بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السمنة يدعو الاختصاصيون الآباء إلى تحفيز أطفالهم على ممارسة التمارين الرياضية وتناول الأكل الصحي يوميًا للتقليل من انتشار وباء السمنة في المنطقة، والمساعدة على الوقاية من الآثار النفسية للبدانة.
وبرزت البدانة في مرحلة الطفولة كأحد التحديات الصحية العالمية الكبرى فهي تؤثر سلبيًا على أكثر من 41 مليون طفل يعيشون اليوم في شتى بقاع العالم، ويتوقع أن يصل هذا عددهم إلى 70 مليون طفل بحلول العام 2025، إن استمرت الاتجاهات الحالية دون تغيير[1]. وصنفت منظمة الصحة العالمية أكثر من17 % من الأطفال في الإمارات في فئة من يعاني من السمنة المفرطة، وهذه النسبة كبيرة جدًا تبلغ ضعف المعدل العالمي[2]. وتمتد آثار البدانة إلى المجتمع واقتصاد الدولة وتكلف حاليًا 6 مليارات دولار سنويًا.
وتبدو الآثار النفسية للبدانة واضحة جدًا وفقًا للسيدة باهي فان دي بور، اختصاصية تغذية الأطفال في مستشفى جريت أورموند ستريت، وقالت: «على الأرجح سيستمر الأطفال المصابون بزيادة الوزن والسمنة في المعاناة من السمنة المفرطة في مرحلة البلوغ فيواجهون مشكلات مزعجة مثل الاكتئاب والمضايقات والتهكم، ما يؤدي إلى تقليل ثقتهم بأنفسهم وصحتهم العقلية.» وأضافت أنه لتجنب استمرار المشكلات النفسية حتى سن الرشد، لا بد من معالجة البدانة في مرحلة الطفولة المبكرة.
وأكد الدكتور لي هدسون، استشاري طبيب الأطفال العام في مستشفى جريت أورموند ستريت للأطفال في لندن، خطورة المشكلة فأشار إلى أنه وباء متفشٍ في المنطقة وقال إن «مشكلة زيادة الوزن تتراكم مع مرور الزمن، وأنها تبقى دون أن تلاحظها العائلة إلى أن تبدأ المشكلات في الظهور.»
للبدانة تأثيرات سلبية على صحة الطفل خلال حياته الراهنة وحتى في المستقبل، وهي سبب رئيس للوفاة في العالم. والأطفال البدناء معرضون لأخطار أكبر تماثل نسب الخطر على البالغين في الإصابة بالجلطات الدماغية وأمراض الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم والسكري ما يؤدي إلى تراجع نوعية حيواتهم وقصر أعمارهم.
وقال الدكتور هدسون في سياق حثه الأسر في الشرق الأوسط على اتخاذ إجراءات ضد البدانة في مرحلة الطفولة «يتطلب فقدان الوزن ممارسات صعبة، وعلاج زيادة الوزن يماثل عادة طريقة الوقاية منه.»
ويتفق الدكتور هدسون والسيدة فان دي بور على أن المجتمع الداعم المحيط بالطفل ذو دور رئيس في الوقاية من السمنة أو علاجها. وقالت السيدة فان دي بور «لا بد أن تشجع الأسرة تبني صورة إيجابية عن الجسم منذ سن مبكرة، وعليها تعليم أطفالها أساليب التغذية الصحية وفهم أسباب زيادة الوزن.»
وتجدر الإشارة أن من يمارسون التمارين بانتظام ينخفض لديهم خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني بنسبة 50%، وخطر الوفاة المبكرة والخرف والاكتئاب بنسبة 30%. وبالإضافة إلى الفوائد الصحية التي سيجنيها الأطفال المصابين بزيادة الوزن والسمنة من ممارسة الرياضة، تشير السيدة فان دي بور إلى أن من يمارسون بانتظام سيلاحظون تحسنًا في تحصيلهم الدراسي لأنهم سيصبحون قادرين على التركيز بصورة بشكل أفضل.
