دعا خبراء في قطاع المصرفية الإسلامية إلى أهمية تعزيز التعاملات المصرفية الإسلامية، ومواكبة الطلب المتنامي على منتجاتها والذي قدّره الخبراء بأن يصل إلى 11 تريليون دولار أمريكياً على مستوى العالم، مؤكدين أهمية إنشاء هيئات شرعية إشرافية للتعاملات المصرفية الإسلامية تحت مظلة البنوك المركزية، ورفع كفاءة وجودة الممارسات المهنية التي تحكم هذا القطاع الواعد لتجاوز التحديات المحيطة به، وتحفيز فرص النمو.
جاء ذلك خلال ندوة توعوية بالمصرفية الإسلامية التي نظّمتها البنوك السعودية ممثلة باللجنة المصرفية الإسلامية وبالتعاون مع لجنة الإعلام والتوعية المصرفية يوم أمس الثلاثاء لممثلي وسائل الصحافة والإعلام وتحت عنوان "المصرفية الإسلامية .. واقع وآفاق"، برعاية معالي الشيخ الدكتور عبدالله المطلق عضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي، وبمشاركة كل من الدكتور سامي السويلم من البنك الإسلامي للتنمية، والمستشار خالد العقيل خبير المصرفية الإسلامية، وياسر المرشدي أمين عام الهيئة الشرعية في مصرف الإنماء، إلى جانب أمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت حافظ.
وسلط الشيخ المطلق خلال الندوة الضوء على أهمية الإعلام الاقتصادي ودوره الفاعل في إبراز المفاهيم الحقيقية للمصرفية الإسلامية، وكحلقة وصل بين أصحاب الاختصاص من العلماء والخبراء وبين الجمهور العام .
وتناول المتحدثون خلال جلسات الندوة سلسلة من المحاور التي تناولت أبعاد المصرفية الإسلامية وأدواتها ومفاهيمها، وآفاق نموها، إلى جانب ما يواجهها اليوم من تحديات والآليات الكفيلة بتجاوزها.
حيث أشار طلعت حافظ إلى الدور المتنامي للتعاملات المصرفية الإسلامية في العالم وحجم الأصول والاستثمارات المتزايدة التي يجري تقديمها من خلال أكثر من ألفي مؤسسة ومنظمة مالية، لافتاً إلى ارتفاع قيمة الصكوك الإسلامية المصدّرة كأدوات دين لنحو 300 مليار دولار أمريكي، فيما تجاوزت قيدة الأصول الاستثمارية التي تديرها الصناديق الاستثمارية الإسلامية في البنوك والمؤسسات المالية العالمية أكثر من 75 مليار دولار، في الوقت الذي حقق فيه قطاع التأمين التعاوني هو الآخر ارتفاعاً محلوظاً ليصل إلى 20 مليار دولار أمريكي.
واعتبر حافظ أن العوامل الداعمة لنمو المصرفية الإسلامية يرجع إلى قدرتها على التعامل مع المخاطر الإسلامية والاستثمارية وفق مبدأ "المشاركة في المخاطر Risk Sharing من خلال صيغتي المشاركة والمضاربة، خلافاً للمفهوم السائد في المصرفية التقليدية والقائم على المخاطر المحسوبة.
واستعرض الدكتور سامي السويلم من البنك الإسلامي للتنمية من ناحيته وضمن ورقة العمل التي قدّمها تحت عنوان "لماذا التمويل الإسلامي"، الفروقات بين التمويل الإسلامي والتمويل التقليدية، والفوائد المتأتية من منتجات التمويل الإسلامي وتفوقها على عوائد والمخاطر المتأتية من التمويل التقليدي، لا سيما في ظل موجات الأزمات التي عانت منها الأسواق المالية المعتمدة على التمويل التقليدي، مرجعاً أسباب ذلك التفوق إلى ارتباط التمويل الإسلامي بشكل رئيس مع النشاط التجاري أو الصناعي في الوقت الذي ينفصل عنه في التمويل التقليدي.
وفي الجلسة الثانية أشار المستشار خالد العقيل في ورقة العمل التي قدّمها تحت عنوان "عرض المنتجات الرئيسة في التمويل والاستثمار" وقدّمها المستشار خالد العقيل، إلى أن السوق السعودية تبرز كواحدة من أكبر الدول نشاطاً في قطاع الخدمات المصرفية الإسلامية، حيث استحوذت في عام 2013 على ما نسبته 18% من إجمالي حجم الأصول المصرفية الإسلامية العالمية، في الوقت الذي يتوقع فيه أن تصل قيمة الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية ضمن القطاع المصرفي السعودي نحو 683 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2019، مع التوقعات بأن يدفع نمو الطلب على المنتجات المصرفية الإسلامية في المملكة بأن تستحوذ المصرفية الإسلامية على ما نسبته 70% من إجمالي القطاع المصرفي السعودي بحلول عام 2019.
وتناول العقيل في ورقته أهم المفاهيم الشرعية التي تقوم عليها الخدمات المصرفية الإسلامية والتي من بينها: المرابحة، الإجارة، المشاركة، الضمان والكفالة، الوكالة بأجر إضافة إلى القرض. في حين تتعدد منتجات التمويل لتشمل: مرابحة البضائع، والأسهم والمعادن، وتمويل المحافظ، والإجارة والبطاقات الائتمانية، عارضاً لبعض الفروقات بين تلك المنتجات.
وفنّد في الجلسة الثالثة والختامية أمين عام الهيئة الشرعية في مصرف الإنماء ياسر المرشدي مجموعة من المفاهيم المغلوطة والشائعة المرتبطة بالمصرفية الإسلامية، مقدماً تحليلاً وشرحاً وافياً حول نماذج من تلك المفاهيم ومصححاً حقيقتها، ومن بينها عدم اقتصار المصرفية الإسلامية على أعمال البنوك التجارية بتوفيق منتجاتها مع أحكام الشريعة الإسلامية، بل وامتداد ذلك ليشمل أعمال شركات الاستثماري والتأمين من خلال ما يُعرف بمفهوم "التأمين التعاوني"، ومن تلك المفاهيم المغلوطة كذلك ظن البعض بأن المصرفية الإسلامية حكراً على المسلمين في حين أن واقع الأمر يؤكد أنها متاحة ومنتجاتها للمسلمين وغيرهم وبما ينسجم مع رسالة الإسلام العالمية العادلة، حيث يتعامل غير المسلمين مع المصرفية الإسلامية على اعتبارها من منتجات المرابحة في حين يزيد المسلمين عن ذلك بسعيهم إلى إحاطة تعاملاتهم المصرفية والمالية بما يتوافق وأحكام الشريعة الإسلامية.
ودار خلال الجلسات حلقات نقاش بين الحضور والمتحدثين، حيث رد المتحدثون على أسئلة الصحفيين والإعلاميين.