ديلويت: قطاع البناء مقياس النمو الإقتصادي في المنطقة
في إطار سعيها إلى تعزيز التواصل مع خبراء قطاع البناء، أصدرت ديلويت تقريرها السنوي "قدرات البناء في دول مجلس التعاون الخليجي 2015: قطاع البناء مقياس للنمو الاقتصادي في المنطقة" والذي يقدم مراجعة شاملة عن هذا القطاع في المنطقة. ويفيد التقرير، وهو نتيجة مجموعة كبيرة من البيانات التي جرى جمعها من خلال العديد من الاستطلاعات والمقابلات مع أهم خبراء هذا القطاع، أنّ دول مجلس التعاون الخليجي ستشهد خلال العام 2015 تقدماً إقتصادياً ملحوظاً نظراً لارتفاع مستوى الإستثمار في مشاريع البنى التحتية ، بحيث بلغت قيمة هذه المشاريع أعلى مستوى في تاريخها بمبلغ 172 مليار دولار أمريكي.
ويعتبر تقرير ديلويت أنّ من الدوافع الأساسية للعمل على تنويع اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي خلق فرص عمل جديدة لسكان هذه الدول التي لا تتجاوز أعمار 50% منهم 25 سنة. ومن المتوقع أنّ تحتاج المملكة العربية السعودية في السنوات الخمس المقبلة إلى ما يقارب 4 ملايين فرصة عمل جديدة في مجالات متنوعة. كذلك، من المرجح أن يزداد عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي من 350 مليون نسمة حالياً إلى 602 مليون نسمة عام 2050، الأمر الذي سيحتم على هذه الدول أن تعيد النظر في استراتيجياتها بهدف تقديم مستوى عالي من الخدمات التعليمية والصحية وخدمات البنى التحتية والدعم الإجتماعي, علماً أنّ ذلك سيتطلب زيادة 34% في قدرة توليد الكهرباء وزيادة 2.2 مليار ليتر في طاقة التحلية بحلول العام 2020.
في هذا السياق، علّقت سينثيا كوربي، الشريكة في ديلويت الشرق الأوسط والمسؤولة عن قطاع البناء ، قائلة: "على الرغم من الإنخفاض في أسعار النفط، وحالة عدم الاستقرار السياسي، وتوقعات صندوق النقد الدولي بانخفاض مستوى النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، بلغت قيمة المشاريع المتوقع تنفيذها مبلغاً ملحوظاً وصل للمرة الأولى إلى 172 مليار دولار."
وأضافت كوربي: "تتمتع دول مجلس التعاون الخليجي بامتياز امتلاكها لمخزون كبير من النفط، وهذا ما يمنحها القدرة على الإستمرار بالانفاق بهدف تحقيق استراتيجياتها المخطط لها. بالتالي، من المتوقع لهذه الدول أن تستمر بالاستثمار في مشاريع البنى التحتية ومشاريع رؤوس الأموال بهدف تنفيذ استراتيجياتها المتعلقة بتنويع الإقتصاد."
ويضم تقرير ديلويت تحليلات إحصائية ومعلومات عنمشاريع مختلفة لكل بلدٍ على حدة، بالإضافة إلى العديد من المقالات والمقابلات التي تبحث في الاتجاهات المختلفة ضمن هذا القطاع. ويشمل التالي أبرز ما يضمّ التقرير:
الإمارات العربية المتحدة يعتبر مشروع مركز دبي التجاري العالمي من أهمّ مشاريع البنى التحتية في المنطقة بحيث تقدر كلفته بمبلغ 32 مليار دولار أمريكي مخصصة إلى توسيع مطار آل مكتوم الدولي، والذي من المتوقع له أن يصبح أكبر مطار في العالم. وفي مقامٍ آخر، تشهد إمارة أبو ظبي نهضة صناعية ملحوظة متمثلة بمشروع تكامل لمدينة كيماويات الغربية المتخصصة في الصناعات الكيماوية في المنطقة الغربية لإمارة أبوظبي والذي تقدر كلفته بمبلغ 20 مليار دولار أمريكي. هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المشاريع التي يجرى التخطيط لها بميزانيات مرتفعة، علماً أنّ القطاع المتصدر خلال عام 2015 هو مشاريع الأبنية ذات الإستخدامات المتعددة والمشاريع السكنية، والذي تصل قيمة الإنفاق عليه إلى ما يعادل 24 مليار دولار أمريكي.
