٢٥ جمادى الأولى ١٤٤٦هـ - ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٤م
الاشتراك في النشرة البريدية
عين الرياض
المال والأعمال | الاثنين 3 أكتوبر, 2016 10:24 صباحاً |
مشاركة:

مستقبل واعد لشراكة القطاعين العام والخاص في دبي

أعد مجلس دبي الاقتصادي أخيراً ورقة عمل عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ومزاياها الاقتصادية، وأهم الممارسات العالمية، وأهميتها لاقتصاد دبي، وآفاق المستقبل. وأكدت ورقة العمل أن الإمارات تبرز في مقدمة دول المنطقة اهتماماً بموضوع الشراكة، حيث يلاحظ بروز اهتمام واضح في هذا المجال لدى العديد من الجهات الحكومية.

وتشير الورقة إلى أن مستقبل مشاريع الشراكة في دبي واعدة لأسباب عدة، تأتي في مقدمتها وجود رؤية ثاقبة لدى الحكومة على إبرام شراكات حقيقية مع القطاع الخاص، سواء أكان محلياً أم أجنبياً. كما تتمتع الإمارة بوجود بنية تحتية عصرية، إضافة إلى انتشار مؤسسات تمويلية وطنية وأجنبية. كما تحتضن الإمارة مقرات لكبرى الشركات العالمية العاملة في مختلف المجالات، وهذا يعد عاملاً حيوياً نظراً لما تتطلبه مشاريع الشراكة عادة -لا سيما الضخمة وطويلة الأمد- من خبرات عالمية قد لا تتوافر محلياً.

توجه

وأشارت الورقة إلى أن دبي تتبنى توجهاً واضحاً في مجال الشراكة، لا سيما في إطار خطتها الاستراتيجية 2021 وفيض المبادرات التي أطلقتها الحكومة خلال الأعوام القليلة الماضية، مثل «الابتكار»، و«الاقتصاد الإسلامي»، و«المدينة الذكية»، و«الحكومة الذكية»، و«مسرعات دبي للمستقبل» وغيرها، حيث تنطوي كل منها على دور كبير للقطاع الخاص بالمشاركة وتوظيف خبراته وطاقاته وإمكاناته لدعم عملية التنمية. وتعد كل من هيئة الطرق والمواصلات، وبلدية دبي في مقدمة الجهات الحكومية التي تبنت نهج الشراكة وشرعت بتنفيذ العديد من المشاريع الناجحة.

من جانبها، أبوظبي التي شرعت بخصخصة بعض القطاعات والمشاريع التجارية للاستفادة من الزخم والإمكانات المتوافرة لدى القطاع الخاص، وتأسيس الشركة القابضة العامة كخطوة أولى باتجاه تخصيص الصناعات الحكومية وتنويع القاعدة الصناعية، وإنشاء المناطق الاقتصادية المتخصصة، واعتماد استراتيجية لتنمية السياحة. كما امتد الاهتمام بالشراكة ليشمل إمارة الشارقة، ورأس الخيمة.

آفاق المستقبل

وتؤكد الورقة أن مفهوم الشراكة بين القطاعين يعد أساسياً لاستدامة اقتصاد دبي والدولة في إطار خططها الاستراتيجية الطموحة، وفي ظل بيئة اقتصادية عالمية شديدة التغير.

تنويع

ويقوم اقتصاد دبي على أساس التنويع الاقتصادي ولا يعتمد على النفط من خلال تطوير وتنمية العديد من القطاعات، لا سيما الخدمية منها، كالنقل واللوجستية والسياحة والتجارة والمشاريع المالية، والتي تستأثر بمجموعها حوالي 90% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارة. ونظراً لنمو دبي حضرياً وسكانياً، ومع تنامي موقعها كنقطة تقاطع لشبكات الأعمال، فقد أولت الحكومة اهتماماً ملحوظاً في تطوير البنية التحتية بمختلف أصنافها ومجالاتها، كما قامت بتوظيف آخر المبتكرات التقنية والمعلوماتية، فتمثل جانباً مهماً من نهضة دبي في البنية التحتية العصرية التي لا تضاهى، سواء في مجال الطرق والجسور والمترو والأنفاق والأبراج العالية والمرافق العامة وغيرها.

وقد ساهمت المشاريع التي قامت بها العديد من الدوائر المحلية ذات العلاقة في تقديم صورة مشرقة للإمارة كمدينة عصرية واقتصاد مستدام بات نموذجاً للعديد من اقتصاد العالم، مما ساهم ذلك كله في ترسيخ مكانة الإمارة على خريطة العالم.

إطار قانوني

يعد القانون رقم (22) لسنة 2015 بشأن تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في إمارة دبي الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي في أغسطس 2015 الخطوة الأولى السليمة نحو اقتصاد متقدم يقوم على مبدأ الشراكة الحقيقية والفاعلة بين القطاعين، ويهدف القانون إلى تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في المشاريع التنموية، وزيادة الاستثمار في مجالاتها المختلفة بما يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإمارة، وكذلك إلى تمكين الحكومة من تنفيذ مشاريعها الاستراتيجية بكفاءة وفعالية، والاستفادة من الطاقات والخبرات المتوفرة لدى القطاع الخاص، بما يمكّن أفراد المجتمع من الحصول على أفضل الخدمات وبأقل التكاليف. كما يهدف إلى زيادة الإنتاجية، وتحسين جودة الخدمات العامة، ونقل المعرفة والخبرة من القطاع الخاص إلى القطاع العام، وتدريب وتأهيل موظفي الجهات الحكومية على إدارة وتشغيل المشاريع.

