على الرغم من أهميتها الاستثنائية في الحياة العملية واليومية، يتسائل الكثير من الاقتصاديين عما إذا كانت التكنولوجيا تلعب دوراً في التأثير على مقاييس الاقتصاد التقليدي كالناتج المحلي الإجمالي، الإنتاجية، وأرباح الشركات. في هذا الاطار اثبتت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب ومن خلال نشرها لمقالين الأول بعنوان " لماذا تعتبر التكنولوجيا مهمة" (تم نشره أوائل شهر أكتوبر) اما الثاني فكان تحت عنوان " لماذا تعتبر التكنولوجيا الاقتصادية مهمة" (تم نشره في منتصف شهر أكتوبر)، العكس حيث أكدت من خلال هذين المقالين أن إهمال الاستثمار في مجال التكنولوجيا تتبعه نكسات ذات تأثيرات مخيفة على مقاييس النمو الاقتصادي. ويعتبر هذين المقالين جزء من مجموعة مقالات تحت عنوان" قوة التكنولوجيا الاقتصادية".
يبين المقالين السابقين بأنه وكلما قامت الشركات بتخفيض إنفاقها التكنولوجي بهدف زيادة الأرباح- كما تفعل الكثير من الشركات في القطاعات المختلفة الآن- كلما انخفضت أرباحها، وتهاوى الناتج المحلي الإجمالي بصورة دراماتيكية، إضافة إلى إنخفاض مستوى إنتاجية العمال في كافة المجالات الاقتصادية خلال سنوات قليلة.
في هذا الصدد قال هوارد روبين، كبير الاستشاريين في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب وأهم كتاب هذه المجموعة من المقالات:" إن تخفيض الشركات لإنفاقها في بعض المجالات الاستثمارية الهامة يمكن ان يعطي زخماً قوياً لموجة النمو الاقتصادي القادمة". وأضاف" في معظم الحالات، تؤدي هذه الاستثمارات إلى إيجاد تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد، ومنها تخفيض الإنفاق في قطاعات أخرى بوتيرة أسرع من وتيرة إرتفاع الإنفاق على التكنولوجيا. وبرأيه فإن ذلك يحصل فقط إذا كانت الشركات قادرة على إدارة إنفاقها التكنولوجي بشكل جيد".
تحويل ما هو غير مرئي إلى مرئي.
تسلط مجموعة المقالات هذه، الضوء على التوجه الحديث نحو" كثافة التكنولوجيا" وهو عبارة عن عملية حسابية خاصة تكشف الستار عن التأثير الاقتصادي للشركات العالمية التي تنفق 6 تريليون دولار سنوياً على تكنولوجيا الاتصال. إن عملية حساب كثافة التكنولوجيا تستخدم معادلة خاصة حاصلة على براءة إختراع لتحليل الإنفاق التكنولوجي بالنسبة لعائدات الشركات والقطاعات ولنفقاتها التشغيلية.
يبدو جلياً وفي العديد من القطاعات بأن الشركات ذات الكثافة التكنولوجية المرتفعة تتميز بهوامش إنتاجية مرتفعة ايضاً. وبشكل أدق، يبدو بأن الكثافة التكنولوجية والهوامش الاجمالية مؤشران مرتبطان ببعضهما البعض حيث يرتفعان وينخفضان معاً، لقد بدا هذا التأثير واضحاً قبل وبعد الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة.
في الفترة التي سبقت الركود الاقتصادي العالمي الذي بدأ في العام 2007 عرفت الشركات المستثمرة بشكل كبير في المجال التكنولوجي بالنسبة لعائداتها ونفقتها التشغيلية وهوامشها الإنتاجية نمواً ملحوظاً، وإستمر هذا النمو بالتسارع حتى العام 2009، عندما بدأت الشركات بتخفيض إستثماراتها التكنولوجية بشكل دراماتيكي. أدى ذلك إلى إنخفاض الكثافة التكنولوجية بالتزامن مع إنخفاض الهوامش الإنتاجية، الناتج المحلي الإجمالي والإنتاجية.
في المقال الأخير من مجموعة المقالات المتعلقة بالتكنولوجيا تحت عنوان " كيف يمكن بلوغ حدود التكنولوجيا الإقتصادية" والذي تم نشره في التاسع عشر من شهر أكتوبر 2016، كشف الكاتب النقاب عن الطرق التي يمكن لكبار المسؤولين التنفيذيين من خلالها إكتشاف موقع الشركة في السوق بالنسبة لمنافسيها والتصرف على ضوء هذا الوضع. وبالنظر إلى الظهور المتزايد للمنتجات الأساسية ولنماذج الأعمال وتزايد القوة التحولية للتقنيات الرقمية في يومنا هذا، فإن كبار المسؤولين التنفيذيين بحسب رأي الكاتب سيصبحوا سادة "التكنولوجيا الاقتصادية" على المستوى العالمي، مما سيمكنهم من إكتشاف التأثير الإقتصادي للتبدلات التكنولوجية السريعة والتجاوب معه بشكل أسرع وتعميق خبرتهم في هذا المجال. هذا الأمر سيؤدي إلى تحقيق الإستفادة الأكبر من التكنولوجيا وسيؤدي إلى إيجاد ما تسميه مجموعة بوسطن الإستشارية "ميزة التكنولوجيا".
في هذا الإطار، رأى رالف دريشميير، الرئيس العالمي لأصول ميزة التكنولوجيا في مجموعة بوسطن الاستشارية وأحد المؤلفين المشاركين لمجموعة المقالات هذه: " إن كبار التنفيذيين يحتاجون إلى مقاييس جديدة وإلى طرق حديثة للتفكير بهدف إدارة التكنولوجيا الاقتصادية ومقاربة العديد من القرارات الاستثمارية التي للتكنولوجيا حضور فيها"، وقال:" إن الإدارة الناجحة للتكنولوجيا الاقتصادية تتطلب من التنفيذيين إنشاء، قياس وتعقب المقاييس الاقتصادية الافتراضية بذات الاهتمام والعناية التي يولوها لمقاييس العالم المادي".