اعلنت شركة سكك الحديد القطرية (الريل)، الشركة المشرفة على بناء شبكة سكك حديدية متكاملة في قطر، عن انجاز ما يقرب من 20 كلم من الأنفاق في اطار اعمال مشروع مترو الدوحة، ما يعتبر علامة فارقة في سير الاعمال و التقدم المحرز في مرحلة الحفر الجارية تحت الارض في مدينة الدوحة. وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي لـ"الريل" عقد في فندق ميلينيوم، حيث اعلنت الشركة عن معالم أحدث التطورات على مستوى مشاريعها تلبية لتعهداتها المستقبلية، والتي من شأنها ان تشكل نقلة نوعية في البنية التحتية في الدوحة، والدفع بدور قطر العالمي في مجال النقل والشحن والخدمات اللوجستية. وفيما اكدت "الريل" استلام الآلات المخصصة لحفر الانفاق والبالغ عددها 21 آلة بعد استيرادها لتنفيذ مشروع مترو الدوحة من "هيرنكنيخت"، الشركة الالمانية الرائدة عالميا في مجال تكنولوجيا وتوريد معدات حفر الانفاق، يتم حاليا تشغيل معظم هذه الالات، مع توقعات بإنجاز هذه المرحلة بنجاح بحلول الربع الثاني من العام 2017.
وفي كلمة خلال المؤتمر، قال المهندس عبدالله عبدالعزيز السبيعي، العضو المنتدب لشركة "الريل": "بفضل جهود جميع العمال وأصحاب المصلحة المساهمين معنا في هذا المشروع الوطني، تتقدّم "الريل" في اعمال هذه المرحلة المهمة والمثيرة بتحدياتها لحفر انفاق المترو بخطى واضحة ملتزمة بأعلى المعايير العالمية. ان انجاز حفر ما يقارب 20 كلم من اصل 113 كلم من الانفاق على طول المشروع امر نفخر به. ان مشاركة الجمهور اليوم بانجاز جزء ملحوظ من هذه المهمة تحت الارض، يأتي انطلاقا من فلسفة "الريل" في اعلام الناس بما تم تحقيقه على الارض والرد على كافة تساؤلات المهتمين". واضاف: "حرصنا في "الريل" على اخذ مصلحة الناس وراحة المواطنين والمقيمين في الاعتبار من خلال تنفيذ معظم اعمال مشروع مترو الدوحة، تحت الأرض ، بحيث نتجنب تداخل مسار المشروع مع الحياة النابضة بالحركة في الدوحة، خصوصا ان آلات حفر الأنفاق تعمل بتأثير محدود جدا على محيطها ، وذلك بفضل التكنولوجيا المتقدمة لهذه الالات الصديقة للبيئة". تعتبر آلات حفر الأنفاق من أهم العناصر في تنفيذ مشروع مترو الدوحة، وهي بدائل ميكانيكية عالية التقنية للوسائل التقليدية التي تعتمد في تصميم وبناء الأنفاق على حفرها وتفجيرها، وتعمل هذه الآليات في مختلف أنواع الأراضي سواء أرض ناعمة أو صخور صلبة. تشكّل أنفاقاً دائرية في الصخر وتثبت بطانة اسمنتية على طول قسم الحفر لتدعيم جدران النفق وتثبيتها في الأرض. في الخط الأحمر، تعمل آلات الحفر كما هو مخطط لها وهي لبرثه والمايدة والخور والبدع ولحويله والوكرة ومشيرب والدوحة بالاضافة الى الزبارة التي أُطلقت هذا الشهر، وسجّل الحفر الاجمالي في هذا الخط حتى الان 11880 مترا. بالتوازي، تم اطلاق 6 آلات حفر عملاقة بالخط الأخضر وهي الريان والغرافة والمسيلة والشيحانية ولعطورية ولجميلية، وبلغ بلغ اجمالي الحفر حتى الان 6653 مترا. اما في الخط الذهبي فاستلمت الريل 6 آلات لحفر انفاق هذا الخط وهي لوسيل والشرق والسد والوعب والسيلية ورأس أبو عبود ( شمال مدينة المطار)، وسجل الحفر حتى اللحظة 150 متراً.
