تتميز العلا بجمالها الطبيعي و تاريخها العريق، وهي موطن لمجموعة واسعة من النباتات والحيوانات والمجتمعات البشرية لألاف السنين. وقد امتدت جغرافية العلا حول واحتها الشهيرة المحاطة بجبال من الحجر الرملي، بالإضافة لمناخها المعتدل والذي مكن المجتمعات البشرية من الإزدهار فيها على مر العصور.
تعد العلا مكانًا طبيعيًا جيولوجياً فريدًا بسبب تعاقب ثلاثة عصور جيولوجية على نفس المنطقة. تُعَد أول وأقدم العصور الجيولوجية التي شكلت صخور العلا هي صخور الدرع العربي قبل الكامبري (وهي أقدم فترة زمنية في التاريخ).
تحتوي هذه الطبقات الصخرية، المتكونة منذ ملايين السنين، على سجل دائم لماضي الأرض، بما في ذلك البقايا المتحجرة للنباتات و الحيوانات المدفونة.
ثاني هذه العصور شهد تكون الحجر الرملي الأساسي للمنطقة، وذلك خلال العصر الكامبري أي منذ أكثر من 485 مليون سنة، وقد ساعد النشاط التكتوني (وهي الحركات الكبرى لغلاف الأرض الصخري) في تشكيل جيولوجية المنطقة الدراماتيكية، وخلق مناظر طبيعية بركانية، وهضاب بازلتية (أرض ذات منشأ بركاني)، وكتل الحجر الرملي.
أتاحت هذه الميزات الجيولوجية للمنطقة تكوين ما يشبه حوض لتجميع المياه تحت الأرض في مساحة تقارب 700 كيلومتر مربع، مما سمح للوادي بالتوجه جنوبًا نحو مناطق العلا الأهلة بالسكان.
ومن خلال مشروعات التنقيب والجيولوجيا، تم الكشف عن حفريات أثرية ثلاثية الفصوص مكتشفة في الحجر الرملي في العلا تعود إلى ما لا يقل عن 252 مليون سنة مضت وتقدم دليلاً على بعضٍ من أقدم أشكال الحياة في المنطقة، تعمل الصخور الناعمة المثالية للنحت أيضا كخزان جوفي يمكنه تخزين موارد المياه العذبة الحيوية اللازمة للحفاظ على الحياة في البيئة القاحلة.
المرحلة الثالثة شهدت تشكيل طبقة البازلت السوداء من الإنفجارات البركانية، مما أدى إلى إنشاء هضاب حَرّة رهاط (وهي أكبر حقل خامد للحمم البركانية في المملكة).
وتشتهر صحراء العلا بالعديد من التكوينات الصخرية الجيولوجية التي تشكلت على مدى ملايين السنين على يد أفضل النحاتين، وهما الرياح والمياه، بالإضافة للعوامل الطبيعية الاخرى، لتشكل أشكالاً طبيعية لم تصنعها أيدي الإنسان.
فيما يلي أهم تسعة تكوينات صخرية طبيعية في العلا:
1.جبل الفيل
صخرة الفيل أو جبل الفيل هي واحدة من أكثر الصخور شهرةً في العالم و أهم ما يميز منطقة العلا. فعند النظر إليها من بعيد، تبدو هذه الصخرة و كأنها جسد فيل بخرطوم أنفي يمتد إلى الأرض. تقف الصخراء العملاقة على إرتفاع 52 مترا. ويبرز هذا الماموث والذي نحتته قوى الطبيعة ليصبح معلماً للعلا من ضمن المعالم الأخرى المنحوتة والمزخرفة يدوياً لمقابر الحِجر النبطية البعيدة بحوالي 30 كيلومتراً.
تم تشكيل جذع و جسم هذا الشكل الحيواني من الحجر الرملي الأحمر من خلال تأكل المياه و الرياح الذي حدث على مدى ملايين السنين.
