ناقش الخبراء المشاركون في فعاليات "المؤتمر الخامس للموارد البشرية وسوق العمل بدول مجلس التعاون الخليجي"، خلال جلسات اليوم الأول التي تضمنت جلستين و6 أوراق عمل. مشددين على أهمية رأس المال البشري كمورد رئيسي لأية منظمة في ظل التطورات السريعة الحاصلة في بيئة العمل التي تتبنى الابتكار، وتسعى لتحقيق السعادة عبر تطوير الهيكل التنظيمي وتخطيط الموارد البشرية ووضع سياسات مرنة واستخدام النمط القيادي الملائم وتخطيط المسار الوظيفي.
ولفت الخبراء إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة يجب أن تبقى ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الخليجية لأنها ستكون قاطرة النمو الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وتساهم في توفير فرص العمل اللازمة بما يواكب الزيادة السكانية المطردة.
السعادة والأمان الوظيفيين
وناقشت الجلسة الأولى التي ترأسها سعادة طارق يوسف الجناحي نائب المدير التنفيذي لمركز دبي للإحصاء الرئيس التنفيذي للسعادة والإيجابية، موضوع "السعادة والأمان الوظيفي في استثمار رأس المال البشري". في حين تمحورت الجلسة الثانية "واقع ومستقبل رأس المال البشري الخليجي في القطاعات الاقتصادية بدول المجلس" وترأسها الدكتور محمد ابطيحـان سـالم الـدويهـيس مستشار ومدرب في التنمية الإدارية والبشرية وزير التخطيط ووزير التنمية الإدارية الأسبق في دولة الكويت.
وقدم العميد الدكتور صالح عبدالله مراد نائب مدير الإدارة العامة للموارد البشرية في القيادة العامة لشرطة دبي ورقة العمل الأولى تحت عنوان "الابتكار والسعادة وأثرهما في استثمار رأس المال البشري"، شدد فيها على أهمية رأس المال البشري كمورد رئيسي لأية منظمة وأساس إبداعها وسر نجاحها، موضحاً أن التطورات السريعة الحاصلة في بيئة العمل هي ما يدفع المؤسسات الرائدة إلى الاهتمام بمفهوم الابتكار، وهو ما يُعزز حرص القيادات على إسعاد موظفيها وتوفير مناخ ملائم وبيئة مشجعة لهم، وصولاً إلى تهيئة رأس المال البشري لديها لاستخدام مواهبهم الابتكارية للبقاء وسط بيئة تنافسية.
واعتبر أن الابتكار يساعد الموظف على تحقيق الذات والشعور بالإنجاز والرضا ويحقق له منافع مادية وفرص عمل ووضع مهني أفضل ومنافع معنوية، فيما تسهم السعادة في تحسين حالته الصحية وزيادة إنتاجيته. بينما يوفر الابتكار فرص عمل جديدة للمؤسسة ويسهم في زيادة إنتاجيتها وخفض النفقات مثل تقديم خدمة أسرع والحصول على مراكز التميز والريادة وتحقيق الذات والشعور بالإنجاز لجميع العاملين في المنظمة، في حين تعزز السعادة الميزة التنافسية للمؤسسة وتحسن سمعتها وتزيد رضا المتعاملين وولائهم.
الأمان الوظيفي
من جانبه، استعرض عبد الله عيسي المهيني رئيس قسم الفرص الوظيفية بقطاع الخدمات في إعادة هيكلة القوى العاملة من دولة الكويت، في ورقة العمل الثانية بعنوان "مساعي برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة في دولة الكويت لتحقيق الرضا والأمان الوظيفي للعاملين في القطاع الخاص"، دور البرنامج في تغيير مسارات التوظيف في دولة الكويت وأدواته وأبرز الخدمات التي يقدمها للمواطنين بالإضافة إلى أبرز النجاحات التي تحققت في مجال التوظيف في القطاع الخاص، مشيراً إلى أن البرنامج حرص ضمن مساعيه لتحقيق الرضا والأمان الوظيفي للعاملين في القطاع الخاص الكويتي على سن تشريعات للمسرّحين من العمل بسبب الأزمة العالمية وإصدار قانون التأمين ضد البطالة ودعم الخبرات الوطنية وغيرها من المبادرات.
من جهته، رأى الدكتور عبدالله بن علي بن محمد الفارسي نائب رئيس مجلس إدارة مجلة آماد الإلكترونية في سلطنة عمان في ورقة العمل الثالثة التي قدمها تحت عنوان "دور القيادة وآليات تحقيق السعادة في بيئة العمل"، أن تحقيق السعادة في بيئة العمل مرتبط بعدد من المتطلبات الإدارية والفنية من أبرزها تطوير الهيكل التنظيمي وتخطيط الموارد البشرية ووضع سياسات مرنة واستخدام النمط القيادي الملائم وتخطيط المسار الوظيفي، إلى جانب تعزيز الثقة المتبادلة بين الإدارة والموظفين والتدريب المستمر واستخدام التقنيات الحديثة والحوافز المادية والمعنوية ونظام اتصالات فعال.
واقترح الفارسي إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات حول السعادة في بيئة العمل في المؤسسات الخليجية وأثرها على الإنتاجية، بالإضافة إلى تشكيل فريق عمل أو لجنة مختصة من المهتمين والباحثين تعنى بوضع معايير موحدة للسعادة في بيئة العمل ومن ثم تطبيق تلك المعايير على المؤسسات للأخذ بها، وكذلك تطوير برامج ومشاريع ذات طبيعة استراتيجية بعيدة المدى تستند إلى أسس منهجية وعلمية ومؤشرات للسعادة من أجل إنجازات ترتقي بمفهوم ثقافة السعادة في بيئة العمل.
القطاع المصرفي والتوطين
وقدمت أماني خالد البناي مدير التوطين في بنك الإمارات دبي الوطني في دولة الإمارات ورقة العمل الرابعة بعنوان "القطاع المصرفي وتجربة رائدة في التوطين"، أكدت فيها على ضرورة أن يبدأ التوطين في القطاع المصرفي من التعليم لإعداد جيل قادر على فهم واستيعاب أهمية القطاع المصرفي في الدولة وتأثيره المباشر على الاقتصاد الوطني، وكذلك مشاركة رواد وموظفي القطاع الخاص في طرح وتطوير استراتيجيات التوطين في الدولة بما يسهم في نجاح الاستراتيجيات وتطبيقها.
ودعت البناي إلى دعم المبادرات التوعوية الموجهة للطلاب حول احتياجات سوق العمل والتخصصات المطلوبة لإنجاح منظومة التوطين، بالإضافة إلى تطوير برامج التوطين لكل المراحل الدراسية، مشيرة إلى أن الشهادات التخصصية تعتبر بمثابة مستقبل التعليم والقطاع الخاص وتعادل أكبر الدرجات العلمية في الدول المتقدمة. كما أكدت على ضرورة خلق بيئة عمل داعمة ومميزة ومختلفة للمواطن من خلال المراقبة والتوجيه والنصح وإعطاء التغذية الراجعة لكل عمل جيد أو غير جيد.
ثم قدمت الدكتورة لولوة مطلق راشد المطلق رئيس لجنة التدريب والموارد البشرية والتعليم في غرفة تجارة وصناعة البحرين ورقة العمل الخامسة بعنوان "تجارب التوطين في القطاعات الاقتصادية ما لها وما عليها - التحديات و الفرص"، أكدت من خلالها على المكانة المتميزة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الخليجية كونها النمط الغالب على المشروعات، فيما يتوقع أن تكون قاطرة النمو الاقتصادي في العقود القادمة وتساهم في توفير فرص العمل اللازمة بما يواكب الزيادة السكانية المطردة.
ولفتت المطلق إلى أنه على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة للتأكيد على أهمية التوطين للاقتصاد الوطني إلا أنه لا تزال هناك أعداد كبيرة من العمالة الوافدة تقوم بأغلبية الأعمال التي تدعم الاقتصاد وتحرك عجلته وتسهم في ازدهاره وهو ما يتطلب قراءة التحديات وإعادة النظر في الفرص المتاحة لزيادة نسبة التوطين في دول الخليج.
صناع التدريب
أما ورقة العمل السادسة في اليوم الأول من المؤتمر فقدمها الدكتور أحمد السلطان طبيب استشاري ورئيس اللجنة الوطنية للتدريب ورئيس لجنة التدريب والتوظيف بغرفة جدة من المملكة العربية السعودية، وكانت بعنوان "المبادرة الخليجية ومستقبل الاستثمار في رأس المال البشري"، عرض خلالها للمبادرة التي تهدف لجعل المواطن الخليجي رأس المال الأمثل بدول مجلس التعاون بحلول عام 2030، من خلال تمكين صناع التدريب في القطاع الخاص من العمل بيسر وفعالية لتحقيق رؤى قادة دول الخليج في إطار السعي للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي استعداداً لمرحلة ما بعد النفط.
وأكد السلطان على ضرورة التعريف بصناع التدريب الخاص والحكومي والخيري على جميع المستويات لتبادل الخدمات والمعلومات والأبحاث وقواعد البيانات، وتحديد أهداف التدريب الخليجي المتفق عليها حسب وزنها النوعي عل جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب تجسير الخبرات على مستوى الأفراد والمنظمات والهيئات المحلية والدولية، وتوثيق المدخلات للخروج بمسودة لخارطة طريق للارتقاء بصناعة التدريب في ظل المتغيرات الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى وضع جدول زمني لجميع الفعاليات الدورية بطريقة تكاملية في دول مجلس التعاون للاستفادة القصوى من كل فعالية وتعميمها.