أظهرت نتائج "استطلاع أصداء بيرسون- مارستيلر السنوي التاسع لرأي الشباب العربي" تراجعاً في معدلات التفاؤل بين الشباب العربي في أنحاء كثيرة من المنطقة مع بروز فجوة متنامية بين شباب البلدان الخليجية الغنية ونظرائهم في البلدان الأخرى من حيث نظرتهم للمستقبل. وكشف الاستطلاع عن تنامي التباين في وجهات النظر، وقد تم اختيار عنوان لنتائج هذا العام وهو "منطقة الشرق الأوسط: انقسام وتباين".
وقال أكثر من نصف المشاركين في استطلاع هذا العام (%52) إن بلدانهم تسير في الاتجاه الصحيح، وهو ما يمثل انخفاضاً ملموساً مقارنةً مع العام الماضي عندما أشار نحو ثلثي المشاركين (%64) إلى أن بلدانهم كانت تمضي في الاتجاه الصحيح.
وأكد معظم الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي (%85) بأنهم واثقون من أن بلدانهم كانت تمضي في الاتجاه الصحيح خلال السنوات الخمس الماضية. ولكن ذات النسبة في بلدان شرق المتوسط واليمن، التي تواجه تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية متنامية، قالت العكس تماماً مما يشكل دليلاً على انقسام آراء الشباب العربي.
ولناحية التفاؤل على المدى الطويل، أشار ثلاثة أرباع الشباب الخليجي (%78) إلى أن أيامهم القادمة ستكون أفضل، في حين يعتقد ثلثا الشباب العربي في بلدان شرق المتوسط واليمن (%66) أن أيامهم الماضية كانت أفضل.
ويشعر معظم شباب العالم العربي (%81) بأن حكوماتهم تستطيع بذل مزيد من الجهود لحل مشكلاتهم ومعالجة قضاياهم الأساسية. وأشار 86% من الشباب الخليجي إلى أن حكوماتهم تنتهج سياسات تدعم الشباب، وأيد هذا الرأي ربع الشباب فقط (%24) في بلدان شرق المتوسط واليمن.
وفي إطار تعليقه على الموضوع، قال سونيل جون، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "أصداء بيرسون مارستيلر" "من الواضح أن الانقسام الشاسع بين آراء الشباب العربي في الدول الخليجية وأقرانهم في شرق المتوسط وشمال أفريقيا يرتبط إلى حد كبير بتباين مستوى الوصول إلى الفرص"، وأضاف أن "نتائج استطلاع هذا العام مثيرة للقلق، فعلى مدار السنوات التسع التي أجرينا فيها هذا الاستطلاع – الذي يعد الأكبر من نوعه الذي يستهدف الشريحة السكانية الأهم في المنطقة - ظهرت العديد من التباينات وفقاً للمنطقة الجغرافية لكنها لم تكن بهذا الوضوح مطلقاً. ورغم أن التفاؤل من سمات الشباب، إلا أن الكثيرين منهم في العديد من الدول العربية باتوا يعتقدون أن أيامهم الماضية كانت الأفضل، وينبغي أن يكون ذلك مدعاةً للقلق بالنسبة لصناع القرار في المنطقة".
وأضاف جون: "قد يكون من السهل أن نرجع هذا الانقسام إلى اتساع فجوة الدخل بين الدول النفطية المزدهرة والبلدان الأخرى التي لا تملك مثل هذه الموارد، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، فدول مثل ليبيا والعراق على سبيل المثال غنية بالنفط، ومع ذلك فإن شبابها هم من بين الأكثر قلقاً حيال البطالة، والأقل ثقةً بقدرة حكوماتها على مواجهة هذه المشكلة".