يقف الفيل الضخم وسط منظر طبيعي مهيب من الرمال الذهبية، وتحيط به تشكيلات صخرية أخرى ذات أحجام مثيرة للإعجاب. لا تزال صخرة الفيل تلقي بظلالها على كل ما يقع في بصرها وتعمل بمثابة تذكير بقوى الطبيعة التي شكلتها على مر السنين. يزداد جمال هذا الفيل العظيم عند حلول الظلام، فيصبح أكثر واقعية مع الأضواء التي تم تركيبها في الموقع.
2- صخرة الفطر
يمكنك العثور على العديد من الصخور على شكل فطر في صحارى العلا، ويقع أشهرها في محمية شرعان الطبيعية.
صخور الفطر ظاهرة طبيعية رائعة تتكون عادة نتيجة تآكل الطبقات الرسوبية على مدى ملايين السنين. يتعرض الجزء المتبقي من هذه الطبقات مرة أخرى للرياح، مما يؤدي إلى إنهيار الأجزاء السفلية من الطبقة بسرعة أكبر.
أما عن محمية شرعان الطبيعية نفسها فتتكون من 1500 كيلومتر مربع (579 ميلا مربعا) من الأخاديد الصخرية الشاهقة والصحراء المترامية الأطراف والوديان المغطاة بأزهار برية حساسة توفر كنزًا دفينًا من العجائب الطبيعية.
تتمثل مهمة محمية شرعان الطبيعية في إستعادة وحماية وحفظ النظام البيئي الأصلي في العلا.
3- صخرة سمكة الصحراء
إنتشرت صورة لصخرة سمكة الصحراء مؤخرًا على وسائل التواصل الإجتماعي من خلال صورة إلتقطها المصور السعودي خالد العنزي، حيث رصد صخرةً على شكل سمكة وكأنها تسبح في بحر من رمال صحراء العلا. تكون هذا الشكل المذهل عبر ملايين السنين ليصبح واحداً من أهم المعالم الطبيعية الخلابة.
4- صخرة الوجه
من بين المقابر الأثرية العديدة في الحِجر، وبجوار جبل الأحمر المُهيب، ستلاحظ تشكيلاً يشبه صورة رأس إنسان يحدق في المناظر الطبيعية الصحراوية، وقد أُطلق عليه اسم "صخرة الوجه"، وكما هو الحال مع جميع التكوينات الصخرية في العلا، فإن شروق الشمس وغروبها هما أوقات الذروة للزيارة، عندما تنعكس أشعة الشمس على الحجر الرملي، وتبدو وكأنها تضيء الصخور من الداخل، وهو مشهد ساحر للمراقبين والمصورين على حدٍ سواء.
5- صخرة القوس
تعد صخرة القوس إحدى أكثر التكوينات الصخرية شهرة في العلا، وبالفعل تستحق تحمّل عناء السفر لمدة 90 دقيقة بالسيارة من وسط المدينة. وتشبه الصخرة في هيئتها الجسر، أو كأنها قوس قزح يحيط به غيمتان في مشهد غاية في الندرة. وفي غمرة انشغالك في تأمّل المناظر الساحرة للتكوينات الصخرية في هذه البقعة من الصحراء، لا تفوّت فرصة استكشاف الكوارتز الصحراوي شبه الثمين في الموقع. حيث يمكنك رؤية هذه القطع متعددة الألوان من الكوارتز في الصخور نفسها أو يمكن أن تجدها متناثرة على الأرض المحيطة بها.
احتضنت صخرة القوس عرض "سيمفونية تحت النجوم" خلال شهر مارس الماضي، فتحوّلت معه إلى مسرح طبيعي خلق تواصلاً تلقائياً بين التراث العريق والنجوم المتلألئة والإضاءة المذهلة.