المملكة العربية السعودية يعد مشروع المزيني - المركز الفرعي الشرقي في الرياض، أكبر مشروع في مرحلة التنفيذ في المملكة العربية السعودية بحيث تبلغ كلفته 15 مليار دولار، يتبعه مشروع خزام للتنمية في جدة بقيمة 13.3 مليار دولار والذي من المتوقع له أن يحدث تطورات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية في جنوب شرقي جدّة. هذا بالإضافة إلى عدد كبير من المشاريع التي يجرى التخطيط لها بميزانيات مرتفعة، علماً أنّ مشاريع البنى التحتية (الطرقات والجسور) تحتل الصدارة خلال العام 2015 بقيمة 35 مليار دولار أمريكي، يليها مشاريع الرعاية الصحية بمعدل إنفاق 19 مليار دولار ومشاريع توليد الكهرباء بمعدل إنفاق 13 مليار دولار.
قطر يشكل مشروع شبكة مترو قطر المنقسم إلى مرحلة أولى تقدر كلفة تنفيذها بمبلغ 15 مليار دولار ومرحلة ثانية بمبلغ 3 مليار دولار أحد المشاريع الكبرى في قطر والتي تحتل المرتبة الأولى بين المشاريع قيد التنفيذ والمتوقع تسليمها خلال عام 2015. يتبع هذا المشروع في المرتبة الثانية من حيث الأهمية مشروعي منطقة قطر الإقتصادية التي ستضم في مرحلتها الأولى الصناعات التكنولوجية الحديثة، والصناعات الداعمة للملاحة الجوية، والخدمات اللوجستية، وخدمات الطرود الجوية، والتي ومن المتوقع لها أن تكون الأكبر بين المناطق الإقتصادية الثلاث الموجودة في قطر، بالإضافة إلى المرحلة الخامسة من مشروع العد الشرقي – القبة الشمالية التابع لشركة أوكسيدنتال قطر للبترول المحدودة. وستبلغ كلفة المشروعين مبلغ 3 مليار دولار لكل منهما.
باقي دول مجلس التعاون الخليجي تشكل مشاريع قطاعات السكن، والترفيه والضيافة، بالاضافة الى مشاريع البناء ذات الإستخدامات المتعددة، نسبة 40% من مجموع كامل المشاريع الجارية التنفيذ والمشاريع ما قبل التنفيذ والبالغة كلفتها 2.8 ترليون دولار، أي ما يعادل ميزانية بقيمة 1.1 ترليون دولار. في هذا الإطار، لعلّ أبرز ما يجب التركيز عليه هو قدرة هذه المشاريع على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في كلّ من دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى توفيق توقيت التسليم مع عائدات الإستثمارات المتعلقة بهذه المشاريع. بالتالي، على دول مجلس التعاون الخليجي أن تعمل على إدارة النمو الإقتصادي ومشاريع رؤوس الأموال المخطط لها بهدف خلق اقتصادات متنوعة تتميز بقدرتها على إدارة الديون الفاعلة وتأمين التمويل المطلوب من رؤوس الأموال في السنوات المقبلة.
في الختام، علّق أندرو جفري، المدير التنفيذي المسؤول عن لستشارات المشاريع الكبرى في ديلويت الشرق الأوسط، قائلاً: " لقد حان الوقت للتنويع في الاقتصاد من خلال الابتعاد عن الإقتصادات القائمة على النفط فقط وتحويلها الى اقتصادات تشمل قطاعات ونشاطات أخرى مختلفة. ومن المبكر تصور كيفية حدوث هذا الانتقال في رسم السياسات الاقتصادية، ولكن مما لاشك فيه أن الفجوة بين كلي النوعين من الاقتصادات ستكبر في المنطقة لتجعل منها محورأ أقليمياُ للاستثمار والتطوير."