نظرًا للنمو المتزايد الذي تشهده الحلول التقنية المتطورة، والتي ساهمت في زيادة الاعتماد بشكل ملحوظ على التواصل الافتراضي، بات العمل عن بُعد باستخدام تطبيقات الواقع الافتراضي أمرًا شائعًا في العديد من المؤسسات حول العالم. وينعكس ذلك أيضا في الاستخدام المتزايد لتقنيات التعلُم الافتراضية التي تساعد الشركات في ادخار تكاليف السفر والإقامة للموظفين المتدربين، كما أنه يقلل من عدد الأيام التي يحتاج الموظفون لقضائها خارج المكتب. وفي هذا الإطار قامت كلية "آشريدج" للتعليم التنفيذي، الرائدة في مجال تدريب قادة الأعمال في الشرق الأوسط منذ أكثر من 20 عامًا، بإجراء بحث يدرس فعالية التعلُّم الافتراضي في العالم الرقمي الذي نعيشه حاليًا، وما إذا كان بمقدور قادة الأعمال تطوير كفاءاتهم ومرونتهم وقدرتهم على مواجهة التحديات من خلال التعلم الإلكتروني.
وقام بإجراء البحث ثلاثة من أعضاء الهيئة التدريسية في كلية "آشريدج" للتعليم التنفيذي، وشارك فيه 37 قائدًا تنفيذياً من المشاركين في برنامج "القيادة في أوقات الأزمات". وقام الباحثون بإجراء دراستهم في ثلاث بيئات تعلُّم مختلفة وهي بيئة التعلُّم المباشر (وجهًا لوجه في قاعة التدريب)، والتعلُّم المختلط (الذي يجمع ما بين التعلُّم المباشر والإلكتروني)، والتعلم الافتراضي عبر تطبيقات محاكاة الواقع. وامتد برنامج التعلُّم المباشر على مدى يومين واعتمد على أسلوب التواجد داخل قاعة التدريب، أما برنامج التعلُّم المختلط، فتم تقديمه بطريقتين: إلكترونيًا على مدى يوم واحد، وبشكل مباشر وجهًا لوجه داخل قاعة التدريب على مدار اليوم الثاني. أما برنامج التعلُّم الافتراضي، فقد تم تقديمه بشكل إلكتروني بالكامل على مدى يومين حيث تواجد المتدربون إما بالمنزل أو المكتب، وليس في قاعة التدريب.
وشكلت المحاكاة السلوكية أساس البرامج الثلاثة، وتشتمل هذه الأداة البحثية على ممارسة محاكاة، حيث قام المشاركون بتشغيل شركة من شركات المستقبل، وكان عليهم خلال هذه التجربة التعامل مع عددمن التحديات القيادية النموذجية، بما في ذلك التعامل مع المحادثات الصعبة، والتعامل مع وسائل الإعلام، والعروض التقديمية لمجلس الإدارة. وقام جميع المشاركين بارتداء جهاز لرصد معدل ضربات القلب (HRV) حتى يتمكن أعضاء الهيئة التدريسية من متابعة ردود أفعالهم عندمواجهة المواقف العصيبة. وعادة ما يستخدم جهاز رصد ضربات القلب هذا في تحسين التجربة التعليمية.
وقامت سونا شيرات، عضو هيئة التدريس الأول بكلية "آشريدج" للتعليم التنفيذي، وإحدى أعضاء هيئة التدريس الذين قاموا بإجراء البحث، بالكشف عن نتائج البحث خلال ندوة عقدتها كلية "هالت" الدولية لإدارة الأعمال في دبي، وحضرها عدد من قادة الأعمال في مجموعة من المؤسسات الرائدة بالمنطقة. وتأتي هذه الندوة ضمن إطار سلسلة من الفعاليات التي تنظمها كلية "آشريدج" للكشف عن نتائج الدراسة في لندن وعدد من المدن الأوروبية.
وأظهرت نتائج البحث أن التعلم الافتراضي يوازي في تأثيره وفعاليته، في تنمية الكفاءات، التعلُّم المباشر الذي يكون داخل قاعات التدريب، لا سيما إذا كان مصممًا بشكل جيد تتم من خلاله مراعاة احتياجات المؤسسة والمتطلباتها. فعلى سبيل المثال، أظهرت نتائج البحث أن 85% من الذين شاركوا في الدراسة في بيئة التعلم المباشر، أظهروا ثقة تامة في التجاوب للظروف الغامضة التي قد تواجه القيادة، بينما أظهر 100% من المشاركين في التعلُّم المختلط ثقة في التعامل مع الظروف الغامضة، في الوقت الذي أظهر به 85% من المشاركين في تجربة التعلم الافتراضي ثقة في التعامل مع الظروف الغامضة. أما في مجال التعامل مع المحادات الصعبة، فكانت نسبة الثقة 85% للمشاركين في تجربة التعلُّم المباشر، و80% للمشاركين في تجربة التعلُّم المختلط، و100% للمشاركين في تجربة التعلُّم الافتراضي.
وسجّل جهاز مراقبة ضربات القلب زيادة في عدد الضربات للمشاركين في البحث من خلال البيئات الثلاث عند مواجهتهم للحالات الصعبة. إلا أن فرص التجارب والتفاعل والحصول على ردود الأفعال كان لها تأثيرها في المنهجيات المستخدمة للتعُّلم.
وبهذه المناسبة، قالت سونا شيرات: "تشهد الأوساط الأكاديمية والتدريبية اقبالًا متزايدًا على استخدام التقنيات الافتراضية في توفير التعلم عن بعد، والتعلم الإلكتروني، والتعلم الافتراضي. وتتيح منهجيات توفير التعلم في بيئات مختلفة، إمكانية توفير فرص وتجارب تفاعلية للمتدربين. واستنتجنا من خلال هذا البحث أن التعلُّم الافتراضي التجريبي يحمل بين طياته فرصًا هائلة للتطوير في المؤسسات، وتقديم حلول عملية لتطوير القادة في ظل البيئة الرقمية التي نعيشها حاليًا".