صرّحت "بيكو كابيتال"، وهي شركة لاستثمار رأس المال المغامر في شركات التكنولوجيا الناشئة في دول منطقة مجلس التعاون الخليجي، اليوم أن سوق رأس المال المغامر قد اكتسب زخماً متزايداً خلال الإثني عشر شهراً الماضية مدفوعاً بمجموعة من العوامل من ضمنها عمليات جمع الأموال الناجحة وتدفّق الصفقات من قبل اللاعبين "الأربعة الكبار"، والمبادرات التي أطلقها كل من القطاعين الحكومي والخاص والاهتمام المتزايد من المستثمرين العالميين في رأس المال المغامر وكذلك المستثمرين الاستراتيجيين.
قال داني فرحة، الرئيس التنفيذي لشركة "بيكو كابيتال": "سيبدأ القطاع قريباً بعمليات الاندماج حيث يوجد حالياً أكثر من 109 مؤسسات وجهات تستثمر في قطاع شركات التكنولوجيا الناشئة في مراحلها المختلفة، بدءاً من المرحلة الحاضنة وحتى الاستثمارات التأسيسية ووصولاً إلى توفير رأس المال المغامر في المراحل الأولى من التأسيس ورأس المال المغامر في المراحل المتأخرة لدعم نمو الشركات الناشئة. وسيستبعد القطاع اللاعبين الأضعف ويقلّص عدد الشركات العاملة فيه مع مرور الوقت. وبالنسبة لشركات رأس المال المغامر التي ستبقى وتستمر، فهي ستستفيد من اتجاهٍ متنامٍ مدعومٍ باستثماراتها الناجحة في شركات التكنولوجيا المتنامية وبرؤوس الأموال التي تمّ جمعها وتنتظر وضعها في استثمارات جديدة وبصفقات البيع والتخارج. وستتدفق المزيد من الأموال مع الوقت إلى عدد قليل من المستثمرين الذين أثبتوا نجاحهم في إدارة أداء استثماراتهم في رأس المال المغامر وإلى الذين كانوا السباقين في تأسيس هذا القطاع، لا سيما وأن قرار توزيع الاستثمارات يتوقف على الذين حققوا الأداء الأفضل.
سوق ناشئ ومجزأ ولكن متنام
تُظهر الأبحاث الخاصة التي أجرتها "بيكو كابيتال" أنه من بين الـ 109 لاعباً من القطاع الخاص الذين ينشطون في قطاع رأس المال المغامر في المنطقة، هناك 19 شركة إقليمية و7 شركات عالمية في قطاع رأس المال المغامر. وبالإضافة إلى ذلك، هناك 10 لاعبين ناشطين في الاستثمار في مرحلة نمو الشركة الناشئة/أو في المراحل اللاحقة من نموها. وهناك أيضاً بعض الشركات الإقليمية الكبرى التي تعمل في مجالات أخرى ولكنها أسست شركات أو أقسام داخلية متخصصة في الاستثمار في رأس المال المغامر وعددها 12 شركة إقليمية. والعاملون الآخرون في هذا القطاع يشتملون على المستثمرين في رؤوس الأموال المغامرة الصغيرة جداً (وعددهم 6) والحاضنون/مسرعو النمو (وعددهم 14) ومجموعات المستثمرين التأسيسيين (وعددهم 11) والمستثمرون التأسيسيون من الأفراد (وعددهم 14) وشركات الاستحواذ على شركات التكنولوجيا(وعددهم 16).
ويؤكد الرئيس التنفيذي في "بيكو كابيتال" أنه بالرغم من العدد الكبير من الشركات العاملة في هذا القطاع، ما زال الاستثمار في فئة الأصول هذه، والمعروفة بفئة أصول رأس المال المغامر أو رأس مال المخاطرة، ما زال ضئيلاً حيث لا يتلقى القطاع في المنطقة قدراً كافياً من هذا النوع من الاستثمارات. ودعا الرئيس التنفيذي الصناديق السيادية والشركات العائلية والمستثمرين من القطاع المؤسسي لتخصيص المزيد من استثماراتهم للشركات الرائدة التي تعمل في قطاع رأس المال المغامر في المنطقة. "هذا سيُعجِّل بتأسيس بيئة جيدة في القطاع ويساعد على ظهور قصص نجاح في قطاع التكنولوجيا المحلي ويضمن للمنطقة العربية مشاركتها في الثورة التكنولوجية الحاصلة حول العالم وكذلك يسهم في تعزيز مكانة المنطقة وبالتالي تعزيز استقرارها وازدهارها كما سيمنح المساهمين عائدات ضخمة." ولكن لكي يحدث ذلك، يجب أيضاً أن ينمو حجم شركات وصناديق رأس المال المغامر الإقليمية بشكل أكبر حتى تستطيع الصناديق السيادية والمستثمرين من القطاع المؤسسي أن يلبوا شرط الحد الأدنى، حيث أنه غالباً ما تكون استثمارات هذه المؤسسات ضخمة وتبدأ من حد أدنى معين.
يؤكد داني فرحة: "حتى لو أضفنا تدفق الأموال من القطاعين الحكومي والخاص، فإن المساهمة الكلية لرأس المال المغامر في الاقتصاد لا زالت ضئيلة، ولكن هذا الأمر لن يبقى على حاله، فهنالك تغييرات إيجابية حاصلة في القطاع."
تشكّل الاستثمارات العربية في رأس المال المغامر في المنطقة حالياً جزءاً بسيطاً من مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية (52 مليار دولار أميركي) والصين (15.5 مليار دولار أميركي) وأوروبا (10.6 مليار دولار أميركي والهند (5.2 مليار دولار أميركي) وكندا (1.4 مليار دولار أميركي). وهذا كله في ظل إجمالي ناتج محلي عربي مشترك ضخم، قُدِّر في العام الماضي بما يقرب من 2.85 تريليون دولار أميركي، حيث يُصنف العالم العربي من بين أكبر عشر اقتصادات في العالم متفوقاً على اقتصادات الهند وروسيا والبرازيل.
ومع ذلك، وبالرغم من وضع السوق المتجزئ حالياً، فإن داني فرحة يقول بأنه يتوقع نمو القطاع في المنطقة. سيكون هناك المزيد من شركات رأس المال المغامر تؤسسها الحكومات والقطاع الخاص، ولكن مع مرور الوقت، ستتدفق الأموال بالدرجة الأولى على شركات رأس المال المغامر المحلية الأكبر والأفضل أداء والتي تتمتع بسجل أداء قوي. يوضح فرحة: "لا يزال السوق ناشئاً، ولكن هناك حماس كبير له ونشاط مماثل فيه. وعندما ينطلق فعلياً سيزدهر ويبلغ ذرى جديدة، وعندها سنصبح قصة الازدهار الكبرى التالية بعد الهند في قطاع التكنولوجيا العالمي. عندما تصل المنطقة العربية إلى نقطة التحوّل، ستصل إلى الذروة التي وصلت إليها الهند."
لقد بدأت شركات رأس المال المغامر العالمية بتوجيه أنظارها إلى المنطقة حيث بدأت بالفعل بالاستثمار في بعض شركات التكنولوجيا الإقليمية. ولكن ما زال الإقبال محدوداً اليوم، ومع ذلك يتوقع الرئيس التنفيذي في "بيكو كابيتال" أن تأتي هذه الشركات إلى المنطقة بأعداد كبيرة بعد خمسة أعوام عندما يكون السوق قد أصبح أكثر نضجاً وتكون شركات رأس المال المغامر المحلية قد أسست سجل أدائها من خلال تنمية شركة التكنولوجيا الناشئة وتحويلها إلى شركات عملاقة في طريقها لتتخطى قيمتها الاسمية حاجز المليار دولار ولتحقق بعد ذلك صفقات البيع والتخارج الضخمة.
جمع الأموال وتدفق الصفقات
يقوم اللاعبون الأربعة الكبار حالياً باستكشاف ودراسة السوق لاستثمار حوالي 150 مليون دولار أميركي من الاحتياطيات، وهو الـمبلغ المتبقي من الأموال التي تمّ جمعها في السنوات الثلاثة الماضية والبالغة حوالي 250 مليون دولار. وقد جمعت "بيكو كابيتال" وحدها هذا العام حوالي ربع الأموال الجديدة التي دخلت إلى القطاع حتى الآن هذه السنة، حيث تركز استراتيجيتها على دعم شركات التكنولوجيا الناشئة في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر ولبنان من خلال توفير رأس مال النمو وإجراء التحسينات في مجال التشغيل وتوفير القيمة بشكل عام.
أضاف داني فرحة: "توفر شركات رأس المال المغامر الاستثمارات اللازمة لنمو الشركات الناشئة. فنجاح الشركات الناشئة يقاس بمدى إمكانية نموها لتصبح من الشركات الضخمة الرائدة في قطاعها وكذلك سرعة الوتيرة التي تستطيع من خلالها تحقيق هذا النمو، وكل ما عدا ذلك لا يعتبر شركة ناشئة. بل ستكون مجرد شركة جديدة قد تصبح شركة ناجحة بجميع المقاييس ولكنها ليست معنية بأن تصبح إحدى الشركات العملاقة في قطاعها بل تركز على أن تصبح شركة كبيرة وناضجة تهتم بهوامش الربح لديها."
تقول "بيكو كابيتال" التي استحوذت على حصص في "كريم" و"بروبرتي فايندر" و"بيزات"، أنه لن تذهب كل احتياطيات الأموال التي جُمعت سابقاً ولم تستثمر بعد إلى شركات جديدة.
يوضح داني فرحة: "هناك قلة من شركات التكنولوجيا الناشئة التي أثبتت أنها ’في طريقها لأن تصبح شركات عملاقة‘ و40% في المتوسط من أموال رأس المال المغامر الحالي الموجود في احتياطيات ’الأربعة الكبار‘ سيستثمر لتنمية استثماراتها الحالية في الشركات الواعدة التي تضمها محافظها، وذلك لتنمية تلك الشركات وزيادة قيمتها استعداداً لتنفيذ صفقات التخارج الكبرى. وباقي الأموال ستستخدم لتنمية عدد جديد من الشركات الناشئة."
وقد بدأت فعلياً بعض هذه الشركات الناشئة الإقليمية التي خطت خطواتها الأولى لأن تصبح تلك الشركات العملاقة بجذب انتباه شركات رأس المال المغامر العالمية، حيث أجرى لاعبون عالميون كبار عدداً من
الاستثمارات في شركات تكنولوجيا ناشئة في المنطقة. وهناك شركات أخرى ستتبعها وتبحث حالياً في إمكانية الاستثمار في شركات محلية تنشط في مجال رأس المال المغامر.
صفقات التخارج
يتوقع داني فرحة أن يحصد قطاع رأس المال المغامر في المنطقة العربية بعد خمس سنوات فوائد هذه الاستثمارات الطويلة الأمد في الشركات التي أثبتت وما زالت تثبت نجاحها كل يوم من خلال المزيد من النمو.
يقول داني فرحة موضحاً: "ستشهد المنطقة زخماً من صفقات التخارج التي قد يتجاوز حجمها مئات الملايين من الدولارات لكل منها عندما تبدأ شركات رأس المال المغامر ببيع بعض أنجح شركاتها التابعة. أنا أتوقع ’صفقة عملاقة مدوية‘ في كل عام بدءاً من عام 2019 والتي قد تشمل صفقات بيع شركات تتجاوز قيمتها مبلغ المليار دولار." وبالنسبة له، فإن صفقات التخارج العملاقة المدوية هي تلك التي يتجاوز حجمها الـ 200 مليون دولار أميركي وتلك التي تتجاوز قيمتها مبلغ المليار دولار أميركي. "يجب أن يولّد ’الأربعة الكبار‘ في قطاع رأس المال المغامر صفقة واحدة على الأقل قيمتها 150 مليون دولار أميركي في كل عام بدءاً من عام 2019 وما بعد ذلك حتى تولّد استثماراتنا عائدات تتماشى مع توقعات المستثمرين في رأس المال المغامر. ومثل هذا الزخم في عمليات التخارج سيجلب المزيد من الأموال للقطاع مؤسساً دورة استثمار إيجابية تضمن استمراريته وازدهاره الكلي."
ويؤكد داني فرحة ثقته بأن صفقات التخارج الكبرى هذه ستتحقق.
وقد بدأت بعض شركات التكنولوجيا الناشئة في المنطقة بتلقي عروض لشرائها بقيمة تفوق قيمة الجولة الأولى من الاستثمار (Series A) بما بين 5 إلى 10 مرات وذلك في غضون سنتين فقط. وتتمسّك "بيكو كابيتال" وبعض شركات رأس المال المغامر الإقليمية الأخرى بشركاتها التابعة الناجحة، حيث تتعاون مع تلك الشركات من أجل تعزيز قيمتها بشكل أكبر.
"نجد أن هناك دوماً اهتماماً بشركات التكنولوجيا الكبرى التي تتمتع بموقع ريادي في قطاعها في المنطقة، من قبل مستثمرين استراتيجيين ومستثمرين من القطاع المالي. ونجد أن هنالك عروضاً تقدمها الشركات الاستراتيجية في الوقت الحالي ولكن شركات رأس المال المغامر، بما فيهم نحن، متمسّكون بتلك الشركات. إننا نود التأكد من استمرارنا في الاستثمار وفي توفير رأس مال النمو حتى نتمكّن من إتمام صفقات التخارج بتقييمات أعلى." ومن الجدير بالذكر أن "بيكو كابيتال" تلقت عروضاً من مشترين استراتيجيين لشراء الشركات الناجحة في محفظتها.
وهناك كذلك خيار إدراج الشركات في أسواق البورصة مثل بورصة أستراليا (ASX) في سيدني بالإضافة إلى بورصة سنغافورة وهونغ كونغ. ويعتقد داني فرحة أنه ينبغي علينا أن نطرح شركة عملاقة في مجال التكنولوجيا للاكتتاب العام لكي نُبيّن للمستثمرين كيف تستطيع شركات التكنولوجيا الناجحة أن تصبح عملاقة في وقت قصير نسبياً والعائدات التي يمكن أن تولّدها للمستثمرين. "هذا من شأنه أن يحفّز الاستثمار في قطاع التكنولوجيا من المستثمرين على اختلاف أنواعهم، الأمر الذي سيأتي بالمزيد من الشركات العملاقة إلى أسواق البورصة مولّداً المزيد من نشاطات الاندماج والاستحواذ في منطقتنا. وعندئذ سنشعر بتأثير هذه الدورة الإيجابية على القطاع بأكمله."
جدير بالذكر أن نموذج الأعمال الذي تعتمده "بيكو كابيتال" والقائم على توليد القيمة من خلال مبادرات ما بعد الاستحواذ والتي تركز على الامتياز في مجال التشغيل، قد طبقت بنجاح، وكنتيجة لذلك، فإن الشركات في محفظة الشركة تواصل ازدهارها وتوفيرها للنمو المتعاظم.