أوضح الأستاذ الدكتور أبو أوس إبراهيم الشّمسان أن اللّغة العربيّة لم تَعُد للعرب فقط، بل هي لغة المسلمين في كل أنحاء العالم، مشددًا على ضرورة الحفاظ عليها، ومشيدًا بدور الكتاتيب والمساجد في حفظها لنا، وذكر عددًا من سمات اللغة المعاصرة والأخطاء الأسلوبيّة في استعمالها.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها في مجلس حمد الجاسر بعنوان "أنماط من استعمالات اللغة المعاصرة" وأدارها: د. عبدالله العريني، وذكر أبو أوس أن معظم اللغات تمر بأطوار فيمحو كل طور ما قبله، فيعسر على أهلها أن يفهموا ما كُتب في تلك الأطوار إلا أن تُعاد كتابته لهم مرةً أخرى، أما نحن فنقرأ القرآن الكريم والحديث النبوي فنفهم كثيرًا مما فيهما، وقد نجد عسرًا في بعض اللغات المعجمية لتغير البيئات، وأضاف: "لعلي لا أكون مغاليا إن قلت: إننا لا نجد لغة كاللغة العربية، يفهم مستعملوها كثيرًا من نصوصها التي مر عليها 14 قرنًا".
وأشار إلى أنّ هذه اللغة رُزقت بأمرين: الأول: ارتباطها بالقرآن والرسالة، وهذا جعلها تستمر في الحياة استمرار الرسالة، والأمر الثاني: هو حرص علماء العربيّة وما اتّخذوه من معياريّة حافظت على استعمال اللغة إلى حدِّ ما، ففي عصر من العصور كانت المناطق التي نعيش فيها تعيش في جهالة وسادت العاميّة ولولا المساجد والكتاتيب لفقدنا العربيّة الفصيحة، لكنّها كانت حيّة في كلّ القرى بسبب تعليم القرآن وتعليم العلوم الدينيّة وهذا ما جعل العربية تحافظ على شكلها.
وأكد أنّ العربية لم تعد لغة العرب فقط؛ بل هي لغة المسلمين في كلّ أنحاء العالم، وكثيرون يتقنون العربيّة، ففي نيجيريا - على سبيل المثال -ما زالت العربية باقية وحية عندهم، وقد كُتبت مؤخرًا رسالة علمية عن الأدب العربي عندهم، فهذه الّلغة عالميّة ومهمة وقواعدها التي انتُزعت من نصوصها الأولى مهمة لنا.
واستغرب من دعاة حركة التصحيح؛ حيث ظهر من علماء اللغة العربية من يدعون إلى نسيان علم النحو ووصف جديد للغة العربية الحاضرة بكل ما فيها حيث تُقبل كل التجاوزات والأخطاء، وأكدّ على ضرورة بقاء اللغة متصلة؛ فالقضية ليست بالسّهولة حتى يطلب البعض وصفًا جديدًا للغة العربيّة.
ثم وقف على بعض المظاهر التي تغيرت فيها لغة الناس اليوم والأخطاء التي يقع فيها مستعملو اللغة حتى من معلميها ومنها الأخطاء الأسلوبية، مثل استعمال حروف المعاني، مؤكدًا أن العربية من سماتها الإيجاز، وضرب عددًا من الأمثلة في الأخطاء الشائعة، وصوّبها.
كما حذّر من الأخطاء في استعمال الأدوات وقال: إن من سمات اللغة المعاصرة أنها تتجنب بناء الفعل للمفعول وهذا ما نسمعه من بعض الأساتذة كقولهم "تم افتتاح المصنع" بدلاً من قولهم "افتُتح المصنع" وقال إنهم تأثروا بالإنجليزية خوفًا من المبني للمجهول.
وذكر أيضًا من سمات اللغة المعاصرة أنها تغفل عن شرطٍ من شروط العربية وهو المطابقة بين النعت والمنعوت، وقد يغفلون عن المطابقة تعريفًا وتنكيرًا وهي من الأخطاء الخفيّة، وغياب بعض الأبنية الصرفية؛ إذ يحولون الأفعال من يُفْعِل إلى يَفْعِل، ومن الأخطاء الصرفية الخلط بين الفعل الذي ينتهي بالألف والذي ينتهي بالياء أو الواو، وفك الإدغام، وإهدار ظاهرة البدل، وترك الفعل المبيّن للنّوع.
وفي ختام المحاضرة قال الدكتور الشمسان: إن التطوّر المعجمي أمر جبري وتُقبل الكلمات الجديدة ودعا إلى أن تفصّح وتُدخل في المعجم، وأنه ليس ضد وصف اللغة العربية الآخرة؛ ولكن ليس لإقرار الأخطاء؛ بل لإصلاح الأخطاء، والنحو القديم ليس كله صواب، ولكن هذا لا يعني أن نأتي بجديد بحجّة أنّ اللغة بحاجة للتطوير.