قال الفرنسيون كلمتهم وصوتوا بـ "لا" للشعبوية وبـ "نعم" لأوروبا الموحّدة بعد أن ظهرت توجّهات مشابهة في النمسا وهولندا خلال الأشهر الستّة الماضية. وجاء النصر الحاسم لماكرون يوم الأحد بمثابة علامة واضحة على تراجع في المد الشعبوي بعد انتخاب ترامب والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست). فقد وصل اليورو إلى أعلى مستوى له في سبعة أشهر ليتداول فوق 1.10 مقابل الدولار الأميركي كرد فعل أولي، لكنه تراجع وفقاً للقاعدة الكلاسيكية "الشراء عند الإشاعة والبيع عند حصول الخبر" بما أن المتداولين كانوا قد تمركزوا أساساً على قاعدة فوز ماكرون. فقد ارتفع اليورو 2.5% منذ الجولة الأولى للتصويت، مما يشير إلى أنّ الأخبار السارّة كانت محتسبة أساساً، وبات اليورو يحتاج الآن إلى محفّز جديد ليقرّر حركته التالية.
وسيتمثّل التحدّي التالي بالنسبة لماكرون في الانتخابات البرلمانية في يونيو/ حزيران، وبما أنّ هناك غياباً للدعم الكبير، فإنّ هناك غموضاً كبيراً فيما يتعلّق بقدرة الرئيس على تكوين أغلبية برلمانية. ولكن لا أعتقد أنّ ذلك سيكون بمثابة هم كبير لليورو.
أمّا أقرب حدث سياسي قد يشكّل خطراً على اليورو فهو الانتخابات الإيطالية التي ستُقام في مارس/ آذار 2018. وبما أنّ هناك ما لا يقل عن عشرة أشهر متبقية قبل حصول هذا الحدث، فإن المستثمرين والمتداولين يجب أن يحوّلوا انتباههم من السياسة إلى المحفّزات الاقتصادية الأساسية الكلية.
وعلى الأغلب أن تقود المؤشرات الاقتصادية الكلية القوية في منطقة اليورو إلى جانب تراجع المخاوف السياسية إلى تدفق رؤوس الأموال نحو الأسواق الأوروبية، ولاسيما أنّ التقويمات تبدو أكثر جاذبية في أوروبا مقارنة مع أميركا. لكن حركة اتجاه اليورو سوف تتأثّر بشكل أكبر بإجراءات البنك المركزي الأوروبي. فإذا كان البنك يفكّر بالبدء بعملية التقليص، فإن الاجتماع التالي يوم 8 يونيو/ حزيران سيكون هو الموعد المناسب للإعلان عن البدء بالتخارج من هذه السياسة. وبالتالي، أعتقد أن احتمال ارتفاع زوج اليورو/ دولار أميركي أكبر من احتمال تراجعه.
وبالانتقال إلى الولايات المتّحدة الأميركية، فإنّ الاقتصاد أضاف 211 ألف وظيفة في أبريل/ نيسان في حين تراجعت البطالة إلى 4.4%. وتأتي هذه الأرقام الأفضل من المتوقع لتثبت صحّة ما ورد في بيان الاحتياطي الفدرالي الذي أشار إلى أنّ الضعف الحاصل مؤخراً في بعض البيانات الاقتصادية هو مجرّد أمر عابر. ولكن لم تكن جميع المعطيات الوارد في تقرير سوق العمل قوية بما يكفي. فقد تراجعت نسبة مشاركة القوى العاملة إلى 62.9% من 63%، بينما تراجعت الأجور السنوية بمقدار 0.2% إلى 2.5%. ورغم أنّ ذلك لن يمنع الفدرالي من رفع معدّلات الفائدة في يونيو/ حزيران إلى أنّ أرقام مبيعات التجزئة وأرقام التضخّم التي ستصدر في أميركا يوم الجمعة سوف تعطي مؤشراً أوضح على ما إذا كان رفع الفائدة أمراً محسوماً أم لا.
وقد ارتفعت أسعار النفط 1% صباح الاثنين بعد تراجع حاد الأسبوع الماضي الأمر الذي دفع كلاً من برنت والخام الأميركي إلى أدنى المستويات منذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ويتساءل العديد من المستثمرين فيما إذا كان هناك احتمال لحصول المزيد من التراجع مستقبلاً. ولم تكن العوامل التي تحرّك النفط قد تغيّرت كثيراً في الآونة الأخيرة؛ لكن الأمر بأكمله متعلق بالمخزونات والنفط الصخري الأميركي في مقابل أوبك. أمّا أقل العوامل سلبية فقد كانت أرقام الواردات الصينية الضعيفة. وفي هذه المرحلة، ليس هناك من خيار أمام أعضاء أوبك سوى التدخل الكلامي لدفع الأسعار إلى الصعود من خلال إرسال إشارات بخصوص تمديد اتفاقية خفض الإنتاج، لكن قدرة النفط الصخري على الاستمرار في الضخ بالأسعار المنخفضة نسبياً سيظل هو التهديد الأكبر. وأنا لازلت أعتقد بأنّ الأسواق ستعود في نهاية المطاف إلى حالة التوازن في مرحلة لاحقة خلال النصف الثاني من العام، وسوف تتعافى الأسعار، لكن التعافي لن يأخذ شكل الخط المستقيم.
للمزيد من المعلومات يرجى زيارة ForexTime