تعمل جميع الحكومات على تعزيز وتطوير قطاع التعليم لإيمانها الراسخ بضرورة بناء اقتصاد قائم على المعرفة ، ويبدأ ذلك من تسليط الضوء على المدارس وتوفير البيئة المناسبة للطلبة ، والتي من شأنها تقديم تجربة جديدة تغير من شكل التعليم والتعلم بهدف مواكبة التحديات المستقبلية ، ولقد أدت الثورة الصناعية الرابعة إلى دمج العالمين المادي والرقمي ، حيث أصبحت تقنيات مثل إنترنت الأشياء ، والذكاء الاصطناعي ، والواقع المختلط والحوسبة السحابية أكثر شيوعًا من أي وقت مضى ، وهذا واضح بشكل خاص في منطقة الخليج العربي ، وذلك من خلال مواصلة الحكومات المضي قدماً نحو برامج النمو الاقتصادي.
تساهم مايكروسوفت بجهد في تمكين خطط الحكومات حول توجهاتها التعليمية ، حيث تقوم مايكروسوفت برسم خارطة الطريق مع الحكومات من خلال توفير المنصات التعليمية العالمية التي من شأنها اعداد جيل يواكب المستقبل الرقمي ، وسوف تناقش مايكروسوفت هذا الموضوع عبر استضافة معرض "بت الشرق الأوسط وأفريقيا" في المنطقة للسنة الثالثة على التوالي ، وتكمن الفكرة وراء "بت" في توجيه مناقشات مهمة بين صناع السياسات وقادة المدارس والمعلمين حول أساليب التعليم التي تتمحور حول الطالب ، ووضع الأساس لتحقيق النمو الاقتصادي والتوظيف الأفضل في المستقبل.
وسيركز معرض بت الشرق الأوسط وأفريقيا لهذا العام من خلال منصته على مواصلة استقطاب أفضل التقنيات إلى الفصل الدراسي ، بالاضافة إلى استخدام التطبيقات والأدوات لتطوير المهارات السلوكية مثل حل المشكلات والتعاون والقيادة ومهارات التفكير.
أصبحت الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر الماضي أول دولة في العالم تُعيّن أول وزير للإشراف على الذكاء الاصطناعي ، وهذا مؤشر قوي على مدى جدية دولة الإمارات العربية المتحدة تجاه تقنية الذكاء الاصطناعي وكذلك جميع التقنيات الأخرى القادرة على تحويل حياتنا وتطوير مجتمعاتنا ، كما أنه مؤشر على تغير شكل التوجهات السوقية.
وفقاً لأحدث الأبحاث التي أجرتها مايكروسوفت فإن اثنين من كل ثلاثة شركات في منطقة الخليج بنسبة (68٪) ستستثمر 5٪ أو أكثر من عائداتها في مجال التحول الرقمي لهذا العام ، بينما أظهرت ذات الدراسة أيضاً أن 51 ٪ من الشركات في صدد الانتقال إلى السحابة الذكية ، وستعمل 29٪ من الشركات على ادراج خطة لكيفية دمج تقنية الذكاء الاصطناعي داخل منظماتهم ، في حين أن أهداف التبني الأخرى تتمثل في تقنيات ذكاء الأعمال بنسبة 41٪ ، وإنترنت الأشياء بنسبة 37٪ ، والعمل الآلي بنسبة 25٪ ، والتحليلات التنبؤية بنسبة 21٪ والروبوتات وأتمتة الآلات 14٪.
واذا تطرقنا بعيدا عن منطقة الخليج فإن العالم العربي يوجد فيه ما يقارب 4.5 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس ، أما في أفريقيا هناك 17 مليون طفل لم تتح لهم أي فرصة للإلتحاق بالمدرسة ، بالاضافة إلى وجود 37 مليون طفل لم يحصل على تعليم كافي في المدارس ليكونوا على استعداد لمواجهة حياتهم المهنية والمستقبلية ، كما أن هناك دراسة تشير بأن أكثر من 28٪ من سكان الشرق الأوسط الذين يتراوح أعمارهم بين 15 و 29 سنة ، أي مايعادل أكثر من 108 مليون شاب بحاجة فعلية إلى تعلم مهارات التفكير والإبداع والتواصل كعناصر أساسية في ظل المضي قدما نحو العصر الرقمى.
تتطلع مجتمعاتنا إلى شريحة الطلاب الحالية للقيام بالأدوار التي تتماشى مع هذه التقنيات ، بالإضافة إلى سد فجوة المهارات المتزايدة في مجال الأمن السيبراني ، ولهذا السبب ألزمت مايكروسوفت نفسها بمساعدة كل طالب ومعلم على تحقيق المزيد ، كما تؤمن مايكروسوفت بضرورة تجهيز كل فصل وتمكينه على تقديم أساليب جديدة في التعلم ، وكذلك توفير تجارب قيمة للطلاب تولد طاقاتهم الإبداعية.
ولكن ما زال أمامنا عمل يجب القيام به لإعداد جيل قادر على مواجهة التحديات المقبلة ، أظهرت دراسة عالمية أجرتها مؤسسة ماكينزي أن 42٪ فقط من أصحاب العمل يعتقدون أن الخريجين الجدد مستعدون بشكل كاف لمكان العمل الحديث.
وأظهرت الدراسة أيضًا أن الطلاب الذين يتلقون تدريبات خاصة يحققون أداءً أفضل أكثر من 98٪ من الطلاب الذين يتم تدريسهم بطريقة تقليدية ، كما كشفت الدراسة أن أكثر من نصف المعلمين بنسبة 51٪ يؤمنون أنهم يمتلكون علاقات قوية مع طلابهم ، ولكن جاءت تصريحات الطلبة عكس ذلك حيث أكد 34٪ فقط من الطلاب على صحة هذه المعلومة ، علماً أن المشكلة تكمن فعلياً في ضمان حصول المدرسين على الوقت الكافي للمشاركة بفعالية مع الطلاب ، حيث أكد المعلمون الذين تم استطلاع آرائهم حول استخدام التكنولوجيا أنهم استطاعوا من خلالها توفير 30٪ من وقتهم واتاحة الفرصة للتركيز على تقديم تجارب شخصية مع الطلاب.
أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي في يناير من هذا العام في مؤتمره السنوي بسويسرا تقرير حول "الوظائف المستقبلية"، تنبأ فيه بأن أقل من ثلثي الأطفال الذين بدؤوا دراستهم حالياً في جميع أنحاء العالم سوف يعملون في مهن غير موجودة بعد ، لذا من المرجح أن تكون الثورة الصناعية الرابعة شبيهة لأسلافها في خلق فرص جديدة كلياً لم تكن متاحة في السابق ، ولكن يجب على شركات التكنولوجيا والتربويين العمل معاً لضمان تمرير هذه الحقبة بسلاسة ، وضمان استعداد هؤلاء الأطفال بأن يصبحوا مستقبلنا الواعد والقادر على سد الفجوات القادمة.