بدوره، قال المهندس سعد المهندي، الرئيس التنفيذي لـ"الريل" في معرض حديثه عن مستجدات المشاريع: "لقد حققنا تقدماً ملموساً خلال السنة الماضية في مشروع مترو الدوحة و قطار النقل الخفيف في مدينة لوسيل، وذلك بفضل الجهود المشتركة لفريق الريل ومقاوليها. تم اطلاق مرحلة حفر الانفاق لمترو الدوحة بنجاح وقد حققنا تقدمنا على مستوى اجمالي الحفر حتى اللحظة حيث سجل 11880 مترا في الخط الاحمر، 6653 مترا في الخط الاخضر، و150 مترا في الخط الذهبي. بقدرات فريقنا الفنية والآلات المتقدمة تكنولوجيا، تمكنا من تلافي العوائق والتأكد من سير العمل قدماً". واضاف معلقا على التحديات المصاحبة لاعمال آلات حفر الانفاق تحت الارض: "ان مواجهة التحديات قاعدة أساسية في أي مشروع ابداعي كما هو الحال مع مشاريع الريل. وقد تشمل هذه التحديات البعد اللوجستي على سبيل المثال - كتأمين ادارة صحيحة لمخلفات الحفر في المواقع ونقل آمن لها من موقع الى آخر، او البعد الجيولوجي-التقني – اذ مهما كانت الدراسات الاستقصائية والمسحية المسبقة دقيقة لا بد وأن يبقى ما نكتشفه في عالم ما تحت الأرض، من المياه الجوفية الى الفراغات في الانفاق وغيرها". واضاف: "ان العقبات الفنية لا يمكن تجنبها في تنفيذ مشروع معقد وضخم كما هو الحال في مرحلة حفر الأنفاق مترو الدوحة، إلا أننا نحرص دوماً على التعامل معها بدقة وفعالية وبالتوقيت الصحيح. نحن فخورون بالاداء الذي عمل به فريقنا خلال معالجة تحدّ مماثل في محطة البدع التي شهدت تسربا مائيا في وقت سابق من هذا العام، بحيث لم يكن لذلك اي تأثير على سير اعمال مترو الدوحة. عندما تحدث عقبات او حوادث مماثلة، فمن واجبنا الرد على الفور".
وكان للمهندس حمد البشري، نائب الرئيس التنفيذي لشركة "الريل" عرض تقديمي حول تطور مشاريع "الريل" وآلية حفر الأنفاق الجارية حاليا، حيث قدم البشري فكرة شاملة عن "الحياة الأخرى التي تُدار تحت الارض" مع تبيان مسار كل آلة من آلات حفر الانفاق وتفاصيلها التقنية والمرحلة المقبلة من عملها.
الى جانب ذلك، عقب المؤتمر الصحفي لـ"الريل" زيارة ميدانية الى موقع محطة السودان التابعة للخط الذهبي تحت الأرض حيث تم تفقد التقدم الملموس على مستوى المشروع والتعرف على آلية عمل احدى آلات حفر الانفاق. تحتاج آلة حفر الانفاق لمدخل واحد ويمكنها أن تقوم بعملية الحفر تحت شوارع المدينة، وبشكل فعلي اذ يتم تشغيلها تحت الجموع التي تتحرك فوقها ولا تشعر بها، وهي مثالية أيضاً لحفر الأنفاق الممتدة بخطوط طويلة ودون انقطاع، تماماً كما تتطلب مواصفات مشروع مترو الدوحة. كذلك، لا تتسب آليات تجويف الأنفاق بتأثير بيئي يذكر، كما يعتبر اثرها محدودا على مستويات المياه المرتفعة والغير معروفة والقابعة تحت سطح العاصمة. أما التلوث الترابي الذي يرافق مواقع الإنشاءات فهو شبه معدوم كما هو الحال في جميع الأعمال التي تتم على عمق 20 متر تحت السطح.
قبل البدء بأعمال تجويف الأنفاق، عملت "الريل" على استبيانات التحقق والتي تشمل المباني السكنية على طول الخط، حيث تم وضع نقاط مراقبة أساسية مع اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ جميع الأعمال ضمن أعلى شروط للسلامة، بحيث تكون السلامة أولوية في جميع عمليات تجويف الأنفاق. ومن بين 3 انواع لآلات الحفر - موازِنة ضغط الأرض (EPB)، درع الروبة الطينية (Slurry Shield) و تقنية الوجه المفتوح (Open Face) - اختارت الريل النوع الاول الذي يعتبر مثاليا للأرض الناعمة المتماسكة والصخرية. سُميت آلات حفر الانفاق بهذا الاسم نسبة إلى طريقة عملها، حيث الضغط الذي تبذله الآلة نفسها يوزع بشكل متوازن مع وزن الأرض الموجود فوقها. بينما تقوم الآلة بحفر الأرض، يتم حقن الاسمنت في الأرض لملء التجاويف والثغور ولتثبيت الأرض.