انطلاقاً من التزامها بتعزيز الوعي في أوساط الأجيال الحالية حول التراث الإماراتي الأصيل وتعريف الجمهور بما يضمه من مفردات ذات خصوصية، أقامت هيئة الثقافة والفنون في دبي "دبي للثقافة" ندوة عن بُعد تحت عنوان: "الخنير الإماراتي بين الماضي والحاضر" قدمها الباحث الإماراتي عبدالله ثاني راشد المطروشي المتخصص في دراسة تاريخ "الخناجر والسيوف الإماراتية"، وذلك لإتاحة الفرصة أمام أفراد المجتمع للتعرف إلى جماليات حرفة صناعة الخناجر الإماراتية القديمة وميزاتها، وتعزيز القيم الجميلة المرتبطة بهذا الموروث.
وناقشت الندوة التي عُقدت عبر برنامج "زوم" في 1 يوليو الجاري ثلاثة محاور سلطت الضوء على "الخنير" (الخنجر) الإماراتي كسلاح يحتاج إلى مهارات خاصة، وحرفة تقليدية عريقة تعكس خصوصية الثقافة الإماراتية والذوق الجمالي للحرفيين المحليين، نظراً لما تحمله من براعة وإبداع في التصميم حوّلته إلى تحفة مميزة متناقلة بين الأجيال، فضلاً عن كونه قطعة فنية ميّزت الزي الإماراتي التقليدي وهويته الوطنية، وذلك سعياً إلى تعزيز ثقافة المواطنين والمقيمين حول التراث الإماراتي العريق.
وأشار المطروشي في الندوة إلى أن الخنير شاع استخدامه قديماً في الكثير من البلدان العربية غير الإمارات العربية العربية المتحدة، حيث اختلفت تسمياته من بلد إلى آخر؛ ففي فلسطين كان يُسمى "الشبرية" وفي السعودية "الجنبية"، و"الخنجر" في عمان، و"الخنير" في الإمارات، حيث كان رفيق كل إماراتي بغرض الحماية والزينة والقنص، منوهاً إلى أن الخنير الإماراتي يتميز بتصميم فريد ونقوش تختلف عن الخناجر الأخرى في شبه الجزيرة العربية.
وشرح الباحث الإماراتي أن "الخنير" هو رمز للتراث الوطني، وكان جزءاً من الزي الإماراتي في الأعياد والمناسبات، وإذ لم يختلف شكله من مناسبة إلى أخرى، بل اختلفت فقط النقوش التي تزينه، وغلب عليه الجلد وخوص الفضة، فقد كان عدد الخناجر التي يملكها الشخص يدل على المستوى المعيشي له. مشيراً إلى أن من آخر الشيوخ الذين لبسوا الخنير كان الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن حميد النعيمي رحمهما الله.
وعن فنيات وجماليات صناعة الخنير الإماراتي، ذكر المطروشي بعض أمهر صناع الخناجر الإماراتيين القدامى، ومنهم راشد بن محمد دلموك الفلاسي، وجاسم بن كلبان ومحمد السويدي، والشيخ طحنون بن صقر آل نهيان الذي كان يصنع خشب الخناجر، والشاعر محمد بن سوقات الذي اختص في صناعة المقابض (القطايع)، وأحمد بوزنجال. وشرح عن أجزاء الخنير الخمسة: القرن الذي يسمى "الزراف" ويصنع من قرن وحيد القرن، النصلة وتصنع من الرقة، والخشاب (داخل الخنير أو القطاعة)، القبع لحماية الخنير من الكسر، الطمس (الحزام). وأكد المطروشي على ضرورة دعم حرفة صناعة الخناجر للحفاظ على التراث الإماراتي الذي يُعتبر الخنير تحفة فنية لا تنفصل عنه.
يُذكر أن عبد الله ثاني المطروشي هو مؤسس "بيت الخنير" في حي الفهيدي بدبي التابع لهيئة الثقافة والفنون في دبي، وهو متحف يضم مقتنيات قديمة ونماذج لخناجر مختلفة أقدمها خنجر يعود إلى 80 سنة مضت، ويهدف إلى تثقيف الجمهور المحلي والزائرين من مختلف الجنسيات بالخنير الإماراتي ومواصفاته.
وتتناغم هذه المبادرة مع رسالة "دبي للثقافة" بوصفها قيّمة على الفنون والثقافة والتراث في إمارة دبي، وتهدف إلى توصيل المعارف إلى الجمهور، وإبراز الثقافة الإماراتية الأصيلة وصون تراث الدولة العريق والتعريف به من خلال توفير منصات تفاعلية تلهم شركائها من المختصين وتشركهم في حراكها الثقافي.