كما يؤدي ذلك إلى تخفيف الأعباء التمويلية عن الموازنة العامة للحكومة، والتحول في إدارة بعض مشاريع البنية الأساسية والخدمات العامة من التنفيذ والتشغيل والإدارة المباشرة إلى أشكال أُخرى من الأداء الحكومي ترتبط بإقرار السياسات ومراقبة جودة تقديم الخدمات العامة وفقاً لمتطلبات الحوكمة، ويهدف القانون كذلك إلى توفير قدرة تنافسية أعلى للمشاريع في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، وتعزيز مبادئ الحوكمة. وحدد القانون شروط الشراكة بين القطاعين العام والخاص بموجب عقد الشراكة، كما حدد السلطة المختصة باعتماد المشاريع وهي دائرة المالية في دبي.

اقتراح

واقترحت الورقة أن تصاحب برامج الشراكة المزمع تنفيذها في الإمارات وسائر دول المجلس القيام بحملات توعوية واسعة النطاق وورش عمل تسهم بها كل الفعاليات في المجتمع من وسائل الإعلام وغرف التجارة والمنتديات والجمعيات والمؤسسات الأكاديمية ومراكز التدريب، إضافة الى الشركات الاستثمارية الأجنبية من أجل تأصيل مفهوم الشراكة في صفوف المجتمع وقطاعاته، وإبراز المكاسب التي يمكن أن تتحقق من هذه الشراكة.

ثم تأتي المرحلة الثانية وهي العمل على تقوية الشركات الخاصة، لا سيما الوطنية منها من خلال إرساء تقاليد جديدة في مجتمع الأعمال تقوم على الحوكمة والشفافية والمحاسبية وتكافؤ الفرص من أجل تقوية قدرتها التنافسية وتعزيز ثقة المجتمع بها. كذلك ثمة حاجة لتحويل الشركات العائلية (الكبيرة) إلى شركات مساهمة عامة بما من شأنه توسيع قاعدة الملكية من جهة وتعميق حركة أسواق المال المحلية من جهة أخرى.

قانون

كما تقترح الورقة إعداد مشروع قانون خاص بالشراكة على المستوى الاتحادي أسوة بالكثير من الدول الفيدرالية التي تعد اليوم أسواقاً ناضجة للشراكة، مثل أستراليا وكندا وبريطانيا، إضافة الى الهند والبرازيل. ويوفر مثل هذا القانون إطاراً شاملاً يتضمن أهم المبادئ والمفاهيم، إضافة إلى البنود القانونية والتنظيمية التي ينبغي تضمينها في القوانين المحلية المنظمة للشراكة بين القطاعين على مستوى الأقاليم والوحدات الإدارية في الدولة، لكنه يمنح -في ذات الوقت- بعض المرونة لتلك الجهات في ممارسة وتطبيق أطر وتعليمات وفق معطيات الوضع الاقتصادي السائد فيها وبما تقتضيه المصلحة العامة.

الحصة الأكبر

تستأثر القارة الأوروبية وبعض دول آسيا بالحصة الأكبر من مشاريع الشراكة التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية، تأتي بعدها دول أميركا اللاتينية وأميركا الشمالية. وطبقاً لتقارير البنك الدولي فإن ثمة 134 دولة نامية تساهم بحوالي 15-20% من إجمالي الاستثمارات العالمية في البنية التحتية وأصبحت أسواقاً للشراكة. كذلك تشير الأرقام إلى أن القطاع الخاص قام بتمويل قرابة 20% من البنية التحتية بما يقارب 850 مليار دولار في الدول الناشئة والنامية. أما بخصوص التوزيع القطاعي لمشاريع الشراكة، يشكل قطاع النقل الحصة الأكبر (51%) بقيمة 55 مليار دولار وبمعدل نمو بلغ 40% خلال السنوات الست الماضية، يليه الطاقة، ومن ثم الخدمات البلدية (كالمياه وتصريفها). دبي- البيان

دروس

من أهم الدروس المستوحاة من التجارب العالمية، أنه ليس بالضرورة أن تكون جميع مشاريع الشراكة ناجحة بالضرورة، وتحقق أهداف جميع الأطراف المساهمة فيها من دون تلبية شروط نجاحها، من قبيل توفير الإطار التنظيمي والقانوني، واختيار الشريك الخاص الكفء، وتوافر الخبراء والمتخصصين، وضمان وجود مصادر تمويل مستدامة، وقياس كفاءة الخدمة المقدمة.

مشاركة:
طباعة
اكتب تعليقك
إضافة إلى عين الرياض
أخبار متعلقة
الأخبار المفضلة