أثار الإجراء الذي اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة في رفع الدعم عن المحروقات اعتباراً من 1 أغسطس نقاشاً واسعاً حول الإصلاح الضريبي في دول مجلس التعاون الخليجي كافةً. ففي وقت تواجه فيه هذه الدول ارتفاعاً في الأعباء على موازناتها الوطنية، تتزايد حاجتها الملحة إلى تحقيق الإستدامة المالية على المدى الطويل. في هذا الإطار، كشفت ديلويت في تقريرها "ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي – أخبار قديمة أم فصل جديد"، أنّ حاجة دول مجلس التعاون الخليجي لتخفيف العبء عن موازناتها سوف تترجم في معظم، إن لم يكن في كل هذه الدول، عبر الاعتماد الواسع لضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات.
وبحسب تقرير ديلويت، تصنف ضريبة القيمة المضافة على أنها فاعلة، وأقل كلفة من حيث التشغيل، وأقل عرضة للإحتيال، وأقل قدرة من غيرها من أشكال الضرائب المباشرة على التأثير سلباً على تشجيع الإستثمار. وتشدد ديلويت على أهمية النقطة الأخيرة باعتبار أنّ الحكومات لا تسعى إلى توليد الإيرادات على حساب استثمارات القطاع الخاص. في الواقع، واستناداً إلى أنّ معظم تكاليف ضريبة القيمة المضافة تقع مباشرة على المستهلك بدل من المؤسسات التجارية، فإنّ هذه الضريبة قادرة على تحقيق التوازن بين تشجيع الإستثمار وزيادة الاستثمارات.
وفي هذا الإطار، علّق نعمان أحمد، الشريك المسؤول عن خدمات الضرائب في ديلويت الشرق الأوسط، قائلاً: "يعتبر قرار تطبيق ضريبة القيمة المضافة استجابة منطقية لتلبية حاجة الحكومات الحالية لتوليد المزيد من الإيرادات. إلا أن هذا الاتجاه لا يستبعد احتمالية تبني أنواع أخرى من الضرائب مثل ضريبة الدخل على الشركات أو الضريبة على الدخل الشخصي، بل يعني أنّ ضريبة القيمة المضافة هي الأكثر ملائمة لاحتياجات الحكومات في الوقت الراهن." وأضاف نعمان أحمد: "مقارنة مع ضريبة القيمة المضافة، فإنّ ضريبة الدخل على الشركات تؤثر سلباً على الإستثمار في المنطقة، كماعلى نمو الناتج المحلي الإجمالي. ومن ناحية أخرى، فإن اعتماد ضريبة الدخل الشخصي يشكل تحدياً كبيراً إلى سمعة هذه المنطقة التي عرفت بأنها معفاة من الضرائب وهي سمعة خدمت المنطقة بشكل جيد في الماضي."
من ناحية أخرى، يعتبر تقرير ديلويت أنه من المرجح أن يكون هناك اتجاه أحادي أو متعدد الأطراف لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي على المدى القريب. فعلى الرغم من عدم إقدام أي حكومة بعد على اعتمادها أنواع آخرى من الضرائب، إلا أن الدلائل تشير أن هذا الواقع سوف يتغير كنتيجة مباشرة للإنخفاض المستمر في أسعار النفط، واتساع الفجوات المالية في الميزانيات التي تواجهها معظم دول مجلس التعاون الخليجي، والحاجة إلى إيجاد إيرادات كافية لتمويل الخطط الإقتصادية على المدى الطويل. وهكذا، من المرجح أنّ القرار التاريخي الذي اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة لخفض الدعم على أسعار الوقود سوف يؤدي إلى ترجمة عملية للنقاش القائم في دول مجلس التعاون الخليجي حول الضرائب في غضون الأشهر الستة المقبلة.
وختم ستيوارت هالستد، المسؤول عن خدمات الضرائب غير المباشرة في ديلويت الشرق الأوسط قائلاً: "بصرف النظر عن أيّ شيء آخر، سوف يؤدي قرار دولة الإمارات في خفض الدعم عن أسعار الوقود إلى زيادة التركيز على التخطيط المالي في المنطقة إذ بالنظر إلى ما نعرفه عن الأثر الاقتصادي لضريبة القيمة المضافة، فإنّ تنفيذ مثل هذه الضريبة يبدو مناسبا نظراً إلى مجموعة الاحتياجات التي تحتاج الى التوازن." وأضاف هالستد: "لا يسعى صانعو السياسات بالضرورة إلى زيادة الإيرادات العامة على حساب النمو الاقتصادي ولكن، إذا تحتم عليهم القيام بذلك، فمن المرجح أن تكون ضريبة القيمة المضافة هي الحل الأمثل."