تشارك سلطنة عُمان، عبر الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات بقوة في ملتقى الاستثمار السنوي 2017.. وعينها على جذب اسىتثمارات دولية إلى السلطنة.
ويوضح السيد فيصل بن تركي آل سعيد مدير عام ترويج الاستثمار في الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء) إنّ السلطنة تمتلك مقومات مميزة تؤهلها لتكون وجهة للمستثمرين ومنها إلى جانب الموقع المميّز شبكة الخدمات اللوجستيّة المتطورة والإطار التشريعي والقانوني الذي يحمي المستثمر ويعزز فرص نمو أعماله.
ويركّز فيصل بن تركي آل سعيد على أنّ بلاده تركّز على جذب الاستثمارات في قطاعات: الصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية (النقل)، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين.
وبيّن أنّ بلاه ستعرض على المستثمرين جملة تسهيلات لبدء مشاريعهم في السلطنة.
وفي ما يلي تفاصيل الحوار مع فيصل بن تركي آل سعيد:
ما الأهمية التي تولونها لملتقى الاستثمار السنوي 2017؟
الملتقى –بلا شك- يمثّل أهميّة كبيرة من جوانب مختلفة، فهو يجمع بين الدول والمؤسسات والشركات المهتمّة بالاستثمار من جانب ويُتيح الالتقاء بالخبراء والاقتصاديين والمستثمرين تحت سقف واحد من جانبٍ آخر، ولهذا فإنّ مشاركة السلطنة في النسخة السابعة من الملتقى تعدّ فرصة للاستفادة من التجارب العالمية في ما يتعلّق بقطاع الاستثمار واستعراض الفرص الاستثماريّة المتاحة في السلطنة.
هل لك أن تحدثنا عن فرص الاستثمار المتاحة في السلطنة؟
تمتلك السلطنة حوافز ومقومات مميزة تؤهلها لتكون وجهة للمستثمرين؛ فهي تتمتع بموقع استراتيجي متميز قريب من الأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط وشرق أفريقيا والهند، كما أنها تمتلك شبكة من الخدمات اللوجستيّة المتطورة التي تجعل المستثمر على اتصال دائم بالأسواق الناشئة، بالإضافة إلى وجود إطار تشريعي وقانوني يحمي المستثمر ويعزز فرص نمو أعماله التجاريّة، علاوة على توفّر نمط العيش المنفتح والمناسب للإقامة والعمل والسياحة.
أما عن الفرص الاستثماريّة المتاحة في القطاعات الاقتصاديّة، فقد حددت الحكومة القطاعات التنموية التي ترغب بالتركيز عليها خلال المرحلة من العام 2015 ولغاية العام 2020 وهي: الصناعات التحويلية، والخدمات اللوجستية (النقل)، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين. كما أنّ السلطنة –بالتأكيد- تستقبل كافة الاستثمارات في القطاعات الأخرى سواءً كانت استثمارات فرعية للقطاعات الرئيسة مثل إدارة المخلفات، أو كانت في القطاعات المساندة مثل التعليم والرعاية الصحيّة.
ماهي خطة العمل لـ "إثراء" خلال العام الجاري؟
في مجال الترويج للاستثمار سوف تواصل إثـراء هذا العام حملتها الترويجية "استثمر في عُمان" لوضع بصمة للسلطنة على خارطة الدول الجاذبة للاستثمار بما تتمتع به من مزايا تنافسية من خلال التعريف بالحوافز والفرص الاستثمارية المتاحة بالسلطنة والمناخ الملائم لتأسيس المشاريع التجارية في القطاعات المستهدفة التي تتماشى مع تطلعات الخطة الخمسية التاسعة، وتستهدف هذا العام مجموعة من الأسواق بناءً على الدراسة التي أجرتها سلفًا والتي حددت القطاعات الواعدة والأسواق المستهدفة من أجل تنظيم مجموعة من اللقاءات الثنائية المباشرة والاجتماع مع المستثمرين الخارجيين في عددٍ من الدول الآسيويّة والأوروبية إضافة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، كما ستسعى إلى تقديم جملةً من التسهيلات للمستثمرين لبدء مشاريعهم الاستثمارية في السلطنة، منها تسهيل الحصول على الموافقات والتراخيص، واستخراج السجل التجاري، وإيجاد الشريك المناسب لهم ، حيث تقوم إثـراء في الوقت الراهن بتسجيل الاستثمارات المحلية والأجنبية برأس مال لا يقل عن مليون ريال عماني في مختلف القطاعات والمناطق الاقتصادية والحرة والمناطق الصناعية المخصصة للاستثمار بالسلطنة. علاوةً على استقبال عددٍ من الوفود الاستثمارية للتعريف بالبيئة الاستثمارية للسلطنة وتقديم التسهيلات اللازمة وإيجاد الشريك المحلي المناسب.
ما الجهات الجغرافية والدول المستهدفة؟ وما القطاعات التي يتم تركيز تسويقها للاستثمار؟
أعدّت إثراء في العام 2015 دراسة ترويج الاستثمار؛ وهي دراسة حددت قطاعات ذات أولوية هامة ليتم الترويج لها في 25 دولة حول العالم، تم اختيار هذه الدول بناءً على عدة معايير لكونها تتمتّع بأفضل الموارد المحتملة للاستثمار الأجنبي في القطاعات الاقتصادية العشرة ذات الأولوية. كما تضمنت الدراسة خطة ترويجية واضحة للسنوات الخمس القادمة (2016 -2020) يتم العمل خلالها على جذب الاستثمارات إلى السلطنة.
ما حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة خلال العام الماضي؟ وما التوقعات للعام الحالي؟
بحسب آخر الإحصائيات الوطنية لدينا، فإنّ الاستثمار الأجنبي المباشر تجاوز 7.6 مليار ريالٍ عُماني في العام 2014، بزيادة نسبتها 9.1% عن العام 2013. ونحن نأمل أن يواصل نموه خلال المرحلة المقبلة خصوصًا مع توجه السلطنة إلى تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، وتوجهها لتسهيل قوانين وأطر الاستثمار الحاليّة، وهي عوامل من شأنها تعزيز حجم الاستثمار في السلطنة.
من أين تأتي أكبر شريحة من الاستثمارات؟
على المستوى العام، استقطبت السلطنة في العام 2014 استثمارات أجنبية مباشرة من 50 دولة، شكلت تسع دول منها ما نسبته 81.3% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، وتأتي المملكة المتحدة على قائمة الدول الأكثر استثماراً في السلطنة، تليها دولة الإمارات العربية المتحدة، ثم الكويت، والهند، وقطر، والبحرين، والولايات المتحدة، وهولندا وسويسرا.
ما هو القطاع الأكثر جذباً؟
ما يزال قطاع النفط والغاز يستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 33.9% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في العام 2014، يليه قطاع استخراج الوساطة الماليّة بنسبة 30.1%، ثم قطاع الصناعات التحويليّة بنسبة 20.5%.
كيف تقيّم حجم الاستثمارات الخليجية من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السلطنة؟ وهل هي بحجم تطلعاتكم وآمالكم؟
الاستثمارات الخليجية في السلطنة شهدت نموًّا ملحوظًا بين العام 2010 و2013، فقد وصلت إلى أكثر من 1938مليون ريالٍ عُماني في العام 2013، لكنها تراجعت في العام 2014 إلى ما يقدّر بنحو 1780 مليون ريالٍ عُماني، ولعل الأسباب كما تعلمون هي التقلبات التي شهدتها أسعار النفط والتي أثرت على القطاعات الاقتصاديّة الأخرى وحركة النمو فيها. لكن دول مجلس التعاون الخليجي كانت وستظل على قائمة الدول المستهدفة في خطة ترويج الاستثمار التي نعتمدها، ونحن نأمل أن تكون المرحلة المقبلة أكثر ازدهاراً ونموًّا في ما يتعلق بحركة الاستثمار بين هذه الدول الشقيقة.
كيف تقيمون العلاقات الإماراتية العمانية التجارية والاستثمارية؟
على مدى السنوات الماضية سعت السلطنة ودولة الإمارات إلى تعميق مجالات التعاون بينهما لتحقيق المصالح المشتركة على مختلف الأصعدة، وعلى المستوى التجاري والاستثماري، تعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة المستثمر الأكبر بين دول الخليج في السلطنة، كما أنّها تحتل المرتبة الثانية على مستوى الدول المستثمرة في عُمان بنسبة تزيد على 46% من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السلطنة في العام 2014.
وعلى الجانب الآخر فإنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين يشهد نشاطاً دائماً، فقد بلغ حجم الواردات من الإمارات العربية المتحدة أكثر من 4 مليون ريالٍ عُماني في العام 2016 مرتفعةً عن العام 2015 الذي بلغت حجم الواردات فيه 1.3 مليون ريالٍ عُماني.
ما المزايا التنافسية التي تقدّمها عُمان للمستثمرين؟
كما أشرت، تتمتع السلطنة بجملة من الحوافز التي تجعلها بيئة مناسبة للاستثمار والتجارة، وعلى مستوى جذب الاستثمار تقدّم الحكومة تسهيلات للمستثمرين منها؛ عدم وجود أيّة ضريبة على الدخل الشخصي للأفراد مع إمكانية حصول الاستثمارات في بعض القطاعات على إعفاءات ضريبية تصل إلى خمس سنوات خارج المناطق الحرة، بالإضافة إلى وجود معدل فائدة تنافسية على التسهيلات المالية التي تُقدمها المؤسسات المالية، مع حرية الاستعانة بالمؤسسات المالية من خارج السلطنة للتمويل، علاوة على إمكانية تملك لغاية 70% من أسهم الشركة للأجانب، مع الحرية الكاملة في تحويل أرباح الشركة ورأس المال خارج السلطنة دون أيّةِ قيود.
وإضافةً إلى هذه المزايا التنافسية فإنّ السلطنة تمتلك أيضًا مقومات أخرى تجعلها موقعًا آمنًا للاستثمار منها؛ نشاط التبادل التجاري مع دول العالم، فقد أبرمت السلطنة أكثر من 35 اتفاقية لحماية الاستثمار وتشجيعه، كما وقّعت على اتفاقية للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأخرى مع دول الإفتا (سويسرا، أيسلندا، ليختنشتاين، النرويج)، وثالثة مع سنغافورة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي. بالإضافة إلى أنّ السلطنة تُعدّ عضوًا في منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وفي السوق الخليجية المشتركة. بالإضافة إلى تسهيل عملية تسجيل الشركات من خلال اعتماد نظام الكتروني (استثمر بسهولة). كما أنّ نظام الضرائب على الشركات في السلطنة غير معقد؛ إذ تبلغ نسبة الضريبة على دخل الشركات التي تتجاوز أرباحها 30 ألف ريالٍ عُماني نحو 12%، علاوةً على أن السياسات النقدية التي تمارسها السلطنة تتميز بالاتزان والتدرج مما أوجد نظامًا ماليًّا متينًا.
ما البدائل المراهن عليها للنهوض بالاقتصاد العماني؟
مع أزمة تراجع أسعار النفط في المنطقة بوجهٍ خاص، باتت الخيارات الاقتصاديّة البديلة ضرورة ملحّة، وقد خطت السلطنة خطوات حثيثة في هذا الجانب بدءًا من رسم استراتيجيات تنمويّة على المدى الطويل لتعزيز القطاعات الاقتصاديّة غير النفطية وتقليل الاعتماد على القطاع النفطي، وتحقيقًا لرؤية هذه الاستراتيجيات دشنت الحكومة البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" لوضع خارطة طريف تفصيليّة فيما يتعلق بتنفيذ الاستراتيجيات التنموية.
وفي ضوء هذا البرنامج تم تحديد قطاعات اقتصاديّة واعدة سيتم التركيز عليها في المرحلة المقبلة وهي؛ الصناعات التحويليّة، والخدمات اللوجستية، والسياحة، والتمويل، وسوق العمل والتشغيل.
ما أبرز التحديات التي تواجهها "إثراء"؟ وهل عملها خارجي فقط؟ أم أنّ توجيه الاستثمار داخليًّا يدخل ضمن نطاق عملها؟
على المستوى الداخلي، نتطلع بصورةٍ أكبر إلى توحيد الجهود بين المؤسسات بما يضمن تحقيق الأهداف الرئيسة من الترويج للاستثمار والمتمثلة في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية لإقامة المشاريع التنموية المختلفة. أما على المستوى الخارجي فإنّ الدول اليوم تسعى بمختلف الوسائل وبصورةٍ متسارعة إلى استحداث وسائل ترويجيّة جديدة للوصول إلى أكبر شريحة من المستفيدين، ونحن في إثراء نسعى إلى الاستفادة من التجارب العالميّة في هذا المجال عبر تطوير استراتيجيات للترويج للسلطنة بوجهٍ عام.
أما عن رسالة إثراء وعملها فهي بالتأكيد لا تقتصر على الأنشطة الخارجية لجذب الاستثمارات الأجنبية، فتعزيز وعي المواطن والمقيم بالحوافز والإمكانات التي تتميز بها السلطنة سوف يساهم في العمل جنبًا إلى جنب للترويج لبلدنا عُمان والعمل بجهد في سبيل تحقيق النماء له.