أصدرت الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالتعاون مع دار أسولين للنشر مجلد فاخر للصور والرسومات التوضيحية تحت عنوان "العلا" خلال شهر سبتمبر الجاري. ومن خلال الصور الفوتوغرافية المبهرة التي قام بالتقاطها المصور العالمي روبرت بوليدوري، واللوحات الفنية التوضيحية من الفنان الشامل إيغناسي مونريال، سيتمكن المتصفح من الانتقال ذهنياً إلى العلا فينغمس في ثقافتها المحلية الفريدة ويتعرف على حضاراتها العريقة.
ويتوفر المجلد بحجمين وهما الحجم الكبير حيث يأتي باللونين الأسود والأزرق، أما الحجم الأصغر فيأتي باللون الأزرق و البيج، ويحتفل هذا الإصدار الضخم بعمق التجربة الحضارية التي خاضها البشر وعجائب الطبيعة و المعالم البشرية المذهلة التي تمثل مكانة العلا.
وتعد العلا الواقعة في شمال غرب الجزيرة العربية واحةً ثقافية ومتحفاً مفتوحاً تجتمع فيه حضارات الشعوب المختلفة التي زارتها خلال مئتي ألف عام. فقد استقر في هذه المنطقة الأنباط والدادانيون والرومان، وعبرها الحجاج المسلمون للوصول إلى المدينة المنورة و مكة المكرمة، كما مر بها التجار في طريق تجارة البخور، واليوم يلتقي بها المجتمع المحلي مع المسافرين من جميع أنحاء العالم لمشاركة الأفكار والثقافات.
وتحتضن العلا رموزاً معمارية قديمة وجديدة، فمن أقدمها الحِجر التي استوطنها الأنباط وهي من مواقع التراث العالمي لليونسكو في المملكة، وأما أحدث الرموز المعمارية فهي قاعة مرايا المتعددة الأغراض، والحاصلة على عدة جوائز عالمية والتي نالت لقب أكبر قاعة مغطاة بالمرايا في العالم من موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
وبما يخص هذا الإصدار المحدود، فإن كل صفحة من صفحات المجلد تأخذ متصفحها إلى سحر العلا العريقة، وتعرفه على الأعمال الفنية والمبتكرة التي ساهمت في صنعها مختلف الحضارات عبر آلاف السنين، والذين عاشوا لمدة طويلة في تضاريس العلا و طبيعتها الاستثنائية و جبالها الفريدة، تاركين فيها آثاراً من لغاتهم وثقافاتهم وأسلوب حياتهم. ويتضمن المجلد صوراً ورسومات لمقابر ضخمة في منطقة الحِجر، وصور لأحجار هائلة الحجم نحتتها عوامل التعرية مثل صخرة جبل الفيل، وصور و رسومات لفنون صخرية تظهر البيئة الحيوانية للمنطقة خلال آلاف الأعوام.
بدأ المصور روبرت بوليدوري مسيرته في منتصف الثمانينيات، حين قام بتصوير إعادة بناء قصر فرساي، ثم استمر منذ ذلك الحين بتوثيق المواقع التاريخية حول العالم، و يعتقد بوليدوري أن الجدران و الغرف هي أوعية لحفظ الذاكرة، فهو يفضل العمل بكاميرا كبيرة الحجم وثابتة مع استخدام تحركات بطيئة في أسلوب تصويره، والذي يناسب تصوير المواقع و المعالم الثابتة. وقد فاز بوليدوري مرتين بجائزة ألفريد آيزنشتات للتصوير الفوتوغرافي للمجلات، ونشر العديد من مجلدات الصور، كما أقام معارض فردية كبرى في صالات عرض مهمة، وتتواجد أعماله في العديد من المتاحف البارزة حول العالم.
وعن تجربته في العلا يقول بوليدوري: "البيئة الطبيعية في العلا رائعة ولم أرى مثلها قط، ولقد فوجئت بذلك كثيراً. منهجي يعتمد التقاط صور رمزية تظهر جمال المظهر الكلي، عبر التركيز على التفاصيل الصغيرة، مما يساهم في صناعة صورة يستمر سحرها للأبد."
كما قام بوليدوري بمشاركة فيديو لتجربته في العلا يظهر فيها بعض من محتوى الكتاب وبعض الصور التي التقطها.
أما صاحب رسومات المجلد إغناسي مونريال فهو فنان متعدد التخصصات ولد في برشلونة ويقطن الآن في روما. ويعمل مونريال في عدة فنون منها الرسم والتصميم والتوجيه الإبداعي والأفلام. و قد أنشأ حملة غوتشي لربيع وصيف 2018، وهي الأولى من نوعها التي يتم رسمها رقميًا بالكامل، و تم ترشيحها للفوز بجائزة بيزلي للتصميمات لنفس العام. ومنذ ذلك الحين، عمل مع علامات تجارية مثل بولجاري وفور سيزونز وإير بي إن بي وغيرها. و شارك مونريال فيديو لرسوم متحركة حيث يقوم ببث الحياة في الرسومات التوضيحية للعلا.
ويعد المجلد بالحجم الأصغر بمثابة جزء من تشكيلة أسولين التي يحيي صناعة الكتب الفارهة، حيث يتم تجليد الكتب يدويًا باستخدام التقنيات التقليدية باستخدام لوحات ملونة ملصقة يدويًا على ورق عالي الجودة، وتحمل كل صفحة من هذه السلسلة المحدودة الإصدار التوقيع الخاص بالحرفي. وهذه المجلدات موضوعة في علب عرض من الكتان الصدفي وتجذب هواة جمع الكتب ومحبي الصفحات المطبوعة والمهتمين بثقافة العصر الحديث. هذه الكتب الفريدة هي أعمال فنية في حد ذاتها وتعكس مستوى عالي من الحرفية.