تؤثر التغيرات في أنماط الحياة والتي ينتج عنها قلة الحركة وزيادة الضغط العصبي والسمنة والحميات الغير صحية لازدياد كبير في نسبة العقم في الشرق الأوسط مقارنة بمثيلاتها في الغرب. كما أن التأخر في انجاب الأطفال ونقص فيتامين د، وزواج الأقارب والتدخين أيضا من العوامل التي تؤثر على قدرة الأزواج على الانجاب.
وقالت الدكتورة "لورا فيداليز"، اختصاصية الاخصاب الصناعي في عيادة "IVI Fertility" الشرق الأوسط: "تقدر نسبة العقم عالميا بحوالي 15% من بين الأزواج في سن الانجاب، في الوقت الذي ترتفع فيه هذه النسبة بشكل أكبر في منطقة الخليج العربي".
وتنتشر حالات السمنة بشكل كبير في دول الخليج العربي ، حيث يأتي هذا الانتشار نتيجة لأنماط الحياة الغير صحية والاستهلاكية وتناول الطعام بشكل مفرط، والحميات التي تحتوي على كميات كبيرة من السعرات الحرارية، اضافة لتأثير الحالات الوراثية.
من جهته، قال الدكتور"هومان فاطمي"، اختصاصي الطب التناسلي والجراحة التناسلية والمدير الطبي في عيادة "IVI Fertility" الشرق الأوسط: "أصبح العمل خلف شاشات الحاسوب وتناول الكثير من القهوة والوجبات السريعة نمطا للحياة لدى الكثيرين. وهو الأمر الذي يؤدي لزيادة في الوزن تؤدي لاحقا لحدوث السمنة. وتعتبر السمنة من الأسباب الرئيسية للعقم كونها تؤدي لاختلالات هرمونية وتعقيدات في عملية الاباضة لدى النساء. وبالتالي تؤثر على قدرة النساء على الحمل. وفي الوقت ذاته فإن السمنة من أسباب العقم عند الرجال أيضا باعتبارها تسبب انخفاض بالرغبة الجنسة وضعف بالانتصاب وفقر بالسائل المنوي".
وأضاف الدكتور فاطمي: "يعتبر العقم من المشاكل الصحية الرئيسية في وقتنا الحالي، وعلى اعتبار أن أسباب العقم محددة وواضحة فإنه في حالة معرفة جذور المشكلة فإن احتمالات نجاح العلاج تصبح أعلى بكثير".
ويعتبر مركز "IVI Fertility" الشرق الأوسط جزءا من مؤسسة IVI العالمية المتخصصة في علاج العقم والتي تملك أكثر من 70 مركزاً حول العالم وساعدت في ولادة أكثر من 160,000 طفل صحيح حول العالم. وتعمل العيادات على المساعدة في علاجات العقم داخل وخارج المناطق الجغرافية التي تنشط فيها. كما أن مؤسسة IVI تساهم في العديد من الابتكارات العلمية الرائدة والأبحاث التي تساعد في علاج حالات العقم.
وتم مؤخرا الاتفاق بين عيادة IVI وجامعة أرسطو في سالونيك اليونانية على اجراء دراسة حول العقم في منطقة الخليج العربي والتي تم نشرها في الدوريات العالمية تحت عنوان "الخصوبة والعقم".
وألقت الدراسة الضوء على الأسباب المحددة للعقم في منطقة الخليج العربي، وأوضحت الدور الذي تلعبه السمنة، ونقص فيتامين د، وزواج الأقارب في زيادة معدلات العقم. كما أشارت الدراسة للعيوب الهرمونية وضعف عمليات الاباضة الناتجة عن السمنة.
وأوضح الدكتور فاطمي أن اختلاف نمط الحياة بشكل كبير خلال العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية ساهم بازدياد حالات السمنة في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص، حيث أن انتشار تكييف الهواء بشكل كبير ساهم في بقاء الناس دون حركة داخل منازلهم ومكاتبهم بشكل متزايد. كما أشار الدكتور فاطمي للدور الذي يلعبه مؤشر كتلة الجسم في ازدياد معدلات العقم: "يمكن معرفة السمنة بقياس مؤشر كتلة الجسم للشخص والتي يمكن حسابها من خلالها نسبة الطول للوزن. وفي حالة تجاوز مؤشر كتلة الجسم 29، يحدث انخفاض في تقبل الرحم للأجنة، كما تحدث شذوذات في عملية الاباضة أيضا".
ويؤدي ارتفاع مؤشر كتلة الجسم لعيوب هرمونية، وضعف في عملية الاباضة، وعدم انتظام الدورة الشهرية، وانخفاض في نسبة حدوث الحمل. كما أن النساء ممن يعانين في زيادة الوزن يحتاجون اجراء عمليات قيصرية أكثر من مثيلاتهم ممن لا يعانون من زيادة الوزن. أما بالنسبة للرجال فإن السمنة تسبب انخفاض في نسبة التسترون. وانخفاض انتاج النطاف في حالات السمنة الشديدة وهو الأمر الذي يؤدي لحدوث حالات العقم.كما أن هناك ارتباطا بين ارتفاع مؤشر كتلة الجسم وضعف الانتصاب لدى الرجال.
كما لاحظت الدراسة أن النساء المصابات بزيادة في الوزن ممن يحاولن الانجاب عبر تقنية الاخصاب الصناعي لا يستجبن بشكل كاف لمحفزات الاباضة وبالتالي لا ينجحن بالحمل مقارنة بالنساء ممن لا يعانين من السمنة. كما أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يؤدي لازدياد الحاجة لهرمونات الخصوبة مثل الجونادوتروبين. وتعاني النساء المصابات بالسمنة من انخفاض عدد البيوض ومعدلات الحمل وارتفاع نسب حالات الاجهاض. اضافة لانخفاض بطانة الرحم وهو الأمر الذي يساهم بدوره في حدوث العقم أيضا.
واختتم الدكتور فاطمي بالقول: "من الضروري التحكم بحالات السمنة في الوقت المناسب. وأفضل علاجات السمنة وزيادة الوزن هي التمرينات المنتظمة والحميات المتوازنة. وهو الأمر الذي يساعد على انتظام عملية الاباضة ويخض نسب الاجهاض لدى النساء المصابات بالسمنة ممن يعانين من مشاكل بالخصوبة. ويجب مواجهة السمنة على مستويات متعددة تشتمل على تقييمات لمؤشر كتلة الجسم، وتحسين أنماط الحياة والتوعية بأهمية الحميات المناسبة، والتمرن بشكل منتظم، وتغيير بعض السلوكيات".
ومن الممكن أن يتم الحصول على توازن لمؤشر كتلة الجسم خلال ستة أشهر من اتباع نمط حياة صحي يوازن بين الحمية والتمرينات الرياضية، وهو ما يزيد في احتمالية حصول الحمل. وعلى الرغم من صعوبة مواجهة السمنة في بعض الحالات خصوصا تلك التي لها خلفيات وراثية إلا أن معالجة هذه المشكلة يجب أن يكون له الأولوية القصوى دائما.