جمعت هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" عبر ندوة افتراضية تحت عنوان: "الباب والريشة" عدداً من الفنانين المبدعين الذين شاركوا في معرض الأبواب القديمة الذي أقامته في نسختها الأولى من "ليالي حتا الثقافية"، وذلك بهدف الاحتفاء بتجربة الفنانين المذكورين وإنجازاتهم، وتعريف الجمهور إلى قصص إبداعاتهم وإتاحة الفرصة أمامهم للتفاعل وتبادل المعارف، فضلاً عن إغناء معارف الجمهور حول الأبواب القديمة وما تمثله من هوية وتاريخ وجمال، تغوص في عمق المكان وأصالة التراث الإماراتي. واستهدفت الندوة جميع المهتمين بالفن التشكيلي من هواة ومحترفين، والمصورين وأفراد المجتمع من مقيمين وزوار.
وشارك في الندوة التي أقيمت يوم أمس عبر برنامج زوم مجموعة من المهتمين بالفن التشكيلي من داخل "دبي للثقافة" وخارجها، إلى جانب مجموعة من فناني مبادرة الرسم على الأبواب تضم أمالياء حجي سالمين، حسن زين الدين، راشد الملا، منى الخاجة، مرهف أبو غدة، ضياء علام، عزة القبيسي، د. كريمة الشوملي. وفضلاً عن إلقاء الضوء على المبادرة المذكورة، تناولت محاور الندوة التعريف بمشروع ترميم الأبواب التراثية القديمة، وأتاحت منبراً للفنانين للحوار وتبادل التجارب والخبرات، وفي الوقت نفسه، وفرت فرصة ثمينة أمام الجمهور، وخاصة المبدعين، للتفاعل معهم والاستفادة من تجاربهم.
وأكد خليل عبد الواحد، مدير إدارة الفنون التشكيلية في "دبي للثقافة" أن إقامة معرض الأبواب القديمة جاء لرسم لوحات فنية على أبواب تم صناعتها لتجسد الأبواب القديمة وذلك ضمن فعاليات "ليالي حتا الثقافية" التي أطلقتها الهيئة أواخر العام المنصرم جاء انطلاقاً من إيمان الهيئة بأهمية إحياء التراث الأصيل وتسليط الضوء عليه، مبرزةً من خلاله الوجه الثقافي والحضاري والتراثي القديم لمنطقة حتا وجماليات الهوية المعمارية للأبنية التراثية فيها.
وأضاف عبد الواحد: "تولي دبي ودولة الإمارت العربية المتحدة منذ تأسيسها اهتماماً خاصاً بالفنون، وتوفر بيئة حاضنة للفن والفنانين. ومواكبةً مع هذا الاهتمام، تلتزم "دبي للثقافة بدعم الفنانين والمواهب وتوفير منصة لإبراز مواهبهم وتنميتها والانطلاق بها نحو آفاق مستقبلية واعدة. وقد قدم معرض الأبواب القديمة 5 أبواب صممت لتحاكي الأبواب التقليدية فرصة للفنانين التشكيليين المخضرمين والشباب لتزيينها بإبداعاتهم الفنية. واجتذبت الفكرة 10 فنانين تشكيليين، من ضمنهم 8 إماراتيين، ليرسموا عليها لوحات مميزة امتزج فيها الماضي بألوانهم المعاصرة التي أضفت رونقاً خاصاً على الوجهين الأمامي والخلفي لكل باب من الأبواب الخمسة، مترجمين اعتزازهم بالتراث الإماراتي".
