عقد من التغيير يُسهم في إحداث نقلة نوعية بالاقتصاد السعودي
مرّت المملكة العربية السعودية بعقد من التغيير الكبير، بدأ مع انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في العام 2005، ما ساعد في انطلاقها نحو حقبة من النمو الاقتصادي السريع. ومن المرجح أن يشكّل العام الجاري 2015 محطة رئيسية على طريق التحول الاقتصادي في البلاد، في ضوء عدد من المبادرات المهمة التي يُرتقب حدوثها خلال هذا العام، والتي من أبرزها فتح أبواب "تداول"، سوق الأسهم السعودية، أمام المستثمرين الأجانب للمرة الأولى.
ومع احتفال مؤتمر "يوروموني السعودية" هذا العام بمرور عشرة سنوات على انطلاقته، يجتمع تنفيذيون مصرفيون كبار من المنطقة والعالم للبحث في اقتصاد المملكة الذي شهد ازدهاراً ملحوظاً خلال العقد الماضي وبات مهيأً لحدوث مزيد من التغييرات في ضوء التخطيط لإجراء عدد من الإصلاحات تطال النظام المالي في المملكة.
وصعّدت المملكة العربية السعودية، منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في العام 2005، جهودها الرامية إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، وتُوّجت هذه الجهود بزيادة الإنفاق الحكومي في موازنة العام 2015 إلى مستوى قياسي بلغ 860 مليار ريـال. وكان الناتج المحلي الإجمالي قد ارتفع بشكل كبير من 328.5 مليار دولار في العام 2005 إلى 748.4 مليار دولار في 2013، في حين انخفضت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي انخفاضاً كبيراً من 37 بالمئة إلى 2.6 بالمئة فقط العام الماضي.
وشهد العام الجاري في يناير تولي جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لمقاليد الحكم خلفاً لأخية الراحل الملك عبدالله، الذي شهدت المملكة في عهده إصلاحات واسعة وزيادة في تمويل المشاريع والخدمات الاجتماعية، ما ساعد على تفاديها موجات الاضطرابات التي أصابت دولاً عربية أخرى.
وفي هذا الإطار، قال ريتشارد بانكس، المدير الإقليمي لمؤتمرات "يوروموني": "شهدت المملكة تغييراً كبيراً على مدى السنوات العشر التي استضافت خلالها مؤتمر يوروموني السعودية، وأكّد أن العام 2015 يتهيّأ ليكون عاماً مهماً آخر للمستثمرين، مشيراً إلى فتح أبواب سوق الأسهم أمام الاستثمار الأجنبي، ومرجّحاً أن يكون في هذا الأمر تغييراً لقواعد اللعب. وأضاف: "كان مؤتمر يوروموني السعودية حاضراً في كل خطوة على الطريق، ولطالما جمع بين أفضل الأسماء وألمعها من بين صانعي القرار السعوديين والمستثمرين الدوليين، مقدماً التوجيه، وداعياً إلى استكشاف التحديات والفرص التي ترسم ملامح التنمية في المملكة".
وكانت حكومة الملك عبدالله قد خصصت مبالغ ضخمة للإنفاق على البنية التحتية والمشاريع الكبرى مثل مدينة الملك عبدالله الاقتصادية البالغة تكلفتها 86 مليار دولار والتي أعلن عنها في العام 2005، وذلك من أجل الحد من الاعتماد على النفط في البلاد، وتحفيز النمو الاقتصادي وخفض المستويات البطالة العالية.
كما تميزت السنوات القليلة الماضية بتخصيص استثمارات كبيرة لتمويل قطاع الخدمات الاجتماعية، كالتعليم والإسكان، وبتنفيذ إصلاحات شملت توسيع حقوق المرأة، التي بات بوسعها اليوم العمل في وظائف استشارية حكومية والعمل في مجال تجارة التجزئة.
ومع ذلك، فما تزال هناك تحديات تواجه المملكة العربية السعودية؛ إذ ما يزال الاقتصاد يعتمد اعتماداً كبيراً على النفط، الذي يشكل 90 بالمئة من الإيرادات المالية للدولة. ولكن حين انخفضت أسعار النفط العالمية العام الماضي، وأثر ذلك تأثيراً سلبياً ملحوظاً على الإيرادات، قدّر صندوق النقد الدولي بأن المملكة العربية السعودية كونّت احتياطات نقد أجنبي تبلغ 750 مليار دولار، ما سيقدّم لها الحماية.
ويُعتبر مؤتمر "يوروموني السعودية" 2015، الذي ستقام دورته العاشرة يومي 5 و6 مايو في فندق الفيصلية بالعاصمة السعودية الرياض، أطول الفعاليات المتواصلة، وأكبرها وأكثرها تأثيراً في القطاع المالي بالمملكة، وهو يجمع بين صانعي السياسات وخبراء المالية والرؤساء التنفيذيين السعوديين، علاوة على المستثمرين والتنفيذيين المصرفيين الدوليين.
ينعقد هذا المؤتمر، منذ انطلاقته، بالتعاون مع وزارة المالية السعودية، ويشكل فرصة مميزة لاستكشاف الفرص داخل المملكة، ويساعد على ربطها مع مجتمع الاستثمار العالمي.