ناقشت جلسة "استشراف المستقبل: التوجهات الرئيسية التي تسهم في تغيير عالمنا"، احدى جلسات القمة العالمية لرئيسات البرلمانات التي بدأت أعمالها اليوم في قصر الإمارات بأبوظبي، تحت شعار " متحدون لصياغة المستقبل"، أهم التحولات الجيوسياسية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والتكنولوجية التي تعمل على تغيير عالمنا وتشكيل مستقبلنا، وأهم السبل الممكنة لحوكمة هذه المتغيرات بكل ما تفرزه من فرص وتحديات وبما يخدم الصالح العام.
شارك في الجلسة كل من: معالي الدكتورة أمل القبيسي، رئيسة المجلس الوطني الاتحادي رئيسة القمة، ومعالي الدكتور سلطان بن أحمد سلطان الجابر وزير دولة الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" ومجموعة شركاتها، ومعالي فالنتينا ماتفيينكو رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفدرالية لروسيا الاتحادية، والدكتور ميتشيو كاكو عالم الفيزياء وصاحب مؤلفات هامة في مجال الفيزياء النظرية ومتخصص في نظرية الحقل الوتري، وراي هاموند مؤلف متخصص في دراسات استشراف المستقبل في المملكة المتحدة، وجيف مارتن المنسق والرئيس التنفيذي لشركة ترايبال بلانيت في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأدار الجلسة جون ديفتيريوس، المحرر المتخصص في أسواق المال الناشئة في شبكة "سي إن إن".
معالي د. أمل القبيسي : لا بد من تظافر جهود النساء والرجال وصناع القرار من القطاعين العام والخاص والمفكرين والأكاديميين للوصول بأوطاننا ومجتمعاتنا إلى بر الأمان
وقالت معالي الدكتورة أمل القبيسي: "إن أمامنا اليوم عددا من التحديات التي باتت تشكل مخاطر تهدد البشرية بأسرها، فالتطرف يشكل خطراً على المجتمعات، ويضرب النسيج المجتمعي ويؤدي إلى تفرقة البشرية بين مذاهب وطوائف متناحرة، مؤكدة أن المسؤولية جماعية في مجابهة هذا الخطر، فلابد من تظافر جهود النساء والرجال ، وصناع القرار من القطاعين العام والخاص، والمفكرين، والأكاديميين على مستوي العالم وان يكون للبرلمانات دور من أجل الوصول بأوطاننا ومجتمعاتنا إلى بر الأمان".
وأضافت: "إن القمة العالمية لرئيسات البرلمانات دليل على تضامن المرأة من كل أنحاء العالم للعمل بهدف حماية الإنسانية من مخاطر محدقة بها. وأنا أؤمن أن النساء لو اتحدن في سبيل هدف واحد، فإنه باستطاعتهن فعل المستحيل".
رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفدرالية لروسيا الاتحادية : تنظيم القمة العالمية لرئيسات البرلمانات دليل على تصميم النساء وقدرتهن على الخروج بحلول وسياسات واقعية وذات جدوى
وأكدت معالي فالنتينا ماتفينكو أن ما يشهده عالمنا في هذه المرحلة واحدة من أصعب اللحظات التي مر بها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وقالت: "إن ما نواجهه اليوم من تحديات كبرى تهدد الأمن، والمناخ، والعدالة الاجتماعية وغيرها، لا تختص بدولة دون أخرى، إنما تستهدف العالم بأسره، ولذلك فإن اجتماعنا في هذه القمة يهدف للخروج بصيغة ترسم ملامح المتغيرات المستقبلية في العالم، وتضع لها تصوراً لحلول واستراتيجيات لتقليل المخاطر التي تحدق بنا وتقود إلى مستقبل أفضل".
وأضافت: "إن دور النساء هام جداً في هذه المرحلة، وتنظيم اجتماعات للنساء مثل القمة العالمية لرئيسات البرلمانات، لهو دليل على تصميم النساء وقدرتهن على الخروج بحلول وسياسات واقعية وذات جدوى، فعلى سبيل المثال، في روسيا، قامت بعض النساء بإطلاق العديد من المبادرات الاجتماعية، وقمن بالتأثير على أصحاب القرار من خلال تنظيم حملات ترويجية لتحصيل دعم لهذه القضايا، فحققن بذلك إنجازات ملحوظة في مجال رعاية الطفولة ورعاية المسنين والحد من سرطان الثدي، ومكافحة المخدرات وغيرها".
سلطان الجابر : دولة الإمارات تعمل على تنفيذ برنامج وطني ناجح للطاقة النووية السلمية
من جهته، قال معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر إن دولة الإمارات أرست لنفسها مكانة متميزة في قطاع الطاقة بفضل دعم ومتابعة القيادة الرشيدة، موضحاً بأن النمو الحالي والمستقبلي في الطلب العالمي على الطاقة يؤكد الحاجة إلى تطوير مختلف المصادر لتلبية هذا الطل، مؤكداً أنه يجب النظر إلى العلاقة بين النفط والغاز والطاقة النووية السلمية والطاقة المتجددة، كعلاقة تكاملية تهدف إلى تأمين إمدادات الطاقة المطلوبة.