من جانبه، صرح روي حداد، مدير شركة "دبليو بي بي" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يعطي استطلاع رأي الشباب العربي صوتاً لمن لا صوت له، ويتيح لفئة الشباب فرصة ايصال آرائهم وتوجهاتهم لشتى أنحاء العالم. كما يقدم لنا مؤشرات واقعية عن أفكار وتصورات الشباب العربي تجاه الماضي والحاضر والمستقبل. وبناء عليه، يعد الاستطلاع أحد الأدوات المهمة للحكومات والشركات، والمجتمع بشكل عام، اذ يوفر معطيات وبيانات دقيقة تتمحور حول الشريحة المجتمعية الأكبر في العالم العربي وهي فئة الشباب."
ويشير الاستطلاع إلى أن التهديد الذي يشكله تنظيم "داعش" - والذي تم تصنيفه العام الماضي كأبرز العقبات التي تواجه منطقة الشرق الأوسط - أصبح أضعف اليوم ويعتبر إلى جانب البطالة العقبة الأبرز لنحو 35% من شباب المنطقة. ويعتقد معظم الشباب العربي (%61) أن نفوذ "داعش" يتلاشى تدريجياً في المنطقة، ويشير الشباب العربي في المنطقة إلى أن إصلاح نظام التعليم وتوفير فرص العمل المجزية يضاهيان أهمية العمل العسكري في القضاء على التطرف والإرهاب.
ولدى سؤالهم عن مشكلة البطالة تحديداً، أشار واحد من أصل كل اثنين من الشباب العرب إلى أنهم "قلقون جداً" حيال توافر فرص العمل بزيادة 9 نقاط في النسبة المئوية عن العام الماضي. وكان شباب العراق (%69) والجزائر (%64) والبحرين (%60) الأكثر قلقاً إزاء هذه المشكلة.
وكانت مواقف الشباب العربي إزاء فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية سلبيةً إلى حد كبير. وبالرغم من تسلمه مقاليد الحكم قبل فترة وجيزة من إجراء الاستطلاع (من 7 فبراير وحتى 7 مارس 2017)، إلا أن الرئيس ترامب كان برأي الشباب العربي الأقل شعبية بين الرؤساء الأمريكيين في القرن الحادي والعشرين. ومن بين 3,500 شاب وشابة عرب تم استطلاع آرائهم عبر 16 بلداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أعرب 83% منهم عن عدم تفضيلهم للرئيس ترامب مقارنةً مع 77% ممن لا يفضلون الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، و52% ممن لا يفضلون الرئيس السابق باراك أوباما.
علاوةً على ذلك، اعتبرت غالبية كبيرة (%70) من الشباب العربي أن الرئيس دونالد ترامب معادٍ للمسلمين، ورأى نصف الشباب العربي (%49) أن حظر سفر مواطني عدة دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة يخدم مساعي الجماعات الإرهابية في تجنيد الشباب المسلمين ودفعهم إلى التطرف.
ووفق الاستطلاع، نالت مسألة انتخاب ترامب المرتبة الأولى في التطورات التي ستؤثر على مستقبل الشرق الأوسط خلال السنوات الخمس المقبلة متقدمة بذلك على انتعاش أسعار النفط الخام، وخسارة "داعش" لمناطق نفوذه في العراق وسوريا، وقطع السعودية لعلاقاتها الدبلوماسية مع إيران، واستمرار النزاع المسلح في اليمن. وعبّر ثلثا الشباب العربي (%64) من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم أو تخوفهم أو غضبهم حيال تولي ترامب رئاسة الدولة الأقوى في العالم، فيما لم يقل سوى واحد من أصل كل خمسة (19%) شباب عرب أنهم متحمسون أو متفائلون أو يأملون خيراً من الرئيس الجديد.
وأظهر الاستطلاع كذلك تنامي المشاعر المعادية للولايات المتحدة بين الشباب العربي، حيث اعتبرها 49% منهم عدواً لبلدانهم (بالمقارنة مع 32% العام الماضي) مقابل 46% ينظرون إليها كحليف (مقارنةً مع 63% في عام 2016). وفي عام 2017، بات معظم الشباب العربي في 8 بلدان ينظرون إلى الولايات المتحدة كعدو لهم مقارنة بقائمة العام الماضي التي كانت تضم 4 بلدان فقط عام 2016.
