ناقش مجلس مسك الذي نظمه مركز المبادرات في مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز "مسك الخيرية"، أمس الثلاثاء 25 يونيو 2019م، قيم التسامح الإسلامية، حيث استضاف المجلس فضيلة الشيخ صالح المغامسي إمام وخطيب جامع قباء بالمدينة المنورة، الذي تحدث أمام جمع من الشباب والشابات، مؤكداً أن التسامح ليس قضية رقة قلب، بل قضية وفرة عقل، معتبراً في ذات الوقت أن التسامح ثقافة تُبنى من خلال الفرد والمجتمع والقنوات الإعلامية في الناس.
وخلال مجلس مسك الذي شهد مداخلات من الشباب والشابات، اعتبر المغامسي أن عصر قيادة المجتمعات بنظام القطيع ولى إلا غير رجعة، وأن الثقافات باتت أحد القضايا الهامة التي يُعتبر الناس فيها محوراً أساسياً، فإن امتنعوا عن أمرٍ ما لن يستطيع أحد إجبارهم عليه، وإن قبلوه فلن يستطيع أحد منعهم عنه.
وذكر المغامسي أن عظمى الدول من حيث القوة العسكرية والبشرية، تتصارع من الناحية الثقافية لا بالعسكر، مؤكداً في الوقت ذاته أن التسامح أحد أبرز الصور الثقافية التي أخرجتها الثقافات الإنسانية على مر العصور.
وشدد إمام وخطيب جامع قباء بالمدينة المنورة على أن الجميع مؤتمن على دينه، ووطنه، وأخلاقه، ومن منطلق هذه الأمانة لابد من الانفتاح على الآخر حتى يفتح الآخر أبوابه، مؤكداً بأن الإسلام كان منذ الأزل منفتحاً على الديانات والثقافات الأخرى.
واستشهد المغامسي بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب كما تعرف تسميتها الأخرى، واقتراح وهو الأسلوب الحربي والحيلة الدفاعية التي تم اقتراحها على الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو ما قبله عليه صلى الله عليه وسلم بالرغم من أنه أسلوب حربي وحيلة دفاعية استجلبها أحد الصحابة من بلاد فارس.
واعتبر إمام وخطيب جامع قباء بالمدينة المنورة، أن الدولة ستكون منفتحة على الآخر للاستفادة من الحضارات الأخرى، وهو الأمر الذي لم يعارضه الدين الإسلامي.
وحذر المغامسي في الوقت نفسه من ثقافة الموت التي اقتنع بها البعض وبدأ يروج لها، واعتبرها من أسوأ الثقافات، بمقابل نشوء ثقافة أخرى ترتكز على الحياة المطمئنة التي إن وجدت يكون صاحبها متسامحاً ومقبولاً من قبل الجميع، وأسف في هذا الصدد الشيخ المغامسي من برامج تلفزيونية، تتخذ من أسماء تقترن بالموت عنواناً لها، وقال عنه أنه غير مقبول أن يسير في هذا النهج وتحت هذه التسمية.
ومضى المغامسي في حديثه عن التسامح وقبول الآخر ويقول: "قد يعمد البعض على اعتماد التسامح منهجاً له، وذلك لتمرير أشياء من شأنها هدم المجتمع، وهذا ما يجب الحذر منه، وفي المقابل لا بد من نبذ العرقية والطائفية والمناطقية والقبلية وذلك لقطع الطريق على كل متربص".
وشكى فضيلة الشيخ صالح المغامسي ممن سماهم "المؤثرون"، إن لم يملكوا روح التسامح سيكون ذلك عائقاً لانتشار روح التسامح وتناميها بين الناس، وحذر من أصحاب الصوت المنبري، في حال دخلهم الحسد وبالتالي سيكون ذلك عاملاً مساعداً لغياب روح التسامح في أوساط المجتمع، فهذا سيشتت المجتمع على حد وصفه.
وقال الشيخ المغامسي "التسامح لا يعني التنازل عن الحقوق، مضيفاً: "ثمة أشياء التنازل عنها فضيلة. التسامح والتعايش أمران مرتبطان ببعضهما البعض، وأي نفس عدوانية لا يمكن أن يتعايش معها أحد، وأهم صور التسامح هو التسامح مع النفس. فالتسامح ثقافة تُبنى من خلال الفرد والمجتمع والقنوات الإعلامية في الناس. وهي ثقافة حياة مطمئنة يكون صاحبها شخصاً متسامحاً إذا عرف طبيعة خلقة الناس واختلافهم، فالتسامح بنهاية الأمر ليس ضعفاً أو انكساراً، والتسامح ليس قضية رقة قلب، بل قضية وفرة عقل".