأدبية، الأمر الذي يسهم في فتح المجال أمام تلك الطاقات لتقدم مشاريعها الأدبية على أرضية من التكامل اللغوي والمعرفي، ما يسهم بشكل فاعل في إثراء المشهد الثقافي المحلي والعربي بالكثير من الأعمال الأدبية المتميزة".
وتابع رئيس هيئة الشارقة للكتاب:" أكد معرض الكتاب الإماراتي على مكانة وعراقة الإبداع المحلي، حيث استطاع وعلى امتداد أيام تنظيمه أن ينقل صورة مشرقة وزاهية عن الواقع الثقافي الذي تعيشه دولة الإمارات، فهذا العرس الأدبي الذي التفّ حوله أبناء وبنات الإمارات المبدعين فريد في مكانته، وشكله، وحضوره سواء على صعيد المنطقة العربية أو العالم، فأن تحتفي بمنجزات وأعمال ومشاريع أبناء شعبك الثقافية والإبداعية هو أمر غاية في الأهمية ويقود نحو مستقبل أكثر تطوراً ونهوضاً للأدب المحلي الرائد، ويفتح المجال للعالم بأسره للتعرف على كنوز الإبداع والثقافة المحلية عبر بوابة أبنائها وروّادها الإماراتيين".
واستضاف "معرض الكتاب الإماراتي" على امتداد ثلاثة أيام 25 دار نشر إماراتية، استعرضت من خلال منصاتها الخاصة آلاف العناوين للأدباء الإماراتيين منذ بدايات التجربة الإبداعيّة المحلية وحتى اليوم، إلى جانب حضور مجموعة من رموز الأدب والثقافة الإماراتية الذين قدّموا عدداً من الفعاليات والجلسات التي وثّقت لذاكرة الأدب الإماراتي المعاصرة، واستعادت سيرة روادها المؤسسين.
من جانبها قالت خولة المجيني، مدير المعارض والمهرجانات في الهيئة": تحرص الهيئة وبشكل متواصل على دعم تجارب المبدعين والكتاب وتوفير الفرص التي ترتقي بتجاربهم وتفتح لهم أفقاً واسعاً لتحقيق الحضور العربي والعالمي، وما تنظيم هذا البرنامج سوى واحد من جهود الهيئة التي تأتي في هذا السياق، إذ يقدم البرنامج مهارات وتقنيات في الكتابة الإبداعية على يد كتّاب محترفين ومتخصصين في التدريب على الكتابة، حيث تضم قائمة المدربين أسماءً عربية متميزة في الساحة الأدبية المحلية والعربية، ويملكون تاريخاً طويلاً من الانجازات التي ستثري تجارب المشاركين في الورش".
وتابعت: "على صعيد معرض الكتاب الإماراتي فقد نجح في جمع المثقفين والكتاب الإماراتيين في مكان واحد، وعلى رؤية محورية واحدة تسعى للنهوض بواقع الحراك الإبداعي المحلي، وكان فرصة لتقديم سلسلة من الندوات والجلسات الحوارية التي تعرّف القرّاء والمتابعين على تاريخ وراهن المشهد الثقافي الإماراتي".
حفل توقيع الأكبر في التاريخ المحلي
وفي مشهد استثنائي ولأول مرة في تاريخ الأدب الإماراتي، شهد المعرض أكبر حفل توقيع للكتاب جمع 160 كاتباً إماراتياً لتوقيع إصداراتهم المتنوعة في واحد من المشاهد الأدبية والإبداعية، التي عكست الواقع الثقافي الذي تعيشه دولة الإمارات العربية المتحدة وما تقوده إمارة الشارقة خلال عام تتويجها العاصمة العالمية للكتاب، إذ جمع الحفل تجارب إبداعية من مختلف الأجيال، وفي مختلف الحقول مثل الرواية والقصة والشعر، إلى جانب الفكر والفلسفة والتاريخ وأدب الطفل واليافعين.
متحفٌ يروي سيرة الرواد بصرياً
ولأول مرة على الصعيد الثقافي المحلي، خصص المعرض متحف "الكاتب الإماراتي"، الذي نظمه بالتعاون مع مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، والذي روى طيلة أيام انعقاد المعرض سيرة الروّاد المبدعين بصرياً، حيث عرض نماذج من المقتنيات الشخصية للأدباء والمبدعين تضم أقلاماً خاصة ومحابر، ومخطوطات ثمينة، لنخبة من الكتاب الإماراتيين الرواد، والمعاصرين أمثال الماجدي بن ظاهر، وحميد الشامسي، وسالم العويس وغيرهم، مثّلت شواهد جمالية دلّت على موروث قيّم لتلك القامات الإبداعية.
معرض خطوط ثريّ
وضم المعرض أكثر من 80 مخطوطة وصفحة ملهمة على رأسها صفحة مكتوبة بخط يد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة لقصيدته التي ألقاها في الدورة الثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب تحت عنوان (منابع العز).
وإلى جانب قصيدة سموه، قدم المعرض منشورات قام بخطها شعراء وكتاب وأدباء الإمارات بأياديهم، لتكون بمثابة الوثائق الشاهدة والمؤرخة لكيفية عمل هؤلاء المبدعين المنتمين لجيل الريادة وما تلاها من أجيال، ليتسنى للزائر التعرف على خطوط يدهم، والتقنيات التي كانوا يستخدموها في كتابتهم لمنجزاتهم الإبداعية.
جلسات ثقافية متميزة
وقدم المعرض على امتداد أيامه الثلاث، مجموعة من الجلسات والندوات الثقافية والحوارية لنخبة من المؤلفين والأدباء الإماراتيين، استهلها بندوة استضافت كلّاً من معالي الأديب محمد المرّ، وسعادة د. حبيب الصايغ، رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، والكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي، إلى جانب حوارية جمعت كلّاً من القاصّة إيمان اليوسف، والكاتبة صالحة عبيد، والروائية نادية النجار، إلى جانب جلسة ثقافية ختامية شهدت مشاركة كلّ من إسماعيل عبدالله، رئيس الهيئة العربية للمسرح، والممثل الدكتور حبيب غلوم.
وتجلّت أهداف الهيئة من خلال تنظيمها لهذا المعرض السنوي في مضاعفة حضور الإنتاجات المحلية من المؤلفات والروايات والكتب التاريخية والمعارف بأنواعها، حيث قدم المعرض آلاف الإصدارات للكتاب الإماراتيين.