ورصد الاستطلاع تنامي دور روسيا على حساب نظيرتها الولايات المتحدة بصفتها الحليف الدولي الأبرز لبلدان المنطقة، ولدى سؤال الشباب العربي عن الحليف الأكبر لبلدانهم، اختار 21% منهم روسيا (مقارنةً مع 9% في عام 2016) بينما أشار 17% منهم إلى الولايات المتحدة (مقارنةً مع 25% العام الماضي).
ومن النتائج الرئيسية الأخرى التي خلص إليها "استطلاع أصداء بيرسون- مارستيلر لرأي الشباب العربي 2017":
غالبية الشباب العربي يعتقدون بأن نظام التعليم الحالي لا يؤهلهم لشغل وظائف المستقبل
تمثل جودة التعليم مصدر قلقٍ كبير للشباب العربي وخصوصاً في الدول غير الخليجية. حيث أبدى نحو نصف الشباب العرب عدم رضاهم عن قدرة نظام التعليم الحالي على إعداد الطلاب لشغل وظائف المستقبل. أما معظم الشباب الذين عبروا عن رضاهم (%51)، فكانوا من دول مجلس التعاون الخليجي وبنسبة 80% فيما يأتي 33% من الشباب الذين قالوا أنهم غير راضون من دول شمال أفريقيا و34% من دول شرق المتوسط.
تواصل ريادة دولة الإمارات عند معظم الشباب العربي كأفضل وجهة للعيش ونموذج عالمي ناجح يتمنون أن تحتذي بلدانهم حذوها
عززت دولة الإمارات العربية المتحدة سمعتها إلى حد كبير كنموذج يطمح معظم الشباب العربي للعيش فيه ونموذج عالمي ناجح يتمنون أن تحتذي بلدانهم حذوها. وأوضح استطلاع هذا العام أن واحداً من أصل كل 3 شباب عرب (%35) يرغب بالعيش في دولة الإمارات – بزيادة كبيرة عن العام الماضي قدرها 13 نقطة في النسبة المئوية. ولدى سؤالهم عن البلد الذي يتمنون لبلدانهم أن تحذو حذوه، جاءت دولة الإمارات مرة أخرى في المرتبة الأولى، حيث أشار أكثر من ثلث الشباب العربي إلى أنها البلد النموذجي بالنسبة لهم مقابل واحد من أصل كل 4 شباب في العام الماضي.
رغم اعتزازهم بلغتهم الأم، إلا أن غالبية الشباب العربي يقولون بأنهم يستخدمون اللغة الإنجليزية أكثر من العربية في حياتهم اليومية
اتفق 80% من الشباب العربي المشاركين في الاستطلاع مع عبارة "اللغة العربية أساسيةٌ لهويتي الوطنية". ومع ذلك، أجمع 60% من الشباب العربي على أن اللغة العربية تفقد قيمتها، ولأول مرة، قال أكثر من نصف الشباب العربي (%54) بأنهم يستخدمون اللغة الإنجليزية أكثر من العربية في حياتهم اليومية (مقارنةً مع 46% في عام 2016).
"فيسبوك" المصدر الأول للأخبار اليومية عند الشباب العربي
قال أكثر من ثلث (%35) شباب العالم العربي أن مصدرهم الرئيسي للأخبار اليومية هو موقع "فيسبوك" في مقابل 31% للمصادر الإلكترونية الأخرى، و30% للقنوات الأخبارية التلفزيونية، و9% فقط للصحف. وقال ثلثا الشباب العربي (%64) أنهم يستخدمون "فيسبوك" لمشاركة المقالات الأخبارية مقارنةً مع 52% في عام 2016 و41% عام 2015.