أطلق "داردَست" العازف الإيطالي الشهير في هذا العرض معزوفته الجديدة التي لحّنها خصيصاً للاحتفال بسماء العلا الساحرة. وصُمم موقع الحفل ليبدو كامتداد طبيعي من صخرة القوس نحو السماء المزيّنة بالنجوم، وأبدع العازفون بتقديم حوار موسيقي جميل بين الطبيعة الخلاّبة والنجوم المبهرة. التقت الموسيقى الكلاسيكية والالكترونية مع المؤثرات البصرية المتطورة، لتكون النتيجة عرضاً فنياً ساحراً جمع بتناغم تام بين الطبيعة والتكنولوجيا، وعاش معه الحضور متعة مشاهدة النجوم التي أبهرت البشر منذ الأزل.
6- الصخور الراقصة
الصخور الراقصة، أو الرقّاصات؛ هكذا تسمى هذه التشكيلات الصخرية التي نحتتها الطبيعة لتظهر كما لو أنها تتمايل في انسجام فريد في قلب الوادي، وتبدو هذه الصخور وكأنها ترقص معًا على خلفيّة التكوينات الصخرية المحيطة بها. سيستمتع الزوار بهذا المشهد المهيب للصخور الراقصة والتشكيلات الصّخرية الأخرى الممتدة على مدّ البصر، ولتجربة قيادة دراجات الدفع الرباعي الصحراوية فوق الكثبان الرملية في الموقع.
يمكنك الوصول إلى الصخور الراقصة في خلال 45 دقيقة من وسط المدينة.
7- صحراء الغراميل
على بعد ساعة تقريبًا خارج المدينة، اتجه إلى موقع صحراء الغراميل المليء بأعمدة الحجر الرقيقة والمظلمة الممتدة إلى السماء. ستحتاج إلى السير على الطرق الوعرة للوصول إلى الموقع، لذلك نوصي بالإستعانة بسائق متمرس بسيارة رباعية الدفع. وستكون مكافأتك هي إكتشاف منظر لا مثيل له. تزداد روعة المكان في الليل عندما تشهد سماء العلا المظلمة عرضًا رائعًا للنجوم فوق الصخور. صحراء الغراميل هي المكان المثالي لتأمل النجوم وأنت محاط بالتكوينات الصخرية الغامضة والمميزة لمنطقة الغراميل.
8- البراكين
مغامرة مشوقة تبدأ بالقيادة على الطرق الصحراوية الوعرة باتجاه أحد البراكين الخامدة في العلا، وتنتهي بالمشي لمدة قصيرة على مسار مرتفع لاستكشاف فوهة البركان (بصحبة مرشد). تُكوِنْ البراكين مناظر طبيعية مدهشة في منطقة منعزلة تناسب عشّاق الطبيعة والمغامرة. تشتهر منطقة خيبر المجاورة في جنوب العلا ببركانيها الشهيرين، البركان الأبيض والبركان الأسود.
9- قباب وتدفق الحمم البركانية
يتجلى أقدم نشاط بشري في العلا في حَرّة عويرض وأماكن أخرى في شمال غرب المملكة العربية السعودية مثل حَرّة خيبر. تشكل هذه المناطق البركانية الهامة إثنين من أكبر التشكيلات البركانية في المملكة العربية السعودية. تشتمل حَرّة خيبر على نظام تنفيس مذهل بطول 100 كيلومتر يحتوي على قباب من الحمم البركانية وأقماع طوف وأقماع بازلتية، بالإضافة لبركان جبل القدر. يمكن رؤية تدفقات الحمم البركانية عبر المنطقة.
يوجد في حَرّة خيبر ما لا يقل عن سبعة تدفقات من الحمم البركانية خرجت من باطن الأرض ما بعد العصر الحجري الحديث (أقل من 4500 عام) وثمانية تدفقات حمم تاريخية (أقل من 1500 عام). يُعتقد أن الثوران الأخير في حَرّة عويرض قد حدث حوالي عام 640 م. وبحسب الأساطير البدوية، فإن الإنفجار أدى إلى إندلاع حريق و تجمع الحجارة، مما أسفر عن مقتل الرعاة وماشيتهم.
أفضل طريقة لمشاهدة هذه التشكيلات هي القيام بجولة طائرة الهليكوبتر لمشاهدة تشكيلات مذهلة من منظر بانورامي للسماء.