يحتاج الأطفال نحو 60 دقيقة من التمارين الرياضية يوميًا، ويمكن تقسيمها بين الرياضة في المدرسة والأنشطة اللاصفية. وينبغي ألا يشعر الطفل أن ممارسة النشاطات الرياضية وتناول الطعام الصحي نوع من الأعباء والواجبات التي يجب أن يؤديها، بل ينبغي أن تمارس بطريقة ممتعة بسيطة كاللعب.
ولا ريب أن معالجة المشكلة معًا كأسرة يمثل خطوة مهمة نحو أسلوب الحياة الصحي، وتوصي السيدة فان دي بور أن يشارك الآباء في النشاطات الرياضية مع أطفالهم ويعدون وجبة خفيفة مغذية لهم لتناول الطعام مباشرة بعد التمرين. وقالت «يقلل هذا من إغراء تناول وجبات خفيفة عالية السكر/الدهون في وقت لاحق من اليوم. قدم لهم دائمًا الدعم والتفهم واحرص على توفير الفواكه الطازجة والخضروات والوجبات الخفيفة الصحية بين أيدي الأطفال في المنزل ليناولوا الطعام منها في المنزل عندما يعضهم الجوع.»
نصائح للآباء والأمهات
أهم النصائح من لي هدسون، استشاري طبيب الأطفال العام، ونيف لاندري، اختصاصية تغذية الأطفال في مستشفى جريت أورموند ستريت للأطفال، لمساعدة الأسر وأطفالها على التمتع بحياة صحية ونشطة.
مارس الرياضة! التمارين الرياضية مهمة في منع مشكلات زيادة الوزن.
يحتاج الأطفال نحو 60 دقيقة يوميًا من التمارين الرياضية وعليك مساعدتهم في تحقيق ذلك في المدرسة أو المنزل. شجعهم على الانضمام إلى فريق رياضي في المدرسة أو المشاركة في الأنشطة المدرسية الرياضية. بعد المدرسة ابحث عن النوادي الرياضية المحلية أو الفرق الرياضية واجعلهم يلتحقون بها. ولا تنس أن بإمكانك تشجيع أطفالك على ممارسة الرياضية بالعديد من الأساليب الممتعة للأطفال خلال 60 دقيقة دون أن تجعل ذلك عبء مفروض. ومن تلك الأنشطة ركوب الدراجات والمشي ولعب الغميضة والقفز على الحبل والسباحة والرقص وغيرها.
ممارسة الرياضة كأسرة واحدة
التمرين معًا كعائلة أكثر متعة! ينبغي تشجيع ممارسة التمارين ودمجها في الحياة الأسرية اليومية. ابدأ بتغييرات صغيرة أو تدريجية (مثل اتخاذ قرار بالسير إلى المدرسة بدلًا من ركوب السيارة)، وصولًا إلى تغييرات أكبر (مثل الرحلات العائلية إلى مدن الألعاب المائية أو ركوب دراجة عائلية.)
قلل من وقت جلوس الأطفال أمام الشاشات
الحد من الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام شاشة، مثل الحاسوب أو التلفاز أو لعبة الفيديو، خطوة مفيدة أيضًا.
كن قدوة حسنة
يجب أن يتفق جميع أفراد العائلة على المحافظة على لياقتهم البدنية، وتبني أسلوب حياة صحي كي لا يشعر الطفل أنه يمارس أشياء غريبة أو خاصة به، ما يجعل الممارسات الصحية جزءًا للحياة اليومية من الحياة الأسرية.
اهتم بغذائك جيدًا
يجب تغذية الجسم بصورة صحيحة لتظهر مزايا ممارسة التمارين الرياضية. احرص على أن تتناول الأسرة وجبات منتظمة وصحية كل يوم. احذر من الوجبات الخفيفة المشبعة بالكربوهيدرات أو الدهون ومن المشروبات السكرية والأكل بين الوجبات، اعتمد في وجبات العائلة الخفيفة بدلًا من ذلك على الفواكه أو المكسرات وشرب كمية كافية من الماء.