وأوضح معاليه أن دولة الإمارات تعمل على تنفيذ برنامج وطني ناجح للطاقة النووية السلمية، كما تقوم أيضاً باستثمارات استراتيجية في تطوير وتنفيذ وتشغيل مشاريع الطاقة المتجددة محلياً وإقليمياً وعالمياً، كما أن دولة الإمارات ماضية في ترسيخ مكانتها كموردٍ عالمي لكل من الطاقة الهيدروكربونية والطاقة المتجددة، حيث تسهم هذه الجهود في تعزيز مكانة الدولة المتقدمة في قطاع الطاقة، فضلاً عن مساهمتها في تنويع الاقتصاد من خلال بناء اقتصاد المعرفة وضمان التنمية المستدامة.
الدكتور ميتشيو كاكو عالم الفيزياء : سمة العلوم والتكنولوجيا أنها تأتي على موجات متعاقبة وترافق كل موجة منها طفرة جديدة في مستوى ثروات الأمم
وقال الدكتور ميتشيو كاكو، عالم الفيزياء وصاحب مؤلفات هامة في مجال الفيزياء النظرية ومتخصص في نظرية الحقل الوتري: "أود أن أبدأ حديثي بسؤال مهم: ما هي مصادر الثروة في العالم؟ سيقول لك البعض أن مصدر الثروة هم العمّال، والبعض الآخر سيقول أن مصدر الثروة هو رجال سياسة حكماء يعرفون كيفية توليد الثروات وتوفير حياة مرفهة لشعوبهم. أما أنا فأرى أن الثروة مصدرها التطورات في العلوم والتكنولوجيا، وسمة العلوم والتكنولوجيا أنها تأتي على موجات متعاقبة وترافق كل موجة منها طفرة جديدة في مستوى ثروات الأمم".
وأضاف : "يذكر الكثير من الخبراء يؤكدون أن العالم على وشك أن يشهد الموجة الرابعة للثورة الصناعية، ومن أهم ملامح هذه الموجة أنها ستكون خليطاً من الذكاء الصناعي وتكنولوجيا البيولوجية والنانوتكنولوجي. سيؤدي ذلك إلى تغييرات جوهرية في طرق التعليم والتربية والرعاية الصحية والصناعات الثقيلة وغيرها. فقد نتمكن في المستقبل من تصنيع كل أعضاء جسم الانسان باستخدام تقنية النانو، وسوف تكون هناك محطات لتصليح جسم الإنسان كما أن هناك اليوم محطات لتصليح السيارات. وسيتم التغلب على مرض السرطان وغيرها من الأمراض العضال".
واري هاموند متخصص في استشراف المستقبل : هناك عدد من المحركات التي تلعب دورا كبيرا في تشكيل ملامح المستقبل
من جانبه، قال وراي هاموند مؤلف متخصص في دراسات استشراف المستقبل في المملكة المتحدة: "هنالك عدد من المحركات التي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل ملامح المستقبل، جميع هذه المحركات قد تتداخل آثارها ويؤثر أحدها على الأخر، لكن الأمر المهم يبقى هو كيف سنتعامل مع هذه المحركات بشكل صحي ويقود إلى نتائج إيجابية. وتتلخص هذه المحركات بتفجر عدد السكان على كوكب الأرض، وتغير المناخ، وأزمة الطاقة في العالم، والعولمة، والثورات في العلوم الحياتية والعلوم الطبية".
واختتم: "والمحرك الأخير هو تنامي ظاهرة الفقر وهذا يعتبر واحد من أهم المحركات، فإننا لو أهملنا دورنا المنوط بنا في احتضان الفقراء وإيجاد حلولاً لمشاكلهم فإننا بذلك سنحول شريحة كبيرة من سكان الأرض إلى قنابل موقوتة تساهم في زيادة الإرهاب وغيرها من الظواهر السلبية".
جف مارتن : من الضروري الوصول إلى فهم أعمق للتكنولوجيا وسبل الاستفادة منها في مواجهة تحديات المستقبل
أما جيف مارتن مخترع ومؤسس وصاحب برنامج آي تيونز العالمي فقال: "بدأت أنماط التعليم تأخذ أشكالاً جديدة ومستحدثة، وكل ذلك جاء نتيجة للتحولات التكنولوجية التي دخلت إلى حياتنا في فترة متأخرة نسبياً كوسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الحديثة. ويتنامى هذا الاتجاه بشكل كبير، ومن الضروري الوصول إلى فهم أعمق للتكنولوجيا وسبل الاستفادة منها في مواجهة تحديات المستقبل، كما إنه من المهم إشراك الشباب بشكل أكبر في سعينا لإيجاد صيغ جديدة للمستقبل".
وسلط جيف مارتن الضوء على التأثير الكبير للتكنولوجيا والعلوم على ثقافة المجتمع، وأكد على أهمية أن تكون العلوم التطبيقية جزءاً رئيسياً من تعليم الأطفال في فترة مبكرة لما لذلك من علاقة وطيدة بطبيعة المجال الذي سيختاره الطفل في المستقبل للعمل والإنتاج.
وأضاف: "وبحسب تقرير صدر عن معهد سميثونيان، يميل الأطفال الذين يتعلمون مبادئ العلوم في فترة مبكرة من طفولتهم إلى تعليم الكتابة والقراءة قبل أقرانهم ذلك لسعيهم مشاركة إنجازاتهم وابتكاراتهم العلمية مع من حولهم".
واختتم: "ومن هذا المنطلق، فإنه حري بالمجتمع ككل وبشكل خاص النساء أن يحرصن على إيصال تعليم مبادئ العلوم للفتيات دون عمر 10 سنوات لكونه سبب رئيسي في لعبهن أدوار في المستقبل غير تلك التي رسمها لها المجتمع منذ الأزل، فليس للمرأة عون في رعاية مصالحها أفضل من مثيلاتها من النساء".