وتأتي الندوة في إطار حرص "دبي للثقافة" بوصفها قيّمةً على الثقافة والفنون والتراث في إمارة دبي، على نشر الوعي بأهمية التراث المحلي المادي وغير المادي واستدامته ونقله إلى الأجيال الجديدة عبر تنظيم الفعاليات والندوات التخصصية وتوفير المنصات التي تلقي الضوء على الموروث الاجتماعي الإماراتي وتسهم في تعزيز الهوية الوطنية، ومدّ جسور التعارف بين مختلف الثقافات. كما تتناغم أيضاً مع إيمانها الراسخ بأهمية اللقاء لفتح حوارات وخلق فرص واعدة، والتزامها بدعم الفن التشكيلي وتفعيله في المجتمع الإماراتي، واحتضان المواهب المبدعة وتوثيق منجزات الفنانين وتوفير منصات للتعريف بهم والاحتفاء بتجاربهم وترويجها.
من جهته، أوضح ناصر جمعه بن سليمان، مدير حي الفهيدي التاريخي، خلال الندوة أن معرض الأبواب التاريخية التي تم تنفيذها في "ليالي حتا الثقافية" شكلت مبادرة ريادية، حيث كانت الفعالية الأولى التي تعرض فيها أبواب تقليدية في إمارة دبي ومدينة حتا. وأتاحت الفكرة للفنانين مساحة لإبراز إبداعاتهم الفنية التي جسدت مختلف الأذواق والمدارس الفنية، والتي نالت إعجاب زوار ليالي حتا الثقافية.
وألقى بن سليمان الضوء على الأبواب التقليدية وتاريخ تطورها، موضحاً أن الباب اتُخذ في البداية ليكون ساتراً لأمن البيوت وخصوصيتها، ومع تطور الحياة الاجتماعية أخذ النجارون يبدعون في هذه الأبواب، سواء في أحجامها أو أشكالها، وتفننوا بزخرفتها، وهو ما يبدو واضحاً في الأبواب التقليدية في دبي.
أنواع الأبواب
واستعرضت الندوة أشكال وأحجام الأبواب التقليدية التي تنوعت تبعاً للناحية الوظيفية للباب ونوع المبنى الذي كان فيه؛ فتميّزت أبواب الحصون والقلاع بكبر حجمها وسماكتها لتعبر عن الحماية والدفاع، وكانت تصنع من خشب الساج (التيك) كما في حصن الفهيدي، وقد تغرز فيها قطع حديدية مدببة الرؤوس لأغراض الحماية، إضافة إلى الزخارف التي تزيد من القيمة الجمالية للباب كما في باب حصن حتا .
أبواب المباني السكنية
أما أبواب المباني السكنية فقد كانت أصغر حجماً، وتميز بعضها بوجود الباب الصغير (الفرخة) الذي يعزز خصوصية أهل البيت، والمزلاج الخشبي الذي يغلق الباب بإحكام مما يوفر الحماية لقاطنيه. في حين كانت الأبواب الداخلية شبيهة بالأبواب الخارجية إلا إنها تصغرها في الحجم، وتميزت بعض الأبواب الداخلية بالزخارف التي غلب عليها طابع الزخارف الهندسية أو النباتية.
أبواب الأبراج والمربعات الدفاعية
وعرّفت الندوة المشاركين أيضاً على أبواب الأبراج والمربعات الدفاعية التي تميزت بصغر حجمها وارتفاعها عن سطح الأرض في أغلب الأحيان لكي يصعب على العدو دخول البرج أو المربعة، وكانت تغلق بإحكام من الداخل، ويتم الصعود إلى الأعلى بواسطة حبل متدل من الباب. كما تطرقت إلى بوابات الأسواق القديمة التي يبلغ عددها اثنتي عشرة بوابة في السوق الكبير في بردبي، وكانت هذه البوابات تفتح صباحاً وتغلق مع غروب الشمس.
أجزاء الباب وزخارفه
وأطلعت الندوة جمهور الحضور على أجزاء الأبواب القديمة وزخارفها، حيث كانت معظم الأبواب في البيت التقليدي مكونة من مصراعين (درفتين)، وغالباً ما احتوى مصراع الباب وإطاره وأنفه على زخارف هندسية ونباتية وفي أحيان نادرة حيوانية، كما ظهرت المسامير المعدنية التي كان لها دوراً وظيفياً وجمالياً، إضافة الى المزلاج والحلقة والمدق.