يتميز جيل الألفية بنفوذه وقيمته مع إمكانات هائلة لإثراء المشهد التجاري لكل من المستهلكين والشركات.
بات المستهلكين من جيل الألفية يتحكمون بالسوق، حيث يخبرون الشركات عما يريدونه، وكيف يريدونه، والثمن الذي يودون دفعه- وهذه الظاهرة تمتد تقريبا إلى كل القطاعات، بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية. يشكل هذا الأمر بالنسبة لمزودي الخدمات وشركات الاتصالات تحديات وفرصاً في آن معاً لتسخير إمكانات سوق الألفية. وعلى الرغم من أهمية القدرة على تلبية الاحتياجات الخاصة لجيل الألفية، إلا أنه ليس من السهل القيام بذلك على نحو دائم، ذلك أن توقعات الألفية مختلفة وهي في تطور دائم.
ويعتبر جيل الألفية جيلاً استهلاكياً متنوعاً وقابلاً للتكيف، فهو يفكر بسرعة كبيرة، ونتيجة لذلك، يصعب على شركات الاتصالات توقع التطورات المستقبلية. لهذا السبب، ومن أجل فهم مستهلكي هذا الجيل، من المهم لأصحاب العمل توظيف المزيد من أفراد جيل الألفية في مؤسساتهم، حيث سيكونون أكثر قدرة على ابتكار الأفكار والمنتجات والخدمات المتناسبة مع نظرائهم المستهلكين من الجيل ذاته.
ومع ذلك، تفرض هذه الفلسفة تحديات في حد ذاتها، كموظفين يرفض أفراد جيل الألفية العمل لمدة طويلة في شركة واحدة، وهم يختلفون مع زملائهم من الأجيال السابقة الذين يتوقعون البقاء في شركة معينة لمدة 15 عامًا. بالنسبة لجيل الألفية، فإن النجاح في العمل يرتكز على المرونة والإنتقال، وهذا هو السبب في إنجذابهم للعمل في مؤسسات سريعة التغيير مثل الشركات الناشئة، إلا أن مهاراتهم ومواهبهم وخبراتهم الرقمية، تجعل من جيل الألفية رصيدا قيما للشركات حول العالم رغم تقلباتها المحتملة.
على هذا النحو، فمن الأهمية بمكان أن نفكر في جيل الألفية كموظفين قيمين ونسأل أنفسنا حول إمكانية الاحتفاظ بهم والاستفادة من عقولهم الإبداعية. ويعتبر هذا الأمر صعباً لأنهم لا يتمتعون بصبر دائم للحصول على فرص التقدم الوظيفي في شركة واحدة، ويرفضون الانتظار لحين فتح الشواغر. ويعتقد أفراد جيل الألفية أنهم يمتلكون الكثير من المعارف والخبرات، وهو أمر حقيقي ولكننا نحتاج إلى التعرف على إمكانية رعاية مواهبهم عبر الانخراط معهم ومساعدتهم على النمو في الأدوار القيادية مع الوقت.
وينطبق هذا الاتجاه لدى جيل الألفية على الرغبة في تبديل مكان العمل على عاداتهم ونمط حياتهم أيضًا، فليس من السهل الحفاظ على جيل الألفية في مكان واحد: بالنسبة إليهم، العالم ليس له حدود جغرافية، كما تزداد لديهم الرغبة في السفر أكثر من أي جيل سابق. واليوم، بات السفر أسهل وأقل تكلفة من أي وقت مضى – بالتزامن مع عقلية جيل الألفية والتي تعتقد أن الخبرات ذات قيمة أكبر مقارنة بالممتلكات المادية، ويعتبر هذا التحول مثير للاهتمام وسيكون استعدادنا لتقبله في إطار العمل حتمياً من منظور شركة الاتصالات.
ويتمتع جيل الألفية بمهارات جديدة ما يساعدنا في تحديد الأهداف المستقبلية لإنشاء حلول تنافسية مستدامة ومرنة وقابلة للتكيف، ويعتبر من الصعب الاستفادة من قيمتها الفريدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتشهد العديد من بلدان المنطقة اضطرابات سياسية، ما يعني أن الكثير من المواهب الشابة لا تريد العيش في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لفترة طويلة، فهم يفضلون الذهاب إلى أوروبا أو الولايات المتحدة لأنهم يشعرون بأنها توفر لهم الأمان والمزيد من الفرص.
ومع ذلك، من المتوقع أن يتوفر عدد كافٍ من الجامعات المحلية والدولية في المنطقة لجذب جيل الألفية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤدي بدوره إلى خلق العديد من الفرص مثل التدريب في شركات المنطقة، وبالتالي العمل فيها. ونأمل أن يؤدي ذلك إلى تطوير الشعور بالولاء والاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يحفزهم على البقاء في بلادهم على المدى الطويل أو العودة إليها لاحقًا. ولتسهيل ذلك، من المهم منحهم الفرصة وتشجيعهم على السفر والتعرف على العالم، ومن ثم الترحيب بعودتهم عندما يكونوا جاهزين، ففي عالم يتبنى التنقل وتعزيز الخبرات الثقافية، يجب علينا فتح حدودنا واكتساب الخبرات العالمية والاستفادة منها.
ويقدم جيل الألفية قيمة هائلة كمستهلكين وموظفين ومواطنين، فهم يتوقون إلى التعلم وهم طموحون بطبيعتهم، وكي يتسنى للمؤسسات الاستفادة من هذه الصفات والإمكانات، يجب عليها بذل جهد واع لجذب الكفاءات الألفية والحفاظ عليها. ويوفر جيل الألفية في سوق تتطور باستمرار، المرونة والقدرة على التكيف التي ستدفع أجندة الاستدامة في كل مكان.