رمضان شهر الخير والتواصل في كافة أنحاء المعمورة، وشهر الرحمة والإحسان والتراحم، وهو شهر العطايا والصلات، وله سمعةٌ إيجابية تجعله أيقونة المحبة، والترابط، وتطبع صورته الذهنية في الأذهان بصفته شهر الاتصال بالله، والإحسان لخلقه. وتميل فيه العائلات المسلمة إلى زيادة أوقات الاجتماعات العائلية؛ ما يقرّب أواصرها، ويزيد من عرى المحبة بينها.
وهناك العادات الاجتماعية التي اعتادها أطفال المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية قبل وخلال رمضان، والتي يكرّرها الأهالي كل عام، والتي تعدّ من أهم أشكال التواصل الاجتماعيّ لديهم، وتجدر الإشارة إلى أن أهالي الشرقية يتشابهون في عاداتهم وتقاليدهم الرمضانية مع أهالي الكويت والبحرين، ومن أهم الأمور التي يقوم بها أطفال الشرقية في رمضان:
الطواف على الحي مع (أبو طبيلة) (المسحراتي).
مع بداية الشهر، يجتمع أطفال الحي قبيل الفجر في مشهد جميل مع رجل يضرب بالطبل مناديًا بصوت جهوري لإيقاظ الأهالي؛ لتناول السحور. وتظل هذه العادة مستمرة في الشرقية رغم وجود التقنية الحديثة.
المباركة بالشهر.
تتمثّل الصورة الذهنية لرمضان عند الأطفال في الاجتماعات العائلية، وجمال لحظة الفطور، والمباركة للأهالي، ويحرص أهل الشرقية على تعريف صغارهم بأفراد العائلة عبر الزيارات الرمضانية، أو الاتصال بذوي القربى؛ لتهنئتهم بالشهر، والدعاء لهم بتمام صيامه، وقيامه، وهي من اللفتات التي يبقيها الناس عامًا بعد عام.
الاستمتاع بالمثلجات، والبليلة ليلًا.
يأتي رمضان خلال فصل الصيف أو قربه في المناطق العربية، ويشتدّ الحر في نهار رمضان، وللتخفيف من حدة الحر خلال الليل، يقوم الأهالي بتجميد عصير التوت (الفيمتو) المخفف بالماء في أكياس بلاستيكية، وبعشرات الأعداد يوميًّا، وكذا يقومون بطبخ الحمص (البليلة) والتي يفضّل الناس أكلها بعد صلاة التراويح، ويقوم الأطفال بشراء المثلجات ليلًا بسعر زهيد، وما تزال هذه العادة منتشرة بوضوح في الشوارع وخاصةً قرب المساجد وداخل الأحياء السكنيّة، لا تفوّت فرصة شراء بعضها يومًا!
القرقيعان.
عادة اجتماعية يجتمع فيها الأهالي بلباس شعبيّ، ويدور فيها الأطفال على بيوت الحي بأهازيج منها (عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يودّيكم لأهاليكم)، ويقوم أهالي الحي بتوزيع الحلوى والمكسرات على الأطفال، ثم يعود الأطفال لاجتماع الأسرة، وتستقبلهم فرقة صغيرة بالطبول منشدة بأسماء الأطفال: (سلّم خلّود يا الله.. خلّه لأمه يا الله)، كما تقوم بعض الأسر باستئجار عربة يجرها حصان أو حمار؛ ليجرّب الأطفال عادات الأهالي قديمًا في رمضان.
الإفطار في المساجد.
رغبةً في الخير، وبحثًا عن الأجر، توفّر المساجد إفطارًا مجانيًا للمسلمين وغيرهم في شهر رمضان، ويقوم أهالي الحي بالمساهمة بصنف أو عدد من الأصناف ويرسلونها مع أطفالهم لمسجد الحي، ثم يجتمع أهالي الحي للإفطار، وتجاذب الحديث، ومعرفة أحوالهم، والتعارف على الجدد؛ ما يبني جسور التواصل بينهم، وتلك عادة تنتشر في أرجاء العالم الإسلامي والأقليات المسلمة في العالم إجمالًا، وهي من أجمل التجارب التي قد تمر عليها في شهر الخير.
مشاركة الإفطار مع الجيران.
تزداد الأواصر الاجتماعية، والتواصل بين الجيران في شهر رمضان، وتدأب العائلات على مشاركة الأطباق الشعبية والرمضانية مع الجيران، يُرسل طفلٌ أو أكثر من بيتٍ ما، إلى بيت الجيران الأقرب، ثم يعود طفل بيت الجيران بنفس الطبق في يومٍ آخر مليئًا بطعام من أهل البيت، ويحب الأطفال تجربة المذاق المنزلي للأطباق الشعبية المختلفة في رمضان.
الإفطار في بيت مختلف.
من صور التواصل الاجتماعي في الشرقية: الاتفاق على الإفطار في بيت يجتمع فيه الأهل، إما يوميًّا، أو أسبوعيًّا، أو دوريًّا، ويتشارك الصغار والكبار في هذه العادة الاجتماعية، وترتّب بعض العائلات طريقةً لتدوير الإفطار بين أفراد الأسرة الواحدة؛ لمزيد من التقارب، والتآلف، والتواصل بينها، يشارك كل بيت في الأسرة (وعادةً ما يكون بين الإخوة، والأخوات، أو بيت الجدة) بجزء من الإفطار؛ لتيسير الاجتماع على الشاي ثم الإفطار.
هاته العادات السبع قد تكون تجربةً لا تُنسى لك، فإن كنت ستزور المنطقة الشرقية قريبًا، لا تنسَ أن تشتري بعض ما يأخذه الأطفال في رمضان، أو تجرّب أن تستمتع بزيارة المنطقة الشرقية في موسم الخيرات.
هل جرّبت إحدى هذه العادات في مجتمعك؟