أصدرت شركة بوسطن كونسلتنج جروب (BCG) نسخة التقرير السنوي لإدارة الأصول العالمية للعام 2024، الذي يسلط الضوء على المساهمة الكبيرة لقطاع إدارة الأصول في منطقة الشرق الأوسط في النمو الاقتصادي. وبحسب التقرير، فقد ارتفعت الأصول المُدارة في منطقة الشرق الأوسط من 2 تريليون دولار في عام 2022 بنسبة 13%، لتصل إلى 2.3 تريليون دولار في عام 2023، ما يؤكد على الدور المحوري لقطاع الأصول المُدارة في مشهد إدارة الأصول العالمي.
ويستعرض التقرير الأخير الصادر عن شركة "بوسطن كونسلتينج جروب"، بعنوان "الذكاء الاصطناعي والموجة القادمة للتحول"، تحليلاً شاملاً للدور الذي يسهم به الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل قطاع إدارة الأصول في العالم. كما يستطلع التقرير آراء مديري الأصول الذين يشرفون على إدارة أصول بقيمة تزيد عن 15 تريليون دولار، إذ يكشف التقرير عن إجماع قوي بين قادة القطاع على ضرورة التحول نحو إدارة الأصول المستندة إلى الذكاء الاصطناعي.
وقال لوكاس ري، المدير المفوض والشريك ورئيس فريق ممارسات المؤسسات المالية في منطقة الشرق الأوسط بشركة "بوسطن كونسلتينج جروب" إن "العام الماضي شهد تطورات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقد بدأت آثاره في الظهور بوضوح عبر مختلف القطاعات". وأضاف أن "قطاع إدارة الأصول يواجه تحديات هيكلية متزايدة، ما يؤكد أن تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي لم يعد أمرًا اختيارياً، ولكنه بات ضرورياً للحفاظ على القدرة التنافسية للقطاع". وأشار لوكاس إلى أنه "من خلال الاستثمار في تحسين مستوى الإنتاجية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتقديم المنتجات المُخصصة، والاستفادة من الإمكانات الواسعة للأسواق الخاصة، يمكن لمديري الأصول الانتقال من النمو البطيء في المجالات التقليدية إلى التحول صوب الحلول المُبتكرة القابلة للتطوير".
يمكن للاستراتيجية الجيدة للذكاء الاصطناعي الإسهام في تعزيز النمو
يعد الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أمراً بالغ الأهمية خصوصاً مع التطور السريع للتقنيات، حيث يجب على مديري الأصول تجنب التخلف عن مسيرة التطور في هذا المجال. ويحدد تقرير شركة "بوسطن كونسلتينج جروب" ثلاث عناصر رئيسية يجب أن تتصدر جدول أعمال قيادات القطاع لتحقيق النجاح خلال السنوات المقبلة، وهي: تحسين الإنتاجية، وتقديم المنتجات المُخصصة، والاهتمام بالأسواق الخاصة. وأضاف التقرير أن تلك العناصر، قد شهدت تسارع بالفعل نتيجة للذكاء الاصطناعي ومجموعاته الفرعية، التي يطلق عليها الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)، والتي تُعد ضرورية لمديري الأصول من أجل تعزيز العمليات التشغيلية، وتطوير المنتجات المُخصصة، وتحسين تجارب العملاء، والتكيف مع الضغوط الجديدة المفروضة على استراتيجيات التخصيص وإدارة المخاطر، والتي يشار إليها مجتمعة باسم "العناصر الثلاثة".
وفيما يلي كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي من خلال هذه العناصر:
• الإنتاجية: يعزز الذكاء الاصطناعي الإنتاجية في مجال إدارة الأصول من خلال أتمتة وتحسين المهام الروتينية اليومية، وتبسيط العمليات المُعقدة. كما يسهل اتخاذ القرارات بشكل أسرع ويحسن الكفاءة التشغيلية عبر مختلف الأقسام الوظيفية لدى شركات إدارة الأصول. وعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة تحليل البيانات وتحسين تنفيذ الصفقات وتبسيط التقارير، وهو ما يقلل من التكاليف التشغيلية وتركيز جهود الموارد البشرية على مهام أكثر استراتيجية.
• التخصيص: يسهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز جهود تخصيص خدمات العملاء في إدارة الأصول بشكل كبير. إذ يمكنه فهم احتياجات العملاء وتفضيلاتهم والتنبؤ بها بدقة من خلال تحليل مجموعات البيانات الكبيرة، ما يتيح لمديري الأصول القدرة على تصميم منتجات استثمارية مصممة خصيصا للعملاء حسب المعلومات الواردة في ملفاتهم التعريفية. كما يمكن للأدوات الممكنة بالذكاء الاصطناعي إدارة المحافظ المالية الشخصية على نطاق واسع، وتقديم حلول استثمارية فردية كانت في السابق متاحة فقط للأفراد أصحاب الثروات العالية أو العملاء من المؤسسات. ويعزز الذكاء الاصطناعي أيضا تجربة العملاء من خلال التسويق الأكثر استهدافاً، ومن خلال تقديم المشورة والرؤى الشخصية في الوقت الفعلي.
• الأسواق الخاصة: يمكن للذكاء الاصطناعي تحويل عملية الحصول على الصفقات من خلال معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات غير المنظمة، إذ يحدد فرص الاستثمار بشكل أسرع ويقيم الصفقات المحتملة بدقة أكبر. وتعمل أدوات الذكاء الاصطناعي لمساعدة مديري الأصول في إجراءات العناية الواجبة وتقييم المخاطر والمهام بكفاءة أكبر، ما يُسرع دورة الاستثمار ويزيد العائدات المحتملة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في إدارة وتحسين أداء الاستثمارات في الأسواق الخاصة من خلال توفير رؤى تتجاوز نطاق الأساليب التحليلية التقليدية.
من شأن دمج الذكاء الاصطناعي في عمليات إدارة الأصول ضمن إطار العناصر الأساسية الثلاثة تمكين الشركات من تعزيز الكفاءة والاستفادة من الفرص الجديدة.
وعلى الرغم من سعي دول منطقة الشرق الأوسط إلى ترسيخ مكانتها القيادية في مجال الاستعداد لاستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يمكن بذل المزيد من الجهود للتعرف على الجوانب الإيجابية المحتملة للتبني المبكر والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ومن خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأطر الاقتصادية ذات العلاقة، يمكن لهذه الدول أن تشهد تحولات كبيرة في مجال سير العمل، وتعزيز الربط بين حلول الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري. ويمكن لشركات إدارة الأصول في منطقة الشرق الأوسط التي تدمج هذه التقنيات بشكل فعال ضمن عملها أن تعزز من مستويات الكفاءة لديها، وتخصيص تجارب العملاء، وأن تستفيد من الفرص الجديدة. كما يمكن لهذه الشركات أيضا أن تحافظ على قدرتها التنافسية والمساهمة في تطور وضع المنطقة كمركز للابتكار واستخدام الذكاء الاصطناعي.