بالرغم من أن أغلبية المضادات الحيوية التي يصفها الأطباء أثناء الحمل لا تشكل خطراً على إصابة المواليد مكتملي النمو بالصرع أو الشلل الدماغي، إلا أن هنالك نوعاً من المضادات الحيوية يعرف باسم "ماكرولايد" قد يشكل خطراً ضئيلاً في هذا الأمر، وذلك بحسب دراسة أجرتها فرق بحثية في معهد صحة الطفل التابع لكلية لندن الجامعية وشريك الأبحاث لمستشفى "جريت أورموند ستريت".
وفيما تؤكد مجدداً نتائج البحث المنشورة في مجلة "بلوس وان" للأمهات الحوامل أن أغلبية أدوية المضادات الحيوية المستخدمة خلال فترة الحمل ليس من المحتمل أن تؤذي أطفالهن المقبلين، تسلط الدراسة الضوء على أنه ينبغي مراجعة استخدام المضادات الحيوية المعروفة باسم "ماكرولايد" من قبل جهات الرقابة على الأدوية.
وتشير الإرشادات الحالية للأمهات الحوامل إلى أن أغلبية المضادات الحيوية آمنة الاستخدام إلا أن فريق البحث رغب في اكتشاف ما إذا كان هنالك أنواع معينة من المضادات الحيوية مرتبطة بإحداث أضرار في الجهاز العصبي في الجنين. وقام الفريق بدراسة حوالي 196 ألف حالة امرأة قمن بولادة طفل مكتمل النمو (37 أسبوعاً فما فوق) في الفترة ما بين عامي 1990 و2010، وقام أطباؤهن بوصف مضادات حيوية لهن خلال فترة الحمل، حيث تم وصف نوع من البنسلين إلى ثلثي الأمهات، بينما تم وصف مضادات حيوية من نوع "ماكرولايد" لنسبة 7%. وتابع الباحثون الأطفال مستخدمين سجلات الأطباء لاكتشاف ما إذا كان هؤلاء الأطفال الذين أصيبوا بالشلل الدماغي أو الصرع كانوا أكثر احتمالاً أن يكونوا ولدوا لأمهات وصف الأطباء لهن أنواعاً معينة من المضادات الحيوية.
وبالرغم من أنه وُجد أن أغلب المضادات الحيوية الموصى باستخدامها لم تسبب أذى للأجنة، فقد وجد الباحثون ارتفاعاً في عدد الأطفال الذين أصيبوا بالشلل الدماغي أو الصرع عندما وصف الأطباء مضادات حيوية من نوع "ماكرولايد" بدلاً من المضادات الحيوية البنسلين، حيث يعتبر هذان المضادان آمنين أثناء الحمل. وما زال هذا الخطر المتزايد صغيراً نسبياً، فمع علاج كل 153 امرأة بمضادات "ماكرولايد" بدلاً من البنسلين، سيكون هنالك حالة إصابة واحدة بالشلل الدماغي والصرع أو أحدهما.
وبهذا السياق، قالت روث جيلبرت، أستاذ علم الأوبئة الإكلينيكي في معهد صحة الطفل والمستشار الفخري لمستشفى "جريت أورموند ستريت": "تتمثل الرسالة التي ينبغي إيصالها للنساء الحوامل في أنه لا ينبغي عليهن التوقف عن تناول المضادات الحيوية عندما يصفها الأطباء لهن للوقاية من العدوى. ولا تشكل أغلبية المضادات الحيوية أثناء الحمل ضرراً لطفلهن، بل إنها يمكن أن تكون فعالة جداً في الحد من ضرر خطير للجنين بسبب العدوى".
وأضافت: "تعزز دراستنا دلائل ومؤشرات دراسات عديدة على مدار الأعوام العشرة الماضية (يرجى الاطلاع على الجدول أدناه) والتي سجلت آثاراً نادرة لكنها مضرة، مرتبطة بتناول مضادات ’ماكرولايد‘. لذا، فإننا نوصي بأنه ينبغي مراجعة استخدام المضادات الحيوية من نوع ’ماكرولايد‘، مثل ’إيريثرومايسين‘، أثناء الحمل من قبل جهات الرقابة على الأدوية وإعادة دراسة الإرشادات والتعليمات الوطنية".