حذر الخبراء في العديد من جلسات اليوم الثالث لمؤتمر "كوب 16" الرياض من النتائج الواردة في التقرير الأممي الخاصة بالاستثمار في استصلاح الأراضي، منوهين بأن عدم اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات عاجلة طارئة والتهاون في مواجهتها، تعرض الاقتصاد العالمي لخسائر يبلغ حجمها 23 تريليون دولار حتى العام 2050 بسبب تدهور الأراضي والتصحر والجفاف.
وبرز على أجندة الندوات والجلسات الحوارية في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر الذي تترأسه المملكة في دورته السادسة عشرة موضوع استثمارات القطاع الخاص، في اليوم الثالث الذي حمل عنوان "يوم الأرض"، حيث تتمحور كافة النقاشات والجلسات لبحث كافة الحلول لمكافحة تدهور الأراضي، وكيفية حشد الموارد المالية لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، والتي تواجه تحدياً دولياً في التمويل وفقاً لتقرير اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والذي يكشف أن حصة هذا القطاع من الالتزامات المالية لتعزيز قدرات الأراضي ومكافحة الجفاف تبلغ 6% فقط.
وشهد يوم الأرض إقامة "منتدى القطاع الخاص من أجل الأراضي" والذي شاركت به كوكبة من صناع القرار من قطاع الأعمال والحكومة والمجتمع المدني، لاستكشاف علاقة الترابط القائمة بين عالم الأعمال والتمويل والسياسة، وسبل تعزيز مشاركة القطاع الخاص لإيجاد الحلول لتدهور الأراضي.
وفي انطلاقة المنتدى طالبت جيم هواي نيو، المدير الإداري للمنتدى الاقتصادي العالمي ، بضرورة الاستثمارات في استصلاح الأراضي. وقالت: "إننا بحاجة فعلية إلى مراجعة مختلف الخيارات المتاحة لرأس المال، سواء كان مصدرها من الإسهامات والتبرعات الخيرية والمسؤولية الاجتماعية للشركات وتمويل التنمية والاستثمار المختلط، إلى جانب النظر في الإعانات والأسهم الخاصة والمصادر المالية التقليدية واسعة الانتشار، وكيفية زيادة حجم الفرص الجديدة والاستفادة منها لدعم هذه المساعي".
واستعرض المفاوضون في يوم الأرض التقدم المحرز في بين الاتفاقيات الثلاث ما تعرف ب"ريو تريو" وهي اتفاقية التنوع البيولوجي والتغير المناخي واتفاقية التصحر ، إذ تمت مناقشة القضايا المترابطة التي تزيد من فداحة تدهور الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي وتغير المناخ، وكيفية إيجاد الحلول المشتركة لهذا التحديات مجتمعة.
وقال د. أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة لشؤون البيئة ومستشار رئاسة مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض: "إذا كان المجتمع الدولي يريد تحقيق أهداف استعادة الأراضي على المستوى المطلوب، يتعيّن على القطاع الخاص زيادة حجم استثماراته. وتظهر أهمية ذلك بعد أن كشف أحدث تقرير لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر عن وجود فجوة تبعث على القلق إزاء حجم المبالغ المطلوبة لمكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف".
وأضاف د. فقيها: "لقد استفادت الشركات من الأراضي لعقود من الزمان، وحان الوقت لها لتردّ الجميل، وتقدّم الدعم لجهود إعادة التأهيل والاستثمار في تأمين مستقبل الأسس التي تقوم عليها الشركات والصناعات والاقتصادات بأكملها. إننا في مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض، نعمل على حشد القطاعين العام والخاص، لتحفيز الاستثمار بشكل أكبر، حتى نتمكن في نهاية المطاف من تقديم العون المطلوب لإطلاق العنان لهذا النشاط الاقتصادي المحتمل القائم على إعادة تأهيل الأراضي، والمتوقع أن يناهز حجمه قرابة تريليون دولار".
وفي الوقت نفسه، تناول المشاركون أيضاً عدداً من القضايا المهمة التي تواجه مختلف أنواع الأراضي حول العالم، والحلول المحتملة لوقف تدهورها. وتم التركيز على الغابات والمراعي، باعتبارها الأراضي العشبية الطبيعية التي تعتمد عليها الماشية والحيوانات البرية للرعي والبحث عن مصادر طعامها. وتشمل المراعي أيضاً إقليم السافانا ومساحات الأراضي الشجرية ومناطق الأراضي الرطبة والتندرا والصحارى، وتمثل ما يقرب من 54% من إجمالي الغطاء الأرضي وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وخلال يوم الأرض، تمحور جانب من المناقشات حول "طرق حماية المراعي وسبل استعادة حيويتها"، من أجل حشد الاستثمارات الموجّهة للحفاظ على المراعي العالمية وصونها وإعادة تأهيلها. وقدمت الجلسات للمشاركين رؤى شاملة حول الحلول المدعومة علمياً لمكافحة تدهور الأراضي والجفاف، والدور الحاسم للتمويل في الاقتصاد الدائري.
واختتم د. فقيها حديثه بالقول: "تعتبر المراعي نظاماً بيئياً حيوياً للناس في جميع أنحاء العالم، حيث توفر الغذاء وتدعم حياتهم وسبل عيشهم. ومع ذلك، فإنها تواجه تدهوراً حاداً مع تعرض ما يزيد على 50% من المراعي للدمار الفعلي. ويؤدي هذا الوضع إلى تأثيرات خطيرة، حيث يُعرّض سُدْسَ إمدادات الغذاء للبشرية وثُلثَ مخزون الكربون على كوكب الأرض للخطر. ليس هذا فحسب، بل إن الاستنزاف المستمر لهذه الأراضي الحيوية يؤدي إلى انعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والهجرة القسرية".
تجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الأطراف "كوب 16" الرياض يقوم على سبعة أيام من المحاور الخاصة تستضيفها المنطقتان الخضراء والمنطقة الزرقاء، وهي: يوم الأرض (4 ديسمبر)، ويوم أنظمة الأغذية الزراعية (5 ديسمبر)، ويوم الحوكمة (6 ديسمبر)، ويوم الشعوب (7 ديسمبر)، ويوم العلوم والتكنولوجيا والابتكار (9 ديسمبر)، ويوم المرونة (10 ديسمبر)، ويوم المالية (11 